متى يتعلم آل سعود؟!

يحيى مقبل

 

كان للإسكندر الكبير أعظمِ القادة التاريخيين امبراطوريةٌ متراميةُ الأطراف تمتد من مصر وحتى البنجاب، وخلال حكمه الذي لم يجاوز اثني عشَرَ عَاماً كان قد أخضع المدنَ الإغريقية وآسيا الوسطى وفينيقيا وفتح إمبراطورية الأكاسرة الأخمينيين.

ورغم عبقريته الفذة التي لم يُهزم معها في أيةِ معركة قط ورغم هالة مجده النصف إلهية -لأَنَّه اعتُبر ابناً للإله زوس-، فقد تعلم أن لقوته حدوداً وأنها ليست مطلقةً، فعندما رفض جيشُه اجتيازَ النهر والتوغل في الهند لم يكن أمام الاسكندر المقدوني إلا الرضوخ لتمرد جيشه والتخلي عن حلمه الكبير المتمثل بالوصول إلى محيط آسيا الخارجي، وقد هضم أكبر خيباته هذه وهو في ذروة مجده وفي عز شبابه وأمر جيشه العظيم بالتراجع.

فتعلم هذا الامبراطورُ المقدوني الشابُّ وهو لم يجاوز الثلاثين من عمره أن لقوته حدوداً وأن جيشه الذي لم يُهزم في معركة قط قد ملَّ القتالَ والفتوحات وأن عليه أن يستريحَ.

أما المعتوهُ السعودي فقد انهار جيشُه أمام كتيبة الملصي في محور نجران، ومنذُ ذلك الحين وهو يحاربُ بلفيفٍ من المرتزِقة من جنسيات عدة، ولم يستطع خلالَ نصفِ عقد أن يسيطرَ على مديرية واحدة من محافظة صعدةَ، وعجز عن أن يوفرَ الحمايةَ لمنشآته الحيوية التي تمد العالم بخمسة بالمِئة من احتياجات الطاقة أمام مسيّرات بدائية الصنع، ومع ذلك لم يتعلم أنه واهي القوة وفاشلٌ وبلا مجد وأن عليه أن يجرجرَ ذيولَ الخيبة ويُنهيَ الحربَ بل ويعتزل السلطة وَإذَا لم يجد مخرجاً يحفظ ماءَ وجهِه فعليه الانتحار، فهتلر رغم أنه واجه بمفرده نصفَ العالم فقد فضّل الانتحارَ على أن يواجه العالم بخسارته، وقد اكتفت إسرائيل في حربها مع حزب الله بشهر واحد لتتعلمَ أن قوتَها ليست مطلقةً وأنها متى تجاوزت حدودَها خارت وهانت.

وقد قبل أردوغان الذي يرى أنه وريثُ الإمبراطورية العثمانية بوقف عملية “نبع السلام” رغم توغله في الشمال السوري، أما بن سلمان فقد قاد تحالفاً عريضاً وواجه بسلاح العالم حفاةً أغلبُهم من المتطوعين وَلم يحقّق سوى الفشل والعار، وقد تخلى عنه حلفاؤه وتركوه وحيداً غارقاً في الوحل إلى أُذُنَيه، ومع ذلك لا زال يتصرفُ بغير بصيرة، فمرةً يستجدي الوسطاءَ ويبعثُهم إلى خصومه وحين يصرّح الوسطاءُ أنه طلب منهم أن يتوسطوا لدى إيران ينزعجُ؛ لأَنَّهم أذاعوا ضعفَه وعجزَه للعالم، فيصرحون أنهم يقومون بمبادرة ذاتية؛ لتخفيف التوتر بين الرياض وطهران دون طلب من أحد، ومرةً يكثّـفُ غاراتِه وزحوفَه كما لو أنه لا زال قادراً على ربح الحرب.

هذا المغرورُ مسكونٌ بالكبرياء والعظمة وَلم يكتف بستر وإخفاء فشله، حيث قدم المشّاط مبادرةً وُصفت بالسُّلَّم للنزول من الشجرة. فماذا يريدُ هذا الفاشل الذي يراوحُ مكانَه منذ خمس سنوات؟! أَيريد أن يمجَّدَ ويؤلَّهَ وأن يُكتَبَ عنه كما كتب الفيلسوف اليوناني أرسطو مفكراً بتلميذه الاسكندر المقدوني: “عندما سيعود، فإنه، سيكون إلهاً بين البشر”، وبالطبع فقد عُرضت على الاسكندر فكرة أن يكونَ إلهاً لإمبراطوريته كما هي عادةُ الفراعنة لكنه رفض هذه الفكرة وقد وصل إلى جبال الهملايا.

مقالات ذات صلة