الدريهمي.. حصارُ الفناء لإنسانية منسية

منير الشامي

عامٌ وأكثرُ وسكان مدينة الدريهمي الأبرياء يعيشون كُـلَّ لحظة من لحظاته الموتَ البطيء تحت وطأة حصار وحشي محكم فرضته قوى العدوان عليهم، ومنعت إدخالَ كُـلّ شيء عنهم، وفي مقدمة ذلك احتياجاتهم الأَسَاسية من الغذاء والدواء.

شهور متوالية والمدنيون في هذه المدينة المحاصرة أطفالاً ونساءً ورجالاً يقاسون الويلَ والعذاب، الجوع، والمرض، البؤس، والشقاء، حتى وصل بهم الحال ليأكلوا أوراق الشجر وأعوادها، ويصارعون الموت المحقّق الذي قل من ينجو منه، لماذا وما ذنبهم؟؛ لأَنَّهم أبــوا أن يتركوا مدينتهم مرتَعاً لشذاذ الخلق ووحوش الآفاق.

أكثر من عام وهم يتعذبون ليلاً ونهاراً، دون أن يلتفتَ إليهم العالمُ المنافق عديمُ الإنسانية دولاً، وأنظمةً، وشعوباً، ومنظماتٍ دولية ومحلية، وهم يرون مأساتهم، ويسمعون صراخهم، فلا مجيبَ لهم ولا مغيثَ.

هذا الصمت المتعمد عن مأساة إنسانية، هو في الواقع مشاركةٌ لقوى العدوان في ارتكاب أكبر كارثة إنسانية، وتنفيذ لأكبر جريمة حرب كاملة الأركان ومتكاملة العناصر، مع سبق الإصرار والترصد.

هي جريمة حرب ضحيتها إنسانية منسية، ومرتكبها تحالفُ مجرمٌ جعل من الدريهمي مثلاً حياً لهدفه الحقيقي في الشعب اليمني، وكأن لسانَ حاله يقول: هذا هدفي وهذا ما أريده للشعب اليمني، أريد لهم الموتَ البطيء من خلال فرض الحصار المتعمد عليه، وهذا هو هدفي الحقيقي، لا يوجد له هدف سوى ذلك، فأي هدف عسكري سيحقّقه من وراء حصار الدريهمي، وأي مكسب مشروع سيبلغه من وراء ذلك؟

ربما تكون له غاية ثانوية من فرض حصاره على الدريهمي؛ بقصد الضغط على قيادتنا وإجبارها على التحَرّك لفك الحصار بتحَرّك عسكري ليستخدموه ذريعةً للتنصل عن اتّفاق ستوكهولم واتّهام أنصار الله بإفشاله، غير أن ذلك غيرَ منطقي؛ لأَنَّهم قد أفشلوه وخرقوه ونقضوه من اليوم الأول، ومع ذلك فإن التزامَ قيادتِنا الثورية والسياسية باتّفاق ستوكهولم، نابعٌ من أخلاقهم القُــرْآنية نتيجة لحرصهم على الوفاء بالعهد كمبدأ قرآني، وتأكيدٌ للعالم أن الشعبَ اليمن لا ينكث عهداً ولا ينقض ميثاقاً ويتوق إلى السلام العادل والمشرف، وإلا لما توانوا لحظةً واحدة عن فك الحصار عنها أياً كانت النتائج ومهما تعاظمت التضحيات.

هذه الجريمةُ البشعة التي تشرف على تنفيذها دويلةُ الإمارات، هي تأكيد عدواني للشعب اليمني على أن نموذجَ الدريهمي هو نموذج التحرير الذي يريدونه للشعب اليمني، وهو النموذج الذي يسعى تحالفُ العدوان لفرضه على كُـلّ المناطق الخاضعة للجيش واللجان الشعبيّة، من خلال سعيه المستميت لاحتلال الحديدة.

وهذا الذي لا يكون ولن يكون بإذن الله؛ ولذلك فعلى قوى العدوان أن تدركَ أنَّ السكوتَ عن استمرار حصارهم للدريهمي لن يطولَ، وأنَّ الرد عليه لن يكون إلا بضرب رأس الأخطبوط قبل أذرعه، فضربة الرأس ستجبره على رفع أذرعه عن الدريهمي، وعلى الأخطبوط الإماراتي أن يستعدَ، والمثلُ يقول: “إذَا حلق جارك بليت”.

مقالات ذات صلة