احتجاجات واسعة في أنحاء الهند مناهضة لقانون الجنسية الجديد المثير للجدل

تشهد الهند مظاهرات احتجاجية حاشدة بدأت منذ إقرار البرلمان في 11 ديسمبر الجاري لقانون يخص الجنسية الهندية والذي يقضي بمنح الجنسية للاجئين من جنسيات مختلفة ولكنه في الوقت نفسه يستثني المسلمين منهم في اجراء واضح ينطوي على التمييز العنصري ضد المسلمين.

وخرجت مظاهرات حاشدة في عدة مدن هندية ردا على إقرار البرلمان لقانون الجنسية في 11 ديسمبر.فيما شهدت العاصمة نيودلهي وولاية أوتار براديش شمال البلاد التي سقط فيها أكبر عدد من القتلى مظاهرات حاشدة يوم الأحد.

وفي أغلب مناطق الهند، شارك مواطنون من مختلف العقائد والديانات في الاحتجاجات لكن أوتار براديش شهدت من قبل توترات بين الهندوس والمسلمين وقطعت سلطات الولاية الإنترنت وخدمات رسائل الهاتف المحمول لمنع تداول مواد تحريضية.

وقال مسؤولون إن السلطات الهندية اعتقلت أكثر من 1500 محتج في مختلف أنحاء البلاد خلال الأيام العشرة الماضية وإن السلطات احتجزت نحو 4000 آخرين لكنها أفرجت عنهم.

كما واجهت الشرطة انتقادات واتهامات باستخدام قوة غير متناسبة لإخماد المظاهرات ودخول حرم جامعات والاعتداء على طلبة.

وتزعم حكومة رئيس الوزراء الهندوسي ناريندار مودي زعيم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم أن القانون الجديد مطلوب لمساعدة الأقليات من غير المسلمين من أفغانستان وبنجلادش وباكستان ممن فروا للهند قبل عام 2015 من خلال تيسير حصولهم على الجنسية الهندية.

لكن كثير من الهنود يشعرون أن القانون ينطوي على تمييز ضد المسلمين ويخالف الدستور العلماني للبلاد من خلال اعتبار الدين معيارا للحصول على الجنسية.

وعلى وقع المظاهرات الاحتجاجية ضد قانون الجنسية عقد رئيس الوزراء الهندي اجتماعا مع أعضاء حكومته لبحث الوضع الأمني.

وحاول رئيس الوزراء الهندوسي طمأنة المتظاهرين ولكن الشارع يطالب بإلغاء هذا القانون بشكل كامل.

وذكرت وكالة رويترز أن مجموع القتلى منذ اندلاع الاحتجاجات لا يقل عن 14 قتيلا، في حين أفادت وكالة الصحافة الفرنسية بأن العدد وصل إلى عشرين قتيلا.

وزاد عدد الضحايا عقب اندلاع مواجهات عنيفة الجمعة في أوتار براديش أكبر ولايات الهند من حيث عدد السكان.

وأفادت الأنباء بأن معظم القتلى سقطوا بطلقات نارية، في حين لقي طفل عمره ثماني سنوات حتفه جراء تدافع.

وتواصلت الاحتجاجات على القانون الجديد السبت على الرغم من فرض الحكومة حظر التجول في مناطق عدة وقطع الاتصالات والإنترنت واتخاذ إجراءات صارمة لمنع خروج المظاهرات.

وخرجت الأحد مظاهرات في مدينة تشيناي عاصمة ولاية تاميل نادو جنوبي البلاد، ومدينة باتنا بولاية بيهار شرقي البلاد، كما دُعي إلى مظاهرات جديدة في ولاية آسام شمال شرقي البلاد التي انطلقت منها الاحتجاجات، وكذلك في العاصمة نيودلهي.

ونصبت الشرطة متاريس في جانتار مانتار وسط نيودلهي، وهي منطقة معروفة كمركز للاحتجاجات في السنوات الأخيرة.

وأصيب العشرات في الاشتباكات العنيفة التي وقعت في ولاية أوتار براديش التي كثيرا ما شهدت مواجهات بين الأغلبية الهندوسية والأقلية المسلمة.

وقال نشطاء معنيون بالدفاع عن حقوق الإنسان في أوتار براديش إن أفرادا من شرطة الولاية يداهمون منازلهم ومكاتبهم، لمنعهم من التخطيط لمزيد من المظاهرات.

وقال المتحدث باسم الشرطة في الولاية شيريش شاندرا لوكالة الصحافة الفرنسية إن عشرة أشخاص قتلوا بالرصاص يوم الجمعة.

