هل تحولت الإمارات إلى واجهة لتجارة الألماس الإسرائيلي؟

متابعات | 18 مارس | مأرب برس :

لم تعد تقتصر العلاقات الإماراتية مع الكيان الإسرائيلي على زيارات الوفود المتبادلة، فالدولة الخليجية تحولت في السنوات الأخيرة إلى واجهة لتجارة الألماس الإسرائيلي وملاذاً رئيساً لمهربي هذه الأحجار الكريمة الإسرائيليين.

وتعد دبي مركزاً رئيساً لنشاط تجارة الألماس الإسرائيلي، الذي يشكل جزءاً كبيراً من اقتصاد إسرائيل، بما نسبته 13% من إجمالي صادرات السلع.

وفي تقرير حديث كشفت صحيفة “يديعوت أحرونوت” الإسرائيلية، أن الإمارات تقيم علاقات مهمة مع إسرائيل، مدفوعة بازدهار تجارة الألماس بين الجانبين.

وذكرت الصحيفة أن نشاط تجارة الألماس، الذي يتخذ من دبي مركزاً له، يعتبر قمة العلاقات التجارية المزدهرة بين إسرائيل والإمارات.

وقالت: “إذا دخلتَ مكاتب تجارة الألماس في دبي، ستجد (مزوزاً) على الباب، وهو يرمز إلى الهوية اليهودية، ويضعه بعض اليهود أيضاً عند مدخل منازلهم وأماكن عملهم”.

و”المزوز” في اليهودية هو رَقٌّ مستطيل الشكل، تُكتب عليه جمل عبرية، وعلى الجانب الآخر من الرَّق تظهر كلمة “شدّاي”، وهي أحد أسماء الرب في اليهودية، وتتكون من الحروف الأولى لكلمات ثلاث: أي “حامي أبواب إسرائيل”.

تجارة سرية

ويقول أحد تجار المجوهرات الفلسطينيين في إسرائيل: إن “كثيراً من البضائع الإسرائيلية تُعرض في الإمارات، ومن ضمنها الألماس والمجوهرات”.

ويضيف التاجر، الذي طلب عدم ذكر اسمه: إنه “لا تَعرض المتاجر بالإمارات ودول خليجية وعربية أخرى الألماس الإسرائيلي علناً، حيث يتم الذهاب بهذه الأحجار الكريمة إلى دول أوروبية وتصديرها من هناك إلى الإمارات”.

ويوضح أن متاجر الألماس بالإمارات، خاصة في إمارة دبي، التي تتعامل مع البضائع الإسرائيلية، ما زالت لا تفضل الإعلان رسمياً عن مصدر الألماس الذي تعرضه، حتى لا تواجه حملات المقاطعة المحلية والدولية.

ويرى أن “إسرائيل تستغل إمارة دبي، لكونها مركز تجارة دولياً، لترويج الألماس الذي يعد مصدر دخل مهماً للبلاد”.

ولا يملك التاجر الفلسطيني أرقاماً دقيقة لحجم تجارة الألماس بين إسرائيل والإمارات، لكنه قال إنها تقدَّر بملايين الدولارات.

وتأكيداً لما تحدث به تاجر المجوهرات الفلسطيني، أوردت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في تقريرها عن هذه القضية، أنه “لا توجد رحلات جوية مباشرة متاحة تجارياً بين إسرائيل وإمارة دبي؛ ومن ثم لا توجد صادرات مباشرة بين شركات الألماس في إسرائيل ونظيراتها في دولة الإمارات العربية المتحدة”.

وذكرت الصحيفة أن هذه الشحنات من الألماس تمر من خلال بلد ثالث وهو سويسرا، ويجري تسويقها على أنها تجارة سويسرية-إماراتية، للتغطية على العلاقات بين الجانبين.

ألماس “إسرائيل” للعرب

من جانبه، قال حاييم إيفن زوهر، وهو أحد مؤرخي صناعة الألماس الإسرائيليين، في تصريحات نقلتها صحيفة “معاريف” الإسرائيلية: إنه “من خلال بورصة دبي، تستطيع إسرائيل بيع الألماس إلى العالم العربي ودول الخليج”.

وأضاف زوهر، الذي يزور الإمارات بشكل متواصل: “في دبي لا يحبون العلانية، إنهم يعملون بهدوء”.

وأشار إلى أن “بورصة دبي تؤمّن خدمات لـ500 شركة، وتشكل مركزاً للتجارة بدول الخليج، لذلك تستغلها شركات الألماس الإسرائيلية”.

