محمدية اليمن القرآنية وجاهلية العصر الشيطانية

محمد فايع

 

كما كان الأوائل من أهل اليمن الأسرع والأسبق إلى الاستجابة للرسول محمد صلوات الله عليه واله إلى الانتصار لرسالته ومشروعه القرآني في مواجهة الجاهلية الأولى فان اليمنيين وهم شعب الإيمان والحكمة لا يزالون اليوم في هذا العصر هم الأنصار للرسول الخاتم محمد صلوات الله عليه واله في مواجهة الجاهلية الأخرى جاهلية العصر وقوى الاستكبار العالمي ،ويأتي إحياء الشعب اليمني لمناسبة مولد الرسول الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله وسلامه في هذا الظرف وفي هذه المرحلة واحد من أبرز مظاهر صدق وعمق ارتباط هذ الشعب برسول الله محمد صلوات الله عليه وآله وسلامه إذ يحيي الشعب اليمني اليوم مناسبة مولد النور والهدى باهتمام وحضور ليس له مثيل في العالم الإسلامي بالرغم انه يعيشون في ظل عدوان وحصار عالمي متناهٍ في البشاعة والإجرام وعلى مدى خمس سنوات متتالية فلم يترك شيئًا إلا استهدفه بالقتل والدمار ولم يوفر وسيلة من وسائل الإجرام والدمار والحصار إلا استخدمها. وفي النتيجة ليس غريبا أن يكون هذا حال أبناء يمن الإيمان والحكمة يمن الأوس والخزرج ، يمن الأنصار، يمن الفاتحين الذين حملوا راية الإسلام وألوية الفتوحات في صدر الإسلام والذين قوضوا الإمبراطوريات الظالمة. ليس غريبا عليه كشعب يحمل هذا الإرث من الارتباط الايماني المنهجي بمحمد صلوات الله عليه وآله وسلامه وبمنهجيته القرآنية أن يكون هذا اهتمامه وحضوره الإحيائي لذكرى مولد النور والهدى محمد صلوات الله وسلامه عليه وآله بل وعلى نحو ليس له مثيل في هذا العصر في كل بلدان العالم الإسلامي!! .

من المهم أن نلفت هنا بأن هذا التميز والحضور والحرص اليمني على إحياء مناسبة مولد المصطفى محمد -صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله- له رسائله ودلالاته وأبعاده الهادفة والعظيمة الأثر ومن تلك الرسائل والدلالات مايلي:

-أولاً: أن اليمنيين اليوم حينما يحيون مناسبة مولد المصطفى محمد صلوات الله عليه وآله فإنهم يقدمون رسالة للعالم كله تؤكد أن تمسكهم على تجديد الولاء والارتباط بمحمد صلوات الله عليه وآله فإنه يمثل ارتباطا بأصالتهم وهويتهم الإيمانية والثقافية، وفي رسالة مفادها أن كل قوى العالم بكل مكرها وإجرامها وتضليلها وعدوانها لم ولن تستطيع أن تفصل ارتباط الشعب اليمني عن هويته وأصالته الإيمانية المحمدية ولن تستطيع حتى أن تحول دون تعاظم الارتباط وبمحمد ومسيرته القرآنية وهذا ما أكده ماضي وحاضر اليمنيين ،فكما أن اليمنيين أول من سارع إلى الانتصار لمحمد ولرسالته ومشروعه القرآني في مواجهة الجاهلية الأولى وقوى الاستكبار العالمي فإنهم اليوم وبشكل اقوى يؤكدون من جديد صدق ارتباطهم بمحمد وآله وأسبقيتهم في المسارعة إلى الانتصار لمحمد صلوات الله عليه وآله في مواجهة جاهلية العصر وقوى الاستكبار العالمي..

ثانيا: إن حرص أبناء الشعب اليمني المستمر على إحياء مناسبة مولد المصطفى محمد صلوات عليه وآله يأتي من منطلق وعيهم الإيماني بأهمية تجديد الولاء وترسيخ الارتباط المنهجي والحياتي بمساره المنهجي الجهادي القرآني في رسالة مفادها أن الارتباط والولاء لله ولرسوله في امتداده كمنهج ومشروع وقيادة قرآنية يعتبر من أهم الأسلحة الإيمانية الثقافية التي يجب أن تتسلح بها الأمة في مواجهة مساعي أعدائها لطمس هويتها المحمدية القرآنية وإبعادها عن مساره ومنهجيته ومشروعه في دينها ودنياها.

ثالثا :إن شعبنا اليمني بإحيائه واحتفائه بهذه المناسبة بذلك القدر من الحضور والتميز يمثل دعوة للأمة إلى أن تتخذ من إحياء مناسبة مولد الرسول الأكرم محمد صلوات الله عليه وآله منطلقا للعودة القويمة والسليمة والصادقة إلى هويتها وإلى خيريتها.

