الروحُ المعنوية للمجاهد اليمني

ماجد جدبان

 

الروحُ المعنوية العالية والقوية للمجاهد اليمني منذُ بداية العدوان على اليمن مثّلت حصناً حصيناً تحصّن به الشعبُ من كُـلِّ مؤامرات الحرب العسكرية والإعلامية والاقتصادية وكذَلك الحرب الناعمة، كما إنها مثّلت قوةً تُوازي وتردع وتقهر وتحبط قوة القوى الكبرى أَو بالمعنى الأصح القوة التي لا تقهر –إسرائيل- وتحالف الشر الثلاثي وأدواته في المنطقة، وَالتي كان ينظر إليها الزعماء والجيوش والدول بمنظار الدولة الأقوى وانحيازهم إليها وتطبيعهم معها وإعلان السمع والطاعة والولاء، متناسين الروحَ المعنوية التي يتمتع بها العربيُّ في عروبته وغيرته وإبائه.

هذه القوةُ أَو الروح المعنوية العالية للمجاهد اليمني استناداً إلى القوة العظمى وثقةً بها واعتماداً عليها التي لا يضاهيها قوة في هذا الكون، وهي “قوة الله ومعيته” وقفت أمامها مَن في المشرق وَالمغرب من عسكريين وخبراء ومحللين وغيرهم، في حالةٍ من الدهشة والانبهار أمامها من جهة، والعجز من جهة أُخرى، ولم يجدوا تفسيراً ولا حلاً علمياً ولا عملياً أمام ما يرونه من قدرات وملاحمَ سطّرها المجاهدُ اليمني، هذا المقاتل الذي وقفَ حائلاً بينهم وبين مخطّطاتهم وقدراتهم الصناعية وخبراتهم المتراكمة، وحاجزاً بينهم ومكرهم الدؤوب. في الليل والنهار، وجعلهم يشعرون بالضعف والعجز وهم من كانوا يعتقدون أنهم بما يمتلكونه من قوة وَأسباب مادية متمثلة في أنواع الأسلحة الأشد فتكاً وتطوراً، سواءٌ أكانت الجوية والبحرية والبرية وبما يمتلكونه من خبرات ومخطّطات شيطانية وَرؤى استكبارية واستراتيجية، قد وصلوا إلى ذروة الهيمنة على الشعوب، وأنه لا يمكن أن يقفَ شيءٌ أمامهم ولا بينهم وبين أهدافهم الاستكبارية.

تحَرّك اليمنيون بها منذُ البداية وتحَرّك العالمُ لحربها وإضعافها ومواجهتها والتصدي لها، وأنفقوا المليارات والنفط والموانئ والثروة والمال والسيادة والأرض؛ من أجل أن لا تتمدد هذه الروحية التي أحبطتهم منذُ أول وهلة لمواجهتها، وتمددت وانتشرت وقامت قيامة الغرب والعرب، فأقام عليهم اليمنيون القيامةَ من تحت الأنقاض ومن بين الركام وبراً وبحراً وجواً ليروها بأم أعينهم روحاً عالية تحمل مشروعاً عظيماً وأملاً كبيراً وقوة في سرها وجوهرها لا يستهان بها، فلم يخطر ذلك ببالهم ببساطة؛ لأنهم أناسٌ ماديون يؤمنون بالمادة فحسب، ومن خلال الاستهتار بهذه الروحية والقوية والتباهي والغرور والاستكبار واستنادهم على كيد الشيطان وأوليائه هُزموا لأنهم قاتلوا أرواحاً ولم يقاتلوا أجساداً!

لأنهم كانوا يرونهم أفراداً قلة رأي العين، لا أسلحة فتاكة ولا حصون ولا مدرعات، مجرد أفرادٍ يسافرون بأقدامهم الحافية الأميالَ الطويلة في الصحراء، أَو يعتلون الجبال الشاهقة ويفترشون بطون الأودية، زادُهم قليلٌ كأسلحتهم الاعتيادية البسيطة، وَإذَا بهم يُفَاجَأون بأنَّ الجبالَ والسهول والأودية هي من تحاربهم، وأن الرياحَ والبرق والعواصف هي من تصارعهم، كأنهم سليمان -عليه السلامُ-، وكأن الله قد سخرها لهم رخاءً حيث شاءوا!

هذه الروحُ وهذه المعنوية الخارقة للعادة كتبت منذُ بداية العدوان الكثيرَ من العبارات والكثير من الملاحم والمعارك بالحجارة والسلاح الشخصي والمعنوي وسلاح الإيمان الذي لا تمتلكه تلك القوى الهشة وهي القوة التي نفخت الرعب في قلوب الذين كفروا، فتهاوت ألويتهم وفيالقهم المدرعة بكلِّ أنواعها ليرسموا للشعوب نصرَ بطولاتهم إلى تلك القوة أنهم رجعوا إليها للتغلب على عدوهم الذي دمّر واستعمر وغزا ومكر وجعل من المسلمين والأمة العربية غصةً في حلق بعضهم البعض، لَكنها تحجرت أمام قوة إيمان المقاتل اليمني، الذي عجزت أقلامُ الكُتاب عن إدراكِ منابع وجذور تلك الروحية، وتحاليل المحللين عن وصفها، والمجتهدين والمستنبطين عن روايتها إلا من خلال الارتباط القوي بقوة الله التي نسفت كُـلَّ قواهم وتحالفاتهم.

مقالات ذات صلة