قضية خاشقجي تغيّر معادلات حرب التحالف السعودي على اليمن..!

متابعات | 26 اكتوبر | مأرب برس :

قالت ليز غراندي منسقة الأمم المتحدة للمساعدات إلى اليمن  لـ BBC أن ما بين 12 إلى 13 مليون مدني معرضون للخطر. وأضافت: “اعتقدنا أنه في القرن الواحد والعشرين لن نرى مشاهد المجاعة التي رأيناها في إثيوبيا أو بنغلاديش وهذا أمر غير مقبول”.

سبع سنوات من التشنجات السياسية – حرب وتدخل عسكري – قرره ولي العهد السعودي محمد بن سلمان – الرجل الذي هو أيضاً على المقعد الساخن في قضية اغتيال جمال خاشقجي.

الصدى الضئيل لهذا الصراع يعود بالدرجة الأولى إلى أنه قلة من الصحفيين قادرين على الوصول إلى هناك وأولئك الذين يقومون بذلك يواجهون مخاطر كبيرة. وقد تم تقديم جائزة “تقرير حرب “قبل ايّام في بايو إلى المراسل العالمي جان فيليب ريمي عن سلسلة مثيرة للإعجاب حول اليمن بعنوان “الحرب خفية”.

لكن هناك أيضاً سياق استراتيجي لا يمكن التغاضي عنه يشرح صمت الدول. عندما شكل الأمير محمد بن سلمان ائتلافاً دولياً لإزاحة من سماهم بـ “المتمردين الحوثيين” من العاصمة اليمنية في عام 2015 حصل على دعم من الولايات المتحدة وفرنسا وهما من أكبر مزوديه بالأسلحة.

بالنسبة لهذا الأمير الطموح فقد كانت مبادرته عبارة عن تحدي لكي يظهر أن العالم السني أخذ زمام المبادرة ضد تقدم ايران والتي اتهمت بالوقوف وراء تقدم القوات اليمنية ودعمهم في اليمن. كان يعتقد أن الحرب ستكون سريعة.لكنها لم تكن كذلك.

منذ ذلك الحين أصبحت هذه الحرب مستنقعاً والخيار العسكري لا يجدي نفعاً ومع ذلك تستمر التفجيرات المحاولات للوصول إلى حل سياسي وصلت إلى طريق مسدود.

هل يمكن أن تغير قضية خاشقجي اللعبة؟

ترامب : يبدو من المؤكد أن خاشقجي قد مات ويتعين أن تكون العواقب بالغة الشدة.

اختفاء الصحفي يخلق حركة غير مسبوقة من الضغط على الرياض ويضع ولي العهد في موقف دفاعي. ولكن في الوقت الراهن لا أحد من حلفاء المملكة مستعد للتخلي عنها ولا حتى قادر على انتقادها بحدة لأنها تمثل لهم عنصراً هاماً وشريكاً استراتيجياً واقتصادياً لايمكن التفريط فيه بسهولة وبمجانية على الأقل في الوقت الحالي كما لخصه وزير الاقتصاد الفرنسي عندما سئل عما إذا كانت مقاطعته منتدى “دافوس الصحراء” تعني إعادة النظر في العلاقات بين باريس والرياض فأكد “لا، إطلاقاً” موضحاً أن “السعودية شريك استراتيجي لفرنسا على أكثر من صعيد وهذا لا يعيد النظر في هذه الشراكة الاستراتيجية”.

تعرف فرنسا جيداً أن هذه الحرب على اليمن ليس لها أي معنى عسكري ولها عواقب وخيمة على السكان المدنيين. لكنها لا تزال حذرة في مواقفها رغم أنها في نفس الوقت وضعت مشروع لجنة برلمانية للتحقيق حول دور الأسلحة الفرنسية في الحرب باليمن مشروع ينتظر أن تتم المصادقة عليه خلال الأيام او لنقل خلال الأسابيع المقبلة.

تعددت المواقف والهدف واحد:

تعتبر مقاطعة “دافوس الصحراء” خطوة سيئة لأن السعودية لديها حاجة حيوية للتنويع

فرنسا وألمانيا وبريطانيا وهولندا تتخذ قراراً جماعياً ضد السعودية

أعلنت عدة شخصيات بارزة مقاطعتها لـ “دافوس الصحراء” المؤتمر الاقتصادي الذي نظمته السعودية في الرياض في حين أن الشكوك القوية تلقي بثقلها على البلاد بعد اختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

أعلن وزير الخزانة الأمريكي ستيفن منوشين و رئيسة صندوق النقد الدولي (FMI) كريستين لاجارد ووزير الاقتصاد الفرنسي برونو لو مير ووزير الاقتصاد الهولندي فوبكه هوكسترا ونظيره الألماني وقائمة موسعة من الوزراء والرؤساء التنفيذيين أنهم لن يذهبوا إلى الرياض بسبب الشكوك التي تحيط باختفاء الصحفي السعودي جمال خاشقجي.

وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على أن العالم كان ينتظر “القشة التي ستقصم ظهر البعير” أمام صمت رهيب حيال مايحصل باليمن الانتقادات لتدخل السعودية كانت تدور بالكواليس وكانت المصالح الجيوسياسية قد طغت على النزعة الإنسانية في صراع كان أحد أطرافه شريك مهم للغرب وحليف له في السراء والضراء.