إن تعظيم وتوقير رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله يمثل الأرضية الأولى لتلك العودة استجابة لتوجيهات الله جل شأنه القائل في كتابه الكريم {لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ} صدق الله العلي العظيم

أمة محمدية الهوية موحدة المسار

إن أي مناسبة من شأنها أن تعزز ارتباط الأمة برسول الله محمد وصولا إلى عودة الأمة إلى خَيْريّتها وريادتها المحمدية القرآنية -إلا وعمل أعداء الأمة على تغييبها من مصادر ثقافة الأمة ومن وعيها الجمعي وفي هذه المرحلة من عمر الأمة المحمدية القرآنية تعيش الأمة واقعا تكالبت فيه عليها الأخطار ويستهدفها أعداؤها بالفتن والحروب الشاملة وعلى كافة الصعد بل إن الأعداء التقليديون للإسلام رسولا وقرآنا وأمة ومقدسات حيث أعلنها أعداء الإسلام حربا سافرة شاملة على الأمة في مقدساتها وهويتها وعلى كل ركائز وحدتها الإيمانية والمنهجية وإن حملات الأعداء التشويهية للإسلام ورسول الإسلام المتزامنة دائما مع مناسبة مولد المصطفى محمد صلوات الله عليه وآله تؤكد لنا أهمية المناسبة للأمة وعلى أثر إحيائها على أعدائها، ذلك أن أعداء الأمة وخاصة اليهود يدركون للأسف أكثر من أغلب المسلمين أن شعوب الأمة وفي مقدمتها العلماء والنخب الثقافية والفكرية والإعلامية تمثل المنطلق الأقوى لعودة الأمة الحقيقية إلى هويتها المحمدية كما تمثل أرضية لوحدتها باعتبارها مناسبة جامعة يمكن الاستفادة منها في العمل على رأب الصدع وجمع الشتات وتعزيز الإخاء والوحدة بين المسلمين، على مستوى شعبنا وعلى مستوى أمتنا، وهذا بالتأكيد ممكن إذا توفرت الإرادة وصدقت النوايا، إلا أنه للأسف على المستوى العربي والإسلامي الرسمي غالبا يعتبر هذا الأمر خارجا عن أولويات تلك الأنظمة وحكوماتها وتوابعها، ممن لا يكون لمثل هذه المناسبة وأبعادها الإيمانية الجامعة لديهم أي أهمية في الوقت الذي يجعلون من أولوياتهم تعزيز ارتباطهم وتحسين علاقاتهم مع أمريكا وغير أمريكا. فيما يسارعون على المستوى الداخلي تجاه أمتهم وأبناء جلدتهم إلى اتخاذ المواقف العدائية وإلى الخصام والتباين والابتعاد عن لغة التفاهم، وهذا من أهم أسباب تفاقم النزاعات والخلافات داخل أمتنا. وإلا فإن ما يجمعنا هو أكثر وأكبر وأعظم وأسمى مما يفرقنا، بل ويمكن الاعتماد عليه لحل مشاكلنا ونزاعاتنا.

اليوم. ومن قلب الارتباط المنهجي القرآني بالمصطفى محمد صلوات الله عليه وآله وسلامه يستمر نداء الهدى حيث يشع نوره وينتشر في الآفاق قرآنيا محمدي المنهجية والمسيرة قائلا {{يا شعبنا المسلم العزيز يا أمتنا الإسلامية يا أمة محمد يا أمة القرآن إن أكبر عامل للفرقة والشتات والتباين والنزاع هو البغي والأنانية والاستبداد والكبر، وإن للأمة من القواسم المشتركة والأسس الجامعة ما يمكن بالعودة إليها والاعتماد عليها أن تذوب وتتلاشى معه حالة العداء والتفرق فيما بينها وتعود حالة الإخاء والتفاهم والتعاون ، فالأمة يجمعها انتماؤها للإسلام، يجمعها محمد رسول الله صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله ويجمعها القرآن كتاب الله ووحيه المُنزّل وكلمته التي تمت صدقاً وعدلاً ،والقبلة الواحدة ، وفي جمع شتاتها ووحدة كلمتها عزتها وقوتها التي تعزز موقفها في مواجهة التحديات والأخطار الكبرى التي تستهدف الجميع ولا تفرق بين أحد لا بالاعتبارات الطائفية ولا الجغرافية ولا السياسية.

إن أوامر الله سبحانه وتعالى وتوجيهاته تفرض علينا كمسلمين أن نعتصم بحبله وأن تجتمع كلمتنا على الحق والخير، وهو جل شأنه يقول: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ۚ} هذا ما يريده الله منا كأمة مسلمة ويريده منا نبينا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ودعانا إليه أو ليس يقول فيما روي عنه: “المسلم للمسلم كالبنان أو كالبنيان يشد بعضه بعضاً” وبنى الأمة منذ بزوغ فجر الإسلام على هذا الأساس. أمة موحدة متآخية متعاونة في مشروع واحد ومسار واحد وتحت راية واحدة. وبالتالي فإن إحياء ذكرى ميلاد رسول الله محمد صلوات الله عليه وآله من كل عام مناسبة جامعة تدعو كل أبناء شعوب الأمة إلى الكلمة السواء وإلى الأسس الجامعة، إنها مناسبة لولادة أمة محمدية الهوية والمسار وتجمع بين أبنائها قيم المحبة والولاء والإخاء ونبذ كل أسباب ومسارات وثقافات الفتنة والفرقة والبغي والكراهية والبغضاء.

مقالات ذات صلة