وفي قلب العاصمة الهندية نيودلهي اندلعت اشتباكات في الشوارع مساء الجمعة، حيث أطلقت الشرطة خراطيم المياه وطاردت المحتجين الذين رددوا شعارات معارضة لمودي ورشقوا عناصر الأمن بالحجارة عند بوابة دلهي في منطقة دلهي القديمة.

وقال صحفي في وكالة الصحافة الفرنسية إنه شاهد في المكان متظاهرين -بمن في ذلك أطفال- تحتجزهم الشرطة وتضربهم.

وتمثل هذه الغضبة الشعبية على القانون -الذي دفعت به الحكومة القومية الهندوسية إلى البرلمان في 11 ديسمبر الجاري- أقوى احتجاج في الهند منذ انتخاب مودي لأول مرة عام 2014، وأقر البرلمان القانون الأسبوع الماضي.

ويسمح القانون للحكومة الهندية بمنح الجنسية لملايين المهاجرين غير المسلمين من ثلاث دول مجاورة، لكن معارضي القانون يقولون إنه جزء من برنامج رئيس الوزراء القومي الهندوسي مودي لإعادة تشكيل الهند كأمة هندوسية. وهو ما نفاه حزب مودي بقوة.

ويؤكد المعارضون أن استبعاد المسلمين ينم عن تحيز، وأن منح الجنسية على أساس الدين يقوض الدستور العلماني.

ورغم إبداء الأمم المتحدة والولايات المتحدة قلقهما من الأحداث الأخيرة في الهند فإن مودي يصر على أن حكومته لا تهدف إلى تهميش المسلمين، حيث صرح هذا الأسبوع بأن القانون الجديد “لا يؤثر على أي مواطن هندي أيا كان دينه”.

وصدرت أوامر تحظر التجمعات الكبيرة في مناطق عديدة بالهند، من بينها مناطق في العاصمة الاتحادية دلهي وفي بنغالور وضواحيها وولاية أوتار براديش بالكامل ومناطق في ولاية ماديا براديش.

وتم التخطيط للاحتجاجات التي يقوم بها إلى حد كبير، الطلاب ومنظمات المجتمع المدني وأحزاب المعارضة السياسية، في العديد من البلدات والمدن بأنحاء الهند.

وفي بنغالور، تم اعتقال محتجين تجمعوا على الرغم من الحظر، بمن فيهم المؤرخ البارز رامشاندرا جوها، وهو من منتقدي حكومة رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

وظهر جوها -وهو يقول على شبكة تلفزيون نيودلهي بينما كانت الشرطة تقوم بسحله- “أحتج بطريقة غير عنيفة، لماذا يتم منعنا”.

وفي دلهي، تم اعتقال المحتجين الذين تجمعوا للانضمام إلى مسيرة بالقرب من “الحصن الأحمر”.

وقال زعيم حزب سواراجيا السياسي يوجيندرا ياداف، “لقد تم احتجازي مع مئة شخص آخرين على الأقل، لكن الآلاف في طريقهم للانضمام إلى الاحتجاج”.

وتم إغلاق ما لا يقل عن 16 محطة مترو في منطقة واسعة بوسط دلهي ودلهي القديمة، حيث تم التخطيط للتظاهر، وأقامت الشرطة حواجز على أطراف دلهي، وكانت تقوم بفحص الركاب، مما أدى إلى اختناقات مرورية هائلة.

وفي تطور آخر أعلنت شركتان كبريان للاتصالات في الهند الخميس أنهما قطعتا خدمة الهواتف النقالة في أجزاء من نيودلهي بناء على أوامر حكومية، وسط اعتقالات بالمئات وتصاعد للتظاهرات الرافضة لقانون جديد حول المواطنة الجديد الذي يستثني المسلمين من الحصول على حق الجنسية.

وقال متحدث باسم شركة فودافون لوكالة الصحافة الفرنسية إن “الحكومة أصدرت أمرا يطلب منا منع خدمات شبكة الهواتف النقالة في بعض أجزاء نيودلهي”.

وأكدت شركة أريتيل بدورها الإجراءات، فيما ذكرت تقارير أن شركة جيو، أكبر مشغل للهواتف النقالة، اتخذت الخطوات نفسها.

ومنعت السلطات الهندية الأربعاء التجمعات في عدد من نواحي العاصمة نيودلهي غداة وقوع صدامات بين الشرطة ومتظاهرين معارضين للقانون المثير للجدل.

المصدر: وكالات

مقالات ذات صلة