الإمارات: «المليشيات» و«الانتقالي» لضرب «وحدة» الجنوب

متابعات | 6 نوفمبر | مأرب برس :

وضعت الإمارات يدها على المفاصل الرخوة في الجسد الجنوبي، تفننت في وضع خطط تفتيت النسيج الإجتماعي، وصهرته في «كانتونات» صغيرة متناحرة متنافرة، سياسياً وقبلياً ومناطقياً وحتى عسكرياً.

استهلت أبوظبي مشاريعها التخريبية في الجنوب، مستلهمة خطة الرئيس عبدربه منصور هادي، في ضرب وحدة قوى «الحراك» التي أخذت طوراً تصاعدياً في «مؤتمر الحوار الوطني»، بإيجاد فصيل «هلامي» مستعد للتوقيع على «بياض» على مخرجات المؤتمر.

بقيت الإمارات تلعب بـ«البيضة والحجر» في علاقتها مع «الشرعية» واستخدامها لقفازات «الحراك» حتى إقالة عيدروس الزبيدي، من منصبه كمحافظ عدن، ومعه هاني بن بريك، الوزير «بلا وزارة»، لتسارع في إنضاج « طبخة»، تشكيل سياسي جنوبي، بمسمى «المجلس الانتقالي الجنوبي»، ضم في عضويته قيادات لا تربطها أي علاقة بـ«الثورة الجنوبية»، وكانت حتى أمد قريب تناصب العداء من يرفع رايات الدولة الجنوبية السابقة، ويدعو إلى الانفصال.

أنجبت الإمارات المجلس «مفخخاً» من داخله بعناصر تمتلك القدرة على نسفه، كالقيادي السلفي هاني بن بريك والقيادي في حزب «المؤتمر» أحمد لملس، وهو ما أثار حفيظة قوى جنوبية أخرى، غردت «خارج السرب» الإماراتي، وبدأت تدرك أبعاد مخططات أبو ظبي، التي نزعت أيضاً لتنصيب قيادات في المجلس بخلفية قبلية، سهلت أمامها فرصة السيطرة على مناطقها بقوة السلاح، وبحماية «الأحزمة» الأمنية و«النخب»، التي بدأت تتعدى مهامها حدود مكافحة الإرهاب إلى ملاحقة نشطاء «الحراك» واعتقالهم وتعذيبهم وحتى تهديدهم بالقتل، في حين تتغافل عمداً عن رواج تجارة المخدرات والكحول الذي بات يفت في عضد الشباب الجنوبي.

يرى الصحافي عبدالرقيب الهدياني في حديث إلى «العربي» أن «النظرة السوداوية» لأذرع الإمارات العسكرية، «بالإمكان تجاوزها، في أي تسوية، حيث ستكون جزءاً من جيش الدولة الفيدرالية أو الأقاليم»، لكنه يعود ويستدرك «نخشى أن نكون أمام مسعى للإمارات لتوظيف هذه القوى للحفاظ على مصالحها، وإشاعة الفوضى والعبث في الجنوب».

    «القبيلة لا تدير الدولة، إنما القرية تفعل»

تفتيت المجتمع

ويؤكد أن «الإمارات صنعت تشكيلات للأحزمة الأمنية في عدن ولحج وأبين والضالع، ونخباً في شبوة وحضرموت، استكمالاً لمخططها لتفتيت المجتمع وإضعافه كي لا يستطيع التصدي لنواياها الاستعمارية»، ويضيف «حتى تصفية الأئمة والقيادات العسكرية والأمنية، ترمي إلى ضرب قوى المجتمع؛ حتى يكون ضعيفاً، سهل الانقياد».

يخالف الهدياني، فكرة أن «التحالف» وجد ضالته في «إعادة القبيلة إلى الواجهة»، لتمكينه في الجنوب، ويرى أن «القبيلة لا تدير الدولة، إنما القرية، فالقبيلة ضربها النظام الاشتراكي، لكن القرية اليوم تحكم، أبناء الضالع ويافع وردفان في عدن، ينشرون الفكر والممارسات القروية غير المدينة، عسكروا عدن، حتى تصاعدت أصوات ترفض قرويتهم وترفض سلطتهم، وإمكانية عودتهم إلى الحكم في أي مكان كان».

