بعد ابتلاع الخراخير: السعودية في المهرة لـمـــد الأنبوب النفطي

متابعات | 30 سبتمبر | مأرب برس :

لم يتوقف المشروع التوسعي للسعودية بابتلاع 42 الف كيلومتر مربع من الأراضي اليمنية في محافظة حضرموت، والذي كشف الستار عنه «العربي» في الـ10 من أكتوبر 2017؛ فبعدما استكملت شركة «نسما»، التابعة لولي العهد السعودي محمد بن سلمان، مشروع العلامات الحدودية المستحدثة والطريق الأسفلتي والسياج الحديدي على منطقة الخراخير اليمنية في الربع الخالي، كشفت مصادر محلية في محافظة المهرة عن تهجير أكثر من ألفي أسرة مهرية من منطقة ضحية القريبة من الخراخير، منذ مطلع العام الحالي 2018، وتمت إعادة تسكينهم بالقرب من شرورة بداخل نجران.

المصادر أوضحت أنه بعدما قامت «نسما» بتهجير معظم السكان الحضارم من مناطق أم ملح، وسرداب، وخور بن حمودة، وحولتها إلى مخزن للنفط الخام وشبكة أنابيب في الـ2017؛ ها هي اليوم «جمعية جيران الخيرية للخدمات الاجتماعية، تتولى تقديم مبالغ مالية مغرية لسكان منطقة ضحية للقبول بإخلاء المنطقة والانتقال للسكن في الداخل السعودي ببطائق (تابعية)».
وقالت المصادر إن «الملك سلمان بن عبدالعزيز، وجه أمير منطقة نجران بإعادة توطين البدو الرحل من سكان منطقة ضحية، وتأمين مقر لاستقرارهم وتوفير المواد العينية والاحتياجات الضرورية»، لافتةً إلى أن «أن جمعية جيران قامت بتوزيع المواد الغذائية والبطانيات والفرش المقدمة من الحكومة السعودية».

 مؤامرة كبيرة

تداعى المئات من أبناء المهرة الى منطقتي شحر وضحية في أغسطس الماضي، بعد اكتشافهم أعمدة إسمنتية في رمال ضحية كعلامات حدودية جديدة بين المهرة والخراخير، تقوم بغرزها شركة مقاولات تحمل معداتها شعار «مركز سلمان للإغاثة»، واقتلعوا عدداً من أعمدة الإسمنت وعادوا للاعتصام في مديرية المسيلة للتنديد بـ«الاستعمار السعودي»، والمطالبة برحيل قوات «التحالف» التي قدمت إلى المهرة العام الماضي وتموضعت في مطار الغيظة، ورماه، وثمود، وحوف، ونشطون، بذريعة مكافحة تهريب الأسلحة الإيرانية إلى «الحوثيين».

وبعد إطلاع الوكيل السابق لمحافظة المهرة والصوت الأعلى المناهض للتواجد السعودي والإماراتي، علي سالم الحريزي على مقدمات المشروع التوسعي للسعودية، تحرك موكبه من مديرية حات الأسبوع الماضي إلى ساحة الاعتصام في المسيلة، داعياً المهريين إلى «الاحتشاد في الغيظة وكافة مديريات المحافظة لمناهضة الاحتلال السعودي».
وخاطب المعتصمين بقوله: «نحن أمام مؤامرة كبيرة، ومستعدون للتضحية بكل ما نملك في سبيل حماية أرضنا»، تاركاً للقوات السعودية خيارين، «إما الرحيل عن أرضنا أو مواجهة إبادة جماعية».

 وتساءل الحريزي: «هل يعقل أن يتم إعادة إعمار اليمن من منطقة الخراخير في الربع الخالي؟».

واجه النظام السعودي الخطاب الناري للحريزي وتحركاته النشطة ببرقية من اللجنة الأمنية لـ«التحالف» في حضرموت إلى قائد محور الغيظة، تضمّنت التوجيه باعتقال الحريزي الذي «يشوه صورة التحالف، ويثير الفتن، ويمنع فريق المسح الأمني التابع للمركز السعودي من إعادة إعمار وتنمية اليمن الذي يقوم بمسح طريق الخرخير»، لترد الأخيرة بالاستنكار، واعتبار التوجيه تدخلاً في شؤون المهرة، وتتسارع الأحداث ويودِّع المهريون استقرارهم وسكينتهم لمواجهة العاصفة القادمة من صحراء الربع الخالي، محملة بالجرافات والمدرعات والأسلحة الثقيلة.

 تحت مظلة الإعمار

فريق المسح السعودي لا علاقة له بإعمار اليمن، فالمهرة لم يصل إليها «الحوثيون» ولم تطلها نار الحرب المستعرة منذ العام 2015، ولم تشهد أي اضطرابات منذ عقود، كما لم يتقبل المراقبون الربط بين حادثة سقوط المروحية السعودية قبل أيام في أراضيها بمكافحة الإرهاب، فالمحافظة خالية من التطرف.

مغتربون يمنيون يعملون كسائقين لشاحنات في شركة «الروسان» للمقاولات بنجران، كشفوا لـ«العربي» عن نقل الشركة كميات كبيرة من أنابيب النفط من مركز زارة التابع لأرامكو على حدود السعودية مع الإمارات وعمان الى رماة وثمود وحضية بالمهرة»، مؤكدين «ربط أرامكو حقول النفط في الربع الخالي بأنبوب رئيسي تواصل مده في الخراخير باتجاه منطقة حات في المهرة».

وأفادت مصادر محلية لـ«العربي»، عن «منع القوات السعودية المتواجدة في مديرية سيحوت السكان المحليين من رعي جِمالهم في منطقة درفات الساحلية، لكونها منطقة عسكرية محظورة، كما تمنع الصيادين من الاقتراب من ساحل سيحوت».

وأضافت أن «شركات أجنبية تحميها قوات سعودية قامت بتسوير ميناء نشطون على مساحة كبيرة، وتنفذ حالياً توسعة للرصيف البحري للميناء وتركيب رافعات وانابيب خاصة بالسفن النفطية»، لافتة إلى «نصب القوات السعودية أبراج مراقبة من ميناء نشطون الى صحراء رماه».

 مقدمات الدمار

وبجانب القوات السعودية، لا تزال قوات إماراتية تتمركز في معسكر بالقرب من مطار الغيظة، وقال ضابط في اللواء 137 مشاة تحدث إلى «العربي» شريطة عدم ذكر اسمه، إن «المعسكرات السعودية والإماراتية تستقبل يومياً عشرات المجندين من أبناء المهرة ومن خارجها، ولم تعرف حتى اللحظة المهام التي ستوكل إليهم».

 هذا السباق المحموم على السيطرة والنفوذ، أثار مخاوف سلطنة عمان التي تعتبر المهرة امتداداً استراتيجياً لها، وترتبط بعلاقات قوية مع سكانها وقياداتها المجتمعية، لتنشر لواءً عسكرياً مزوداً بأضخم وأحدث الأسلحة والمعدات على طول حدودها مع اليمن، وتعززه بدفعات من الكتائب، بحسب ما نقلته وسائل إعلام عمانية، وذلك تحسباً لأي محاولة لاستهدافها من الأراضي المهرية، فضلا عن خشيتها من تصدير الفوضى الى حدودها مع اليمن.

وفي الوقت الذي يرتفع الصوت المهري المطالب برحيل قوات «التحالف»، تمضي السعودية في مشاريعها التي ستحيل المهرة مسرحاً لفوضى مدمرة .

مقالات ذات صلة