العدوان والتدخل الخارجي يمنع الحوار الداخلي

عبدالعزيز البغدادي

 

من يمتلك قليلاً من البصيرة لا يحتاج الى كثير من الجَهد كي يدرك أن اهتمام السعودية والإمارات بالدفع بعملائهما ومرتزقتهما نحو محارق الموت في مأرب والجوف وشبوة وحضرموت وكل المحافظات قليلة السكان كثيرة الخيرات ليس حباً في هادي أو بحاح ومن يرون الوطن سلعة قابلة للبيع والسلطة مطية تحملهم إلى أحضان من يشتريهم بأبخس الأثمان ، فمقدمات العدوان المباشر الذي بدأ في 26 /3/ 2015 أشارت إلى أنه سيدوم وسيعتمد على المال في قتل اليمنيين ببعضهم كما صرّح الكثيرون ، وبصورة ممنهجة دفعت السلطة لإقصاء مكونات اجتماعية وسياسية واستهدافها بالحروب في الجنوب وصعدة لخلق صراعات وحين دخل أنصار الله صعدة قالت السعودية على لسان موظفيها وأتباعهم : عمران خط أحمر ! ثم قالوا صنعاء خط أحمر وحين وصلوا صنعاء قالوا الجوف خط أحمر ومأرب خط أحمر، وحين بدأ العدوان غاراته التي بلغت حتى الآن مئات الآلاف على هذه المناطق اعتمد سياسة الأرض المحروقة بتوجيه وقيادة أمريكا.

وحين انتشى البدوي المدلل أمريكياً محمد بن زايد برفعه علم دولة الأمارات العظمى على سد مأرب الذي يَمُنُّون على اليمنيين ببناء بعض الحواجز التافهة التي أضرت بموقع السد التاريخي الذي بناه اليمنيون بعزمهم وقوتهم وحكمتهم قبل أن يوجد شاربو بول البعير ويُكتشف النفط تحت مخادعهم بآلاف السنين وذهب بعض المحسوبين على مأرب إلى أبو ظبي لتقديم الولاء والطاعة والتهنئة واصطفوا لتهنئه من داس على كرامتهم وسلب سيادة وطنهم في صورة من الانحطاط تثير التقزز إذ لا يوجد ما يدعو للفخر والغرور لأن اليمن كانت قد وصلت إلى حالة من الانكشاف الأمني يعرضها للهزيمة ولو أمام قطيع من القردة فلا وجود لمنظومة دفاع ، ووحدات الجيش صارت أقرب للعصابات لتعدد ولاآتها .

في مواجهة هذا الصلف قيض الله لليمن قلة من أبطال بعض ريف صعدة كان النظام المرتهن بتوجيه السعودية قد أعلن الحرب عليهم واصفاً إياهم بالمليشيات الإمامية تارة وبالشرذمة التي تريد إعادة الملكية تارة أخرى وبالمخربين أحياناً ليغطي بذلك حقيقة كونه من أوصل اليمن إلى الدولة الأكثر فشلاً في العالم .

وكان النظام السعودي يدرك مستوى ضعف النظام الذي تُحكم اليمن باسمه والدور الذي لعبه رأس النظام في تدمير بدايات بناء مؤسسات الدولة مقابل إيصاله إلى موقع الرئاسة بعد مشاركته بدناءة مع بعض التافهين في اغتيال أكثر رؤساء اليمن نزاهةً وكفاءة (الشهيد إبراهيم الحمدي) ليصبح هذا المنصب بعد ذلك محطّ استهتار وبصلاحيات تفوق صلاحيات الملوك استحوذ عليها أقل الناس كفاءة وأكثرهم دناءة ليستمر التدمير الممنهج لمؤسسات الدولة عن طريق الرؤساء القتلة والجهلة والمغامرين !!؛

