محمديّون يحيون مولده ويقتفون سيرته

زينب إبراهيم الديلمي

 

وأشرقت آفاقُ السّماء وأديمُ الأرض بنور الله الأحد، واكفهَرَّ الطُّغيانُ والاستبداد بخسرانه المُبين، وأشرفت أكاذيب المُكذّبين وأباطيل المُبطلين على الغرق في جُبّ المنيّة، وتحوّل كُـلّ سكون الأرض إلى نبرات انبثقت بالبُشرى بقدومه وتغنّت السّماء بمولده، وانحنت الخلائق له رويداً رويداً؛ إجلالاً له وسجدت له كسجود الملائكة لآدم.

إنّه القُــرْآن الذي مشى الأرض، بل إنّه قرآن الأرض بأكملها منذُ أهلّ على الكون وليداً حتّى يوم يرث الله الأرض ومن عليها، في الثاني عشر من ربيع الأول، كان هو اليوم الموعود بإشراقة نورٍ سطع من ديوان النّبوة، يوم شقّ ضياؤه ظلماتِ الجهل والكُفر بإعلان دين الإسلام الدين العالمي لكافّة الأمّة.

ما أن يتجّه الحديثُ عن شخصيّة من بُعث مُتمماً لمكارم الأخلاق، وأرسل للعالمين رحمةً وهداية وعظمة، بشيراً ونذيراً، فإنَّ النّفسَ تخشعُ في قراءة سيرته الجليّة، وأخلاقه الحميدة، وكماله وتواضعه، وطهارته، وعفّته، ونجابته، وسموّه واستقامته على الصراط المُستقيم الذي لم يجعل اللهُ له عوجاً.

مُحمّد بن عَبدالله -صلواتُ الله عليه وعلى آله الطّاهرين- من أرسلهُ اللهُ لنا كرحمة مُهداة لنا، من بُعث؛ ليتلوَ علينا آياتِه، ويُزكّينا ويعلّمنا الكتابَ والحكمة، من هو قائد لهذه الأمّة، ومصباح هُداها وسفينة نجاتها، من هو خُلاصة أخلاق البشر أجمعين، وأشملها وأكملها وأعظمها، حيثُ برزت جوهر العظمة والإجلال والكمال في خَلْقهِ وخُلُقهِ، ووصفه الله تعالى بما يليق بنبيه الأعظم: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ).

إنّه رسولُ الله، رسول العالمين، ملاذُ المؤمنين، كهفُ المُستضعفين، إذ هناك محمديّون يُحْيون سيرتَه ومنهاجَه وجهادَه رغم القصف والعُــدْوَان والحصار والتخاذل العميق، وَلا صدى يعلو إلا صدى مُحبيّه وأنصاره ومن هتف من أعماق الفؤاد قائلاً: لبيك يا رسول الله.

نعم مولاي رسول الله: تكالبت علينا كُـلُّ الأمم كما تكالبت عليك قريش من كُـلّ حدب وصوب، تخاذل العالمُ عن مظلوميّتنا وصوتنا الحر كما خذلوك عن تأدية مسؤوليتك العالميّة، ذقنا أصنافَ الويلات وأرادوا إذلالَنا واستسلامنا لهم كما فعلوا بك تماماً.

إننا هُنا نقول لقريش العصر من ساسة الوهابيّة وعسعسة الأمريكان والصّهاينة المتغطرسين وصغارهم من صهاينة العرب: محمديوّن في اتّباعنا لطريق الهداية التي تركها لنا رسولنا الأعظم، محمديوّن في جبهاتنا ومتارسنا الذي نجاهد فيه ببندقيّة النّصر وسلاح الإيمان بالله، محمديوّن في منبرنا الإعلامي الذي نُبلِّغ به الحججَ والبراهينَ ومصداقيّة التولّي لله ولك وللمؤمنين، محمديوّن ارتقت أرواحهم إلى السّماوات العُلا، ولهفوا اشتياقاً للقُياك في عالم الخُلد الأبدي.

محمديوّن في قيامنا وقعودنا وعلى جنوبنا، محمديوّن في جهادنا واستشهادنا، في حياتنا، في مماتنا، حتى يُنفخ في الصّور ونبعث من الأجداث، في حشرنا بساحة المحشر، في يوم نشرب من كفّه ومن كفّ وصيه شربةً هنيئةً مريئة لا نظمأ بعدَها أبداً.

مقالات ذات صلة