هوية الإيمانية يمانية . الشرعي والشرعية

عبدالملك سام

 

سأحاول هنا أن أكون “محايدا”، وسأحاول أن أبتلع بعض المصطلحات التي يرددها البعض.. هناك “حوثيين” وهناك “شريعة”، وماذا أيضا؟ هؤلاء انقلبوا على “حكومة شرعية” بينما أولئك يحاولون أن “يعودوا بالشرعية” لتحكم اليمن.. هل هناك المزيد، أم نكتفي بهذه النقاط؟! إذاً فلنبدأ..

لنتكلم بتجرد.. مصطلح “شرعية” يوحي بأن هناك طرفا شرعيا وآخر انقلابي، لكن في أرض الواقع نجد أن من تسمي نفسها “شرعية” تفتقد لكل مصاديق هذه الكلمة، فلا هي سلطة جاءت بانتخابات حقيقية ولا بثورة شعبية تعطيها هذه “الشرعية” لتحكم البلد، كما أن أعضاء هذه الحكومة كلهم أتوا من رحم سلطة فاسدة اتفق الجميع على إسقاط شرعيتها إذا كان لها شرعية أصلا.

من يطلقون على أنفسهم “شرعية” استتب الأمر لهم لفترة وأثبتوا خلالها أنهم فاشلون ومأزومون، شهدت البلد في عهدهم انهيار مؤسسات الدولة وانتشار الفساد المالي والإداري وتردي الأوضاع المعيشية والسياسية والأمنية بشكل لم يشهد له التاريخ مثيلا، الاغتيالات والتفجيرات أصبحت حدثا عاديا مع تفشي الخوف في صفوف ضباط وجنود الجيش والمؤسسات الأمنية المعنيين بالأساس بالحفاظ على الأمن! والرئيس يشكو ورئيس الوزراء يبكي والمسؤولون على أبواب السفارات والجيش ينهار ويضيع والشعب يقف مبهوتا حزينا لا يعرف ماذا يفعل.

لنفترض أن الحوثيين هم السبب، وبأنهم عملوا على تدهور الأوضاع تمهيدا للانقلاب على “الشرعية”، فهل هذا صحيح؟! أولا لكي يستطيع الحوثيون ان يفعلوا كل هذا كان يجب أن يكون لديهم جيش ضخم ليدمروا مؤسسات الدولة هذا التدمير، والحقيقة أنهم لم يكونوا بهذا العدد وهذا التنظيم الكبير الذي يستطيع أن يفعل كل هذا.. ثانيا لكي يصح أن يقال عنهم “انقلابيين” المفترض أن يكونوا جزءا من نظام الحكم ليصح القول عنهم أنهم انقلبوا عليه وهذا أيضا غير صحيح.. ثالثا وهو الأهم، بعد فرار من يسمون أنفسهم “شرعية” إلى عدن ماذا اختلف عمَّا سبق لنصدق أنهم على حق ونحن الشياطين والأشرار؟!! طبعا زاد الوضع سوءا عندما شارك الخارج علنا في دعم المرتزقة ليشن حربا ظالمة على البلد والشعب متخذا غطاء “الشرعية” لتبرير كل جرائمه.

ها نحن نشاهد شرعيتكم اليوم عاجزة عن تقديم أي شيء في مصلحة الموالين لكم حتى!.. الأوضاع معروفة للجميع، حكومة يطلق عليها “حكومة الفنادق” لأنها عاجزة عن العودة دون أذن دول الاحتلال، حكومة فاسدة تدمر كل شيء تضع يدها عليه، حكومة اجتمع فيها كل الخونة والعملاء والقوادين والسماسرة والحثالة، وهي حكومة لا تملك رصيدا شعبيا فالكل يلعنها وعجزت عن جمع ألف مواطن في مكان واحد دون مقابل، حكومة تعمل على تفتيت الشعب وبيع البلد وجر أبنائه إلى محارق الدفاع عن بلدان أخرى تكنّ العداء للبلد والشعب، حكومة لا تستطيع أن تغير مدير قسم أو تفتح طريقا أو توفر خدمة، حكومة نتنة تعمل على تدمير اقتصاد البلد وهمها الوحيد أن تجد لها دولة ما لتطلب اللجوء السياسي فيها.

أين “الشرعية” اليوم؟ اسألوا من شئتم فسيشير نحو صنعاء.. هناك حكومة محاصرة تحمي وتبني وتشيد وتتعامل بمسؤولية، حكومة تحت القصف ولكن الناس يفرون إليها طلبا للأمن والمساواة والعدل، حكومة لا تتعامل معك حسب انتمائك المذهبي أو العرقي أو المناطقي ولا تثير الكراهية ضد أحد، حكومة تتحدث وأنت تحت سلطتها بحرية فتنتقد وتكتب وتقول ما تشاء، حكومة تتعامل بإنسانية مع العدو قبل الصديق، حكومة جمعت جميع الأطياف تحت سقفها، حكومة من أجل كل الشعب ونحن نعرف أن العدوان السعودي الأمريكي ما باغتها إلا لأنه يعرف ماذا يمكن أن تفعله لهذا البلد من سيادة وحرية وتنمية.

مع الأيام شرعيتنا تزداد قوة ومنعة وثباتا، ومع الأيام تتساقط الأاقنعة أكثر عن “شرعية” العملاء وسيأتي يوم سقوطهم لا محالة.. تضحيات الشعب أثمرت عزة وكرامة، فيما زادتكم ذلا وهوانا، وقريبا سيترككم أسيادكم لتلقوا مصيركم المستحق نظير خيانتكم لله ولهذا البلد وهذا الشعب الطيب الكريم.

مقالات ذات صلة