خطوة قوية لاجتثاث سرطان الوظيفة العامة

محمد الجعفري

 

طالما ظل تصحيح اعوجاج عقود طويلة من استنزاف موارد الدولة ونهبها بطريقة غير مباشرة تحت كشوفات وأسماء وظيفية وهمية مسألة شائكة أرهقت كاهل الاقتصاد الوطني والقت بظلالها السلبي على مستوى الأداء الوظيفي للموظف وما رافقه من تراكمات ساهمت في تفشي ظاهرة الفساد المالي والإداري في أروقة ومفاصل الدولة؛ وهو ما شكل معضلة أتعبت المواطن اليمني وأثرت بشكل كبير على حياته ومعيشته اليومية التي كانت ضحية لسماسرة على أبواب مؤسسات الدولة لسنوات طويلة.

وبرغم فلسفات كانت تصدر على شكل شعارات جوفاء من قبل القائمين على الدولة في أنظمة سبقت، ظل المواطن على وجه العموم والموظف على وجه الخصوص بانتظار لحظة صدق لتوجه جاد لحل مثل هذه المعضلة دون جدوى، كيف لا ومثل هكذا إجراء كان فقط يحتاج الى قيادة صادقة مع ربها وشعبها لتتخذ قرارات حاسمة في تصحيح وعلاج سرطان الوظيفة العامة الذي كاد أن يقضي على مفاصل قطاعات العمل في مؤسسات الدولة بشكل عام ويصيبها بالشلل التام.

ولله الفضل والمنة كانت ثورة 21 من سبتمبر نقطة تحول في هذا المسار فقد وضعت يدها على مكامن الخلل وشخصت المرض وباشرت بعمل الوصفة المناسبة للبدء بعلاج الداء الوظيفي، فكانت أولى هذه الخطوات اختيار الرجل المناسب في المكان المناسب والبدء بإعلان الحرب على الفساد ومواجهته بصدق وحزم مهما كانت النتائج ومهما بلغت التضحيات.

لقد أعطت القيادة السياسية ثقتها وأوكلت الأمر لمن سيحمل على عاتقه إنجاز هذه المهمة الوطنية السامية، فكان تعيين مستشار رئيس مجلس السياسي الأعلى رئيس اللجنة الإشراقية العليا لتصحيح الاختلالات في كشوف المرتبات، الأستاذ هاشم إسماعيل علي، هي الخطوة الأولى في هذا الطريق بإذن الله.

فقد مثل القرار الجريء والحاسم الذي اصدره مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى رئيس اللجنة الأستاذ هاشم إسماعيل، منطلقاً للبدء باتخاذ قرارات حاسمة وهادفة لتخفيف معاناة الموظفين المنضبطين في الدوام وتصحيح مكامن الخلل في الوظيفة العامة وإعادتها إلى مسارها و طريقها الصحيح بعيداً عن المحسوبية والحزبية والمناطقية وكل المسميات التي لفت الوظيفة العامة وأرهقت كاهل الاقتصاد الوطني، وحرمت الموظف من نيل حقوقه ومستحقاته الوظيفية المطلوبة التي تغنيه على أن يسلك سلوك الانحراف في أدائه الوظيفي باتجاه الرشوة أو خيانة الأمانة وغيرها من الكوارث التي تسبب بها خلل الوظيفة العامة لسنوات طويلة.

لقد انطلقت رؤية القيادة السياسية من واقع عملي وتحليل للمعضلة بتعيين مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى رئيس اللجنة الذي باشر بعد جهود ودراسة عميقة بتكليف وزارتي المالية والخدمة المدنية بإصدار التعاميم إلى كافة وحدات القطاع العام والمختلط بوقف أي استحداثات أو إضافة في بند الأجور والمرتبات التعاقدية، وتشكيل غرفة عمليات وتخصيص رقم مجاني لاستقبال شكاوى الموظفين في مختلف قطاعات الدولة عن حالات الفساد المتمثل في الأسماء الوهمية أو المزدوجة وظيفياً أو المُنقطعة عن العمل وغيرها من الاختلالات التي، اعتبر الأستاذ هاشم إسماعيل، ان استمرار حالات الفساد هو امتداد للعدوان وطالت آثارها كل موظف منضبط في دوامه.

إن حسمه للمسألة بإصداره قرار حازم بإحالة الجهات المخالفة للتعليمات إلى أجهزة مكافحة الفساد والقضاء بتهمة الإضرار بالاقتصاد الوطني والمساهمة في استمرار معاناة الموظفين، هي الخطوة الجادة التي ستقطع الطريق أمام من تسول له نفسه المساس بلقمة عيش الموظف في وظيفته العامة أو الإضرار بالاقتصاد الوطني، وأن اللجنة ستعلن خلال الأيام القليلة القادمة مسارات التصحيح في كشوفات المرتبات وتفاصيلها كما سيتم نشر تقرير شهري للرأي العام بالإصلاحات والمعالجات التي تم القيام بها من قبل اللجنة.

نشد على يد مستشار رئيس المجلس السياسي الأعلى، وندعو الله أن يوفقه وكافة المخلصين، وأن تثمر مثل هذه الجهود في القريب العاجل في اجتثاث سرطان الوظيفة العامة من جذوره ليتعافى هذا القطاع الهام والحيوي بعد سنوات طويلة من الإنهاك والتعب.

والله الموفق.

مقالات ذات صلة