في مواجهة الضغط بعد اختفاء جمال خاشقجي ينظر حكماء العائلة الحاكمة في قضية محمد بن سلمان. هناك شيء واحد مؤكد: من خلال كسر التوافق بين كبار الأمراء من مختلف فروع الأسرة – العديد منهم تم سجنهم لبعض الوقت من قبل محمد بن سلمان – الرجل الأقوى في الرياض صنع ضده جبهة تضم العديد من الأعداء بين بني سعود. ولكن أيضاً في الحرس الوطني، الجيش البدوي القوي والذي يرأسه الأمير متعب ابن الملك السابق عبد الله والذي تم فصله العام الماضي. ناهيك عن العديد من المعارضين له خارج حدود المملكة.

“كبش فداء” جاهز

“بين اليمنيين الذين يقصفهم، القطريون الذين يحاصرهم، الفلسطينيون الذين يشعرون بالإحباط بسبب تحركاته وتطبيعه مع إسرائيل، الأتراك، الإيرانيين، والآن جزء من الأميركيين بالإضافة إلى الإعلام الأنغلوساكسوني… الأعداء كثر ” هكذا أسر دبلوماسي فرنسي رفيع المستوى لجريدة “لوفيغارو” والذي يحذو حذو الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في انتظار الحصول على مزيد من المعلومات” للتصويت على تدابير انتقامية محتملة ضد الرياض.

رغم محاولة إيجاد “ستراً ملائماً” لهذا الوضع المحرج إلا أنه من المؤكد أن حلفاء المملكة قد يجدون مخرجاً ملائماً ومريحاً للملك سلمان على عكس ابنه وولي عهده الذي قد يكون كبش الفداء والذي تروج إشاعات لتعويضه على المدى المتوسط بأخيه الأمير خالد سفير المملكة العربية السعودية بالولايات المتحدة الأميركية.

لكن هل هذا الحل -الذي قد يكون حسب رأينا خلاصة تعاون تركي أميركي – سيرضي الملك؟ وهل سيضطر لتغيير ولي عهده قريباً؟

وهل ستكون وفاة جمال خاشقجي بداية ولادة موقف صريح وتدخل فعلي إزاء ما يحصل باليمن؟

المعروف أن الضغط يولد الإنفجار لكن هذه المرة انفجار قضية اغتيال خاشقجي ولد الضغط على الغرب إزاء ما يحصل باليمن.

سيناتور أمريكي: حرب اليمن كارثة ويجب وقف أي دعم للسعودية

دعا السيناتور الأمريكي بيرني ساندرز إلى وقف أي مساعدة أمريكية مقدَّمة للسعودية في حرب اليمن معتبراً أنها كارثة كبيرة يجب ايقافها.

وأضاف في مقال له بصحيفة نيويورك تايمز ساندرز إنه بصدد  تقديم مشروع قانون للتصويت عليه في الكونغرس الأسبوع المقبل يقضي بوقف أي مساعدة مقدَّمة للسعودية في حربها باليمن.

ولفت ساندرز إلى أن بلاده منخرطة بقوة في هذه الحرب فهي توفر القنابل التي يستخدمها التحالف بقيادة السعودية كما تزود الطائرات الأمريكية طائرات التحالف بالوقود بالإضافة الى تقديم الخدمات الإستخباراتية.

واكد أن هذه الحرب لم تخلف وراءها سوى كارثة إنسانية في هذا البلد الفقير كما أن الكونغرس لم يمنح  الإذن بالتدخل الأمريكي في هذه الحرب وبالتالي هي غير دستورية كما تنص المادة الأولى من الدستور والتي تشير إلى أن الكونغرس وليس الرئيس هو من يملك سلطة إعلان الحرب.

واشار ساندرز إلى أن هناك العديد من الأهداف المدنية التي قصفها الطيران السعودي من بينها وأكثرها فظاعة قصف باص لطلاب مدرسة ما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات حيث أشار تقرير لشبكة cnn، أن هناك أدلة على أن القنابل المستخدمة في هذا القصف هي قنابل أمريكية.

كما انتقد ساندرز إعلان وزير الخارجية مايك بومبيو، ومعه وزير الدفاع جيمس ماتيس بأن السعوديين والإماراتيين يبذلون كل جهد ممكن من أجل الحد من وقوع إصابات بين المدنيين موضحاُ أن البيانات تدحض مثل هذه الأقوال بحسب مجموعة مراقبة البيانات المستقلة اليمنية والتي أكدت أن أكثر من 30% من أهدافهما في الفترة ما بين آذار /مارس 2015 وآذار /مارس 2018 كانت غير عسكرية.

ولفت ساندرز إلى أنه إضافة إلى ما خلفته حرب اليمن من كوارث إنسانية عديدة إلا انها ساهمت في تقوية الإرهابيين في اليمن فقد أشار تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية صدر عام 2016 إلى أن الحرب ساعدت تنظيم القاعدة وتنظيم داعش على زيادة وجودهم ونفوذهم في البلاد

كتب : سيلين جريزي – أكاديمية وكاتبة مختصة بالقضايا العربية في باريس

مقالات ذات صلة