ووفق صحيفة “معاريف”، فإن الملياردير الإسرائيلي ليف ليفاييف يملك معرضاً للألماس بإمارة دبي يحمل اسم “ليفانت”.

وذكرت أن ليفاييف ليس تاجر الألماس الإسرائيلي الوحيد الذي يعمل في دبي، فقد افتتح بعض التجار الإسرائيليين معارض لهم هناك.

ولفتت إلى أن تجار الألماس الإسرائيليين ضيوف دائمون على بورصة الألماس في دبي، وبعضهم يدخلها بجوازات سفر إسرائيلية.

وأوضحت الصحيفة أنه قبل إنشاء بورصة دبي كانت تجارة الألماس بالإمارات ضعيفة، وبلغت نحو 5 ملايين دولار فقط، لكنها في السنوات الأخيرة بلغت 35 مليار دولار، من بينها ألماس إسرائيلي بقيمة 300 مليون دولار.

وفي السياق، قال تاجر الألماس الإسرائيلي إيال بديحي، في تصريحات للصحيفة العبرية ذاتها: إن “أثرياء من السعودية والبحرين يشترون الألماس الإسرائيلي من بورصة دبي، ويبحثون هناك عن البضائع الكبيرة والجميلة”.

وأضاف بديحي: “السلطات الإماراتية تسمح بصمت ومن دون الإعلان رسمياً، لتجار الألماس الإسرائيليين بدخول دبي”.

وأشار إلى أنه أبرم صفقتين مع تاجر ألماس من دبي: الأُولى بمبلغ 221 ألف دولار، والثانية بمبلغ 283 ألف دولار.

ملاذ آمن

كما أن دبي، المدينة المعروفة بكونها ملاذاً لغسل الأموال، والنشاطات التجارية غير المشروعة والمخدرات في العالم، أصبحت ملجأً مهماً لمهربي الألماس الإسرائيليين.

والعام الماضي، حذَّر تقرير لوزارة الخارجية الأمريكية من أن المناطق الاقتصادية الحرة بدبي، وتجارة الإمارة في الذهب والألماس تشكل مخاطر.

وأضاف التقرير: إن هذه “البيئة المتساهلة لها تبعات على الأمن العالمي، أبعد بكثير عن رمال الإمارات”.

وأوضح أنه “في اقتصاد عالمي متشابك تنخفض فيه الحواجز أمام حركة الأموال، يمكنأن تفتح نقطة ضعف واحدة في الهيكل التنظيمي المجال أمام شتى أنواع اللاعبين الدوليين في الأنشطة الإجرامية”.

وتعتبر “إسرائيل” رائدة عالمياً في تجارة الألماس وصقله، وبحسب البيانات التي يصدرها مجلس الألماس العالمي فإنها تصدّر سنوياً من هذه الأحجار الكريمة ما قيمته 50 مليار دولار.

وقد اتهمت لجنةُ خبراء في الأمم المتحدة دولةَ الاحتلال، في عام 2009، رسمياً، بالتورط في تصدير الألماس بطريقة غير قانونية من أفريقيا.

واتهم التقرير، في ذلك الوقت، التجار الإسرائيليين بعلاقتهم المباشرة بتجارة الألماس الدموية، خاصة في ساحل العاج وسيراليون.

ورغم أن مجلس الأمن الدولي أصدر عدة قرارات في نهاية التسعينيات من القرن العشرين، تمنع وتقيّد استيراد الألماس الخام من مناطق النزاعات في القارة الأفريقية، لمنع استخدام العائدات المالية في إطالة أمد الصراعات، فإن العمليات التي تنفذها “إسرائيل” لسرقة الألماس الأفريقي ما زالت متواصلة.

يُذكر أن الاحتياطات المعدنية في قارة أفريقيا تصل إلى 30% من الاحتياط العالمي، وتمتلك القارة 95% من احتياطي الألماس في العالم.

وتنتج 50% من إجمالي إنتاج العالم في هذا الحجارة الكريمة. وتحصل “إسرائيل” على معظم حصة مجموعة دول أفريقيا من الألماس الخام.

وحسب أحدث بيانات دائرة الألماس والأحجار الكريمة والمجوهرات في وزارة الاقتصاد والصناعة الإسرائيلية لعام 2016، فإن صادرات الألماس الخام زادت بنسبة 23.1% والواردات زادت بنسبة 16.7%.

الخليج أونلاين

مقالات ذات صلة