وقد عمد تحالف العدوان إلى التمويه بالإعلان عن مشاريع عملاقة يجري الاستعداد لتنفيذها في المنطقة لصرف النظر عن خطط أمريكية صهيونية لوضع اليد على أهم مخزون نفطي في العالم في الجوف ومأرب حسب كثير من التقارير وبقية المحافظات الشمالية والشرقية ، ومن خُطط التمويه حديث أنور عشقي في ورشة شارك فيها في الكيان الصهيوني حول ما يسمى مشروع مدينة النور والجسر الذي يربط بين أفريقيا عن طريق أثيوبيا بآسيا عن طريق الجزيرة العربية حسب قوله متعمداً عدم ذكر اليمن قاعدة انطلاق الجسر ليقينه أن قرار اليمن صار مرتهن لدى البدو ، وفي اللقاء أكد عشقي أن التحالف الصهيوني السعودي أصبح ضرورة لإنجاح المشروع العملاق الذي نظّرَ له بعض المنفتحين جداً !!!؛

في ورقة الأستاذ خالد أحمد السياغي عضو مجلس الشورى حول الأهداف الاقتصادية الاستراتيجية الاستعمارية لدول العدوان والترتيبات المهيئة التي استخدمت الأداة السعودية الإماراتية تناول مشروع المدينة الذي قام على أساس انعدام سيادة اليمن ما يشكل حُلما بتغيير جيو سياسي خطير على حساب دولة حضارتها هي الأقدم في تأريخ المنطقة أي منذ آلاف السنين لمصلحة كيانات طارئة لا يصل أقدمها لمئة عام ( السعودية والأمارات ) وتحويل اليمن إلى مجرد موقع جغرافي يتنافس عليه كبار لصوص العالم دون اعتبار للشعب اليمني معتمدين على ما قام به العملاء من تهيئة لهذا الافتراس العالمي الأوقح في التأريخ ومن أبرز محطات التهيئة اختطاف حُلم اليمنيين بالثورة في 11/فبراير/2011م بسيناريوهات المبادرة السعودية المسماة بالخليجية وما أحيط به ما أسمي بمؤتمر الحوار الوطني من تلاعب مخابراتي وطريقة إعداد طبخة الدستور والأقلمة بالمخالفة لمخرجات الحوار وبعيداً عن أي معنى للحكمة اليمانية بهدف تمزيق اليمن وتغذية نزعات بعض اللصوص المحليين الذين دغدغوا عواطف البسطاء حول التفرد بالثروات التي يسعون هم لأخذ بعض الامتيازات مقابل التفريط بسيادة الدولة اليمنية وحقوق كل الشعب وهؤلاء ارتبطوا باكراً باللجنة الخاصة التي أسستها السعودية لشراء الذمم وكان للإمارات آلية مختلفة قليلا وغير معلنة لشراء عملائها .

ومن لديه قدر من الوعي يدرك أن المصلحة الحقيقية لكل اليمنيين تكمن في وحدة صادقة قائمة على العدالة والمواطنة المتساوية ودستور يشارك كل اليمنيين في إعداده دون تدخل من أحد ودولة يمنية قوية تصون سيادة اليمن وتدافع عنها ، ويدرك أن من يقاتل في صف تحالف العدوان مجرم مرتزق خائن لوطنه وإن قُتل فهو صريع مهما رفع من شعارات ، ومن يدافع عن وطنه في مواجهة العدوان مجاهد وإذا لقي الله فهو في طليعة الشهداء أما أخطاء وتجاوزات من يمارسون السياسة والإدارة فموضوع آخر !!.

وحين يتوقف العدوان والتدخل سيجد اليمنيون طريقهم إلى الحوار بسهولة فمتى يعلم العالم المنافق أن صمته المشترى ومشاركة البعض في هذا العدوان باسم الدفاع عن الشرعية هو أبشع وأوقح جريمة عرفتها الإنسانية وهل يقوم مجلس الأمن بأبسط واجباته في وقف العدوان على اليمن وعدم التدخل في شئونه ؟؟!!

المعتدي ما يردعه خرط الحوار

ولا غريفث لا ولا كذب السويد

هذي مدنّا كلها ذي تستباح

هل يُردع العدوان إلا بالسلاح؟!.

مقالات ذات صلة