الصحافي ياسر اليافعي يقول: «أعتقد أن مصير الأحزمة والنخب، سيرتبط بالتسويات السياسية القادمة، ومدى استيعاب المجلس الانتقالي في العملية التفاوضية وإيجاد حلول سلام دائمة»، مضيفاً «هذه القوات تمثل شريحة كبيرة من أبناء الجنوب، وأي تجاهل لها أو تهميش ستكون نتائجه عكسية على عملية السلام؛ لأنها ترتبط بشكل أساسي بالقضية الجنوبية، وإيجاد حلول سلمية شاملة يرتضيها شعب الجنوب».

ويرى أن «هذه القوات ستكون مكسباً لهذه المحافظات كونها أثبتت جدارتها في مكافحة الإرهاب، ووصلت إلى مناطق لم تصل إليها الدولة من قبل، وبفضلها تراجعت العمليات الإرهابية في كل الجنوب بعدما كانت محافظات كاملة تحت سيطرة هذه التنظيمات».

مخدرات و«ربيع عربي»

يتفق اليافعي مع فكرة أن انتشار المخدرات في عدن هي «عملية مرتب لها»، ويحدد تاريخ ظهورها على نحو مكثف «بداية ما يسمى ثورات الربيع العربي في العام 2011، حيث كانت تستهدف تجمعات الشباب، واستمر انتشارها مع غياب دور الدولة وأجهزتها».

ويشير إلى أن «كمياتها وطرق تهريبها تؤكد أن العملية منظمة وتستهدف الشباب الجنوبي»، كما يربطها بـ«عمليات تجنيد الشباب في الجماعات الإرهابية والجماعات المسلحة الأخرى»، فيما يعرب عن اعتقاده بأن الحل يكمن في «تفعيل أجهزة الدولة لمحاربتها».

    الخطة (ب) للإماراتييين لتفتيت اللحمة الجنوبية كانت تشكيل «المجلس الانتقالي الجنوبي»

الناشط في «الحراك» صبري باعكيم، يقول: «لقد بدأت الإمارات بضرب وحدة النسيج الجنوبي بإنشاء تشكيلات وكتائب عسكرية هي أشبه ما تكون بالميليشيات المحصورة في مناطقها، فقوام النخبة الحضرمية من الحضارم، والشبوانية من أبناء شبوة، والحزام الأمني من لحج، واللجان الشعبية من أبين، وكل هذه التشكيلات مرتبطة بالإمارات وتأتمر بأوامرها».، ويضيف «لاحظوا أن البداية كانت بوضع حدود فاصلة بين المحافظات الجنوبية، جدارها الأسمنتي مليشيات مسلحه، في مرحلة لاحقة تم تصنيفها على أساس قبلي بحت، كل قبيلة تتحكم في مربعها ويمنع على أبناء القبيلة المجاورة في نفس المنطقة تجاوزها إلا بحدود، واستطيع القول إن هذه مقدمة لإغراق الجنوب في مواجهات دموية قد تمتد لسنوات».

يؤيد الناشط في المجتمع المدني فرج قاسم، ما ذهب إليه باعكيم، ويرى بأن الخطة (ب) للإماراتييين لتفتيت اللحمة الجنوبية كانت تشكيل «المجلس الانتقالي الجنوبي»، ومن ثم «سلخه» ككيان عن قوى «الحراك» الأخرى التي كانت «تتصارع في السابق، على الزعامة، واليوم بات معظمها يتصارع على العمالة لأكثر من دولة».

ويضيف «ما الذي تنتظره عندما يكون داخل المنزل الجنوبي الواحد، شاب من أنصار الانتقالي، شقيقه الآخر من أتباع حراك باعوم أو فؤاد راشد، وأخوهم الثالث ينتمي إلى حزب الإصلاح أو عضو في المؤتمر»؟

ويختم «كنا في الماضي نعاني من التعصب الرياضي، اليوم نعاني من التعصب السياسي والمناطقي والقبلي الذي تؤججه الإمارات بأدوات رخيصة، والنهاية حتماً ستكون مأساوية على الجميع».

(العربي)

مقالات ذات صلة