هل يعاقب ابن سلمان بعد تقرير الأمم المتحدة وما هو مصيره؟

لم يكن تقريراً عادياً أو عابراً خرجت به مقررة الأمم المتحدة لجرائم القتل خارج نطاق القانون “أنييس كالامار” بل جاء بعد عمل شاق استمر لمدة 6 أشهر ليخلص هذا التقرير إلى توجيه أصابع الاتهام مرة جديدة إلى ولي العهد السعودي محمد بن سلمان في قضية مقتل خاشقجي، وتحدثت كالامار عن أدلة دامغة بخصوص هذا الأمر، وبالتالي فإن هذه النتائج ستضع مستقبل ابن سلمان على المحك، وتحرج الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي دافع عن الأمير الشاب طوال الأشهر الماضية، فهل سيتمسّك ترامب بولي العهد السعودي أم سيرفع عنه الغطاء هذه المرة؟.

لم تكتفِ المحققة بالإشارة إلى تورط ابن سلمان في جريمة خاشقجي بل دعت أيضاً إلى توسيع نطاق العقوبات لتشمل ولي العهد وثروته الشخصية إلى أن يتمكن من إثبات عدم تحمله أي مسؤولية، وقالت إن الإعلامي السعودي، جمال خاشقجي، قتل بصورة متعمّدة وأن السعودية هي المسؤولة.

ووفقاً للتقرير الذي يستند إلى أجهزة استخباراتية من تركيا وغيرها، فإن خاشقجي وبعد دخوله إلى مبنى القنصلية مطلع تشرين الثاني الماضي حُقن بمادة مهدّئة ووضع كيس بلاستيكي على رأسه وخُنق.

وطالبت كالامار، السعودية بإنهاء محاكمة أكثر من 11 مشتبهاً بهم في مقتل خاشقجي بسبب عدم الامتثال للمعايير المطلوبة.

ودعت المقرر الأممي، الجمعية العامة والمفوضية السامية لحقوق الإنسان لإنشاء آلية للتحقيق في مقتل الصحفيين والمدافعين عن حقوق الإنسان، كما دعتها أيضاً إلى الاعتذار لتركيا وأمريكا وعائلة خاشقجي والإقرار بقتل الصحفي.

وطلبت كالامار، من مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي البدء في تحقيق خاص بشأن مقتل خاشقجي.

كما دعت المقررة إلى فرض عقوبات دولية على ولي العهد السعودي والجناة المحتملين في مقتل خاشقجي.

ودعت كالامار، مجلس الأمن الدولي إلى عقد اجتماع غير رسمي لتقييم تأثير مقتل خاشقجي على الوضع الأمني.

وردّاً على سؤال عما إذا كانت الولاية القضائية العالمية تعني احتمال تنفيذ اعتقالات في الخارج للمشتبه فيهم، قالت أنييس كالامار مقررة الأمم المتحدة الخاصة بالإعدام خارج نطاق القضاء للصحفيين “بالتأكيد حينما وأينما تثبت مسؤولية هؤلاء الأفراد، بما في ذلك المسؤوليات على مستوى يستدعي الاعتقال”.

ما هي الاحتمالات المتاحة أمام ولي العهد السعودي بعد هذا التقرير؟

أولاً: لا شكّ بأن ابن سلمان أصبح أضعف وأقل شأناً على الساحة الدولية بعد مقتل خاشقجي، ورأينا ذلك من خلال التظاهرات التي خرجت للتنديد بجريمة القتل والحرب على اليمن في العديد من الدول كما اعترضت العديد من شعوب العالم على زيارة ابن سلمان إلى بلادهم ومنهم دول عربية، ورأينا كيف كان ابن سلمان معزولاً خلال قمة العشرين التي أقيمت في الأرجنتين قبل عدة أشهر.

في الحقيقة شوّهت عملية القتل هذه مكانة محمد بن سلمان وصورته التي دفع مليارات لتحسينها عند الغرب وقام بتخطيط برنامج من شأنه تبييض صورة السعودية في الخارج وتقديم نفسه على أنه “المصلح” الذي سيضع البلاد على سكة التطور والديمقراطية إلا أن هذا الأمر سار في منحى آخر، لدرجة أن جريمة القتل الأخيرة أصبحت تشكّل عاراً يلاحق السلطات السعودية إلى سنين طويلة وليس من السهل نسيان ما جرى لأن العالم بأسره “غاضب” من تصرفات ابن سلمان في اليمن وسوريا ولبنان وقطر والسودان ومع بعض الدول الغربية.

ثانياً: خلال التقرير الذي نشرته المحققة اغنيس كالامارد شددت على إجراء تحقيق أمريكي في حادثة قتل خاشقجي، وكأنها تريد إيصال رسالة معينة إلى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي أصرّ على الدفاع عن ابن سلمان عندما انتفض العالم بأسره في وجهه لاسيما داخل الأوساط الأمريكية، ويجب ألّا ننسَ أن نتائج كالامار تتقاطع مع نتائج أن المخابرات المركزية الأمريكية كانت قد أكدت أن لديها أدلة على تورط محمد بن سلمان بنفسه في جريمة مقتل خاشقجي، كما توصل الكونغرس نفسه لنفس النتيجة على المستوى السياسي، وهذا الأمر كفيل بأن يحصر ترامب في “خانة اليك” ويدفع الأمور نحو مستويات معقدة، وما علينا سوى أن ننتظر ونرى ما هي ردة فعل ترامب حيال التقرير الأممي الأخير، ونحن نعتقد بأن ترامب سيقوم بدراسة أي كلمة سينطق بها لأنها ستحسب عليه وقد تتحوّل إلى حجة عليه في حال أثبت الجميع تورّط ابن سلمان بشكل قانوني.

أمام ترامب ثلاث خيارات: الأول: أن يدافع عن ابن سلمان ويبتزه في نفس الوقت للحصول على المزيد من المليارات، مقابل إظهار نفسه بأنه يدافع عنه وعلى ابن سلمان أن يدفع ضريبة ذلك.

الثاني: أن يقف إلى جانب العدالة ويتوافق مع الكونغرس الغاضب عليه أساساً ويعاقب ابن سلمان وبهذا يرفع من رصيده في الانتخابات المقبلة أمام الشعب الأمريكي.

الثالث: أن يبقى صامتاً ولا يعير أي اعتبار للتحقيق الأممي ويتجاهله بالكامل حتى لا يضع نفسه في ورطة هو بغنى عنها، ولكن لا نعلم إن كان الإعلام الغربي سيتركه دون الحصول على إجابة واضحة منه حيال ما يجري.

في الختام.. في حال وجد الملك سلمان أن نجله في دائرة الخطر وبأنه سيلاحق دولياً لا نستبعد أن يقوم بإقصائه أو إبعاده عن الواجهة الإعلامية من جديد حتى تهدأ الأوضاع، وفي حال استمرت التقارير الدولية على هذا النحو ربما يضحّي الملك سلمان ببعض صلاحيات نجله وينتزعها منه، وهنا علينا أن ننتظر ردّة فعل ابن سلمان الذي لن يسمح لأحد بأخذ ما حصل عليه بالقوة “بسهولة”.

“الوقت التحليلي”

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق