أيها الشهداء فلتنهضوا

عبدالله الأحمدي

 

إلى روح الشهيد “جار الله عمر” في عليائه.

طاب يومك يا رفيق، هذا هو العام السابع عشر على غيابك، لكنك تزداد حضوراً وتزداد نقاءً وبهاءً وشعبية. أكاد أراك وأنت تحدق فينا معاتبا، لكن ماذا عسانا بعدك؟ قصتك تدخل كل البيوت في كثير من بلدان العالم كشهيد ومناضل، أشبه بيسوع المصلوب.

أراد الملعون قتلك فقتل نفسه، أراد التخلص من أفكارك فتخلص الشعب منه، وانتصرت أفكارك. ماذا أقول لك عن القتلة ؟ أكبرهم ذهب إلى الجحيم لا يعلم له قبر. وقمشهم هارب. وعلي محسن يتسوّل بين مكة والحرم ،والشيخ الزنداني يرقص في اسطنبول يتفنن بفتاوى زواج الصغيرات، وصعتر يفتي بقتل اليمنيين جميعا. ذهبوا جميعا إلى الجحيم مكللين بالعار والسواد والخزي ولعنات الشعب. أنت وحدك قمر هذي البلاد الذي يضئ للكادحين دروبهم. صورك بالأعالي، وصورهم تداس بالنعال.

قهري عليك وعلى كل الشهداء في طول اليمن وعرضها، وحزني على دمنا المسكوب بكل الشعاب والزنازين والأقبية والشوارع.

أعلمك خيراً يا رفيق : لقد انضج دمك ثورة رغم تطاول اللصوص عليها،لكنها باقية في ضمائر الكادحين والفقراء والمستضعفين رفاق دربك. أنت لوحدك حكاية ليس ككل الحكايات.

يا دمنا المسفوح،ويا حياتنا المستباحة. من أين نبتدئ الحكاية؟

من الاغتيالات، أم من القتل، أم من الإخفاء القسري؟

من المذابح، أم من هدم القرى والمنازل على رؤوس ساكنيها؟

من عذابات المعتقلين في الزنازين والأقبية، أم من المعلقين والمشنوقين في غرف التحقيق ؟

أم من اغتصاب النساء في أقبية أجهزة القمع القذرة. أم من قصف الطائرات والصواريخ وقتل النساء والأطفال وتدمير انجازات الشعب اليمني ؟ نحن إزاء قتلة محترفين، وشعب يلعق دمه بنفسه ولا يبالي.

منذ اغسطس ١٩٦٨م والمذابح تترى، والدماء تسيل انهارا، والقتلة يتناسلون من القصور الفارهة وأجهزة الموت القذرة، ومن العمائم والمساوك وأحمر الشفاه ومن الجو والبر والبحر.

أكثر من خمسين عاما وشرفاء هذا البلد يتعرضون للقتل، للتنكيل والاعتقال والإخفاء القسري، والعالم يتفرج على عذاباتنا ولا ينبس ببنت شفة!!

مئات الآلاف قتلوا وعذبوا، ومازال الآلاف في حكم الإخفاء القسري والحسابة بتحسب!!

المشكلة في هذا البلد أن القتلة يذهبون دون عقاب، بل إنهم يكافأون بالمناصب والرتب والنياشين والأموال.

طابور طويل من القتلة والمجرمين يقابله طابور أطول من الضحايا.

طابور طويل من المجرمين يمتد من العام ١٩٦٨م وحتى يوم الناس هذا. قتلة لا يتورعون عن القتل والنهب والسرقة وانتهاك الأعراض.

أوغاد بلا قيم، وبلا شرف أو مبادئ يدعون وصلا بالثورة والجمهورية والإسلام،وهم أول من تآمر عليها.

أجيال تتجرع المرارة،لم تجد الإنصاف والعدالة. يمر الوقت علينا محملا بالأحزان مترعا بالمآسي. النحيب لم ينقطع طوال أكثر من خمسين عاما.

لم تكن أنت أيها الرفيق آخر الضحايا. لقد استباحوا دم اليمنيين بالحروب والحقد والكراهية، وبعثوا كل رمم الماضي.

أصبح دم اليمني بلا سعر، أو ثمن، يسقط الناس على أتفه الأسباب.

أما التكفير والارتزاق فقد أصبح مادة دسمة للأنذال.

الوطن أصبح إمارات متناحرة من شرقه إلى غربه، واستأثر أمراء الحرب بثرواته والغالبية حصدوا الجوع والفاقة والحصار المر من الداخل والخارج،وضاعت السيادة وضاع الاستقلال، واندحرت الثورات.

أيها الشهداء انتم خيرة أبناء الأمة، لكن الكثير من رفاقكم خانوا القضية وحادوا عن الخط، وسقطوا في التفاهات.

أيها الشهداء دمكم مهدور وملفكم طي النسيان، فهيا انهضوا، قوموا للثأر لدمائكم وانجاز قضية التغيير والتحول الديمقراطي واستعادة السيادة، وصد العدوان حلمكم الذي كنتم تحلمون.

مقالات ذات صلة