هل يفقد تحالف العدوان على اليمن آخر اوراقه قريباً؟

شارل أبي نادر*

من يتابع حركة تطوّر معركة الجيش واللجان الشعبية اليمنية بمواجهة تحالف العدوان ، وخاصة في المرحلة الاخيرة، لا بدّ من أن يلمس أن هذه الحركة هي غير طبيعية وغير مألوفة، لناحية صمود ونجاح دولة متوسطة الامكانيات، محاصرة، مستهدفة ببنيتها التحتية وباقتصادها وبمعابرها، بمواجهة أكثر من دولة اقليمية وغربية، من التي تمتلك القدرات الضخمة والامكانيات العلمية والمالية والعسكرية المرتفعة ، وليس هكذا فقط ناحية الغرابة في الموضوع، بل سوف يستنتج وبما لا يقبل الشك ابداً، ان هذه الدولة المتوسطة الامكانات، سوف تنتصر على تحالف واسع من تلك الدول صاحبة الامكانات الضخمة.

هذا الانتصار الموعود لليمن بمواجهة تحالف العدوان، والذي يمكن القول انه على قاب قوسين او أدنى، جاء وليدة جهود ضخمة بذلتها قيادة الجيش واللجان الشعبية، تُرجِمت على ارض الواقع وفي الميدان، من خلال المراحل والمحطات التالية:

ـ تصنيع وإمتلاك قدرات نوعية لا تختلف ابداً في مستواها وامكانياتها التقنية والعسكرية عن قدرات الدول الكبرى، نعني الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية بعيدة ومتوسطة وقريبة المدى، القادرة على حمل الحشوات المتفجرة مختلفة الاحجام، ونقلها مسافات بعيدة بعد توجيهها بدقة متخطية منظومات الدفاع الجوي المعادية، من الاحدث والاكثر تطورا، وعشرات عمليات الاستهداف البعيدة المدى تثبت ذلك، وآخرها كانت عملية توازن الردع الثالثة، حيث تم استهداف مدينة ينبع الصناعية السعودية على البحر الاحمر، بواسطة عشرات الطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية، ولمسافة تجاوزت الف كلم.

ـ تطوير مناورة القتال البري والعمليات العسكرية في الداخل وعلى الحدود، من خلال التوصل الى مستوى متقدم جدا على صعيد العمليات الهجومية العنيفة أو العمليات الخاصة والاغارات، او على صعيد الكمائن النوعية والاستراتيجية، والتي تنفذ بوحدات ثابتة ومتحركة، ضد وحدات عدوة كبرى مؤلفة من عدة فرق وألوية، منتقلة او متمركزة، وعمليتا “نصر من الله ” في نجران و”البنيان المرصوص” في نهم ومارب والجوف، تثبتان ذلك المستوى المتقدم من مناورة القتال البري المتحركة، هجوما ودفاعاً.

ـ هذا المسار من التطور الذي فرضته معركة الجيش واللجان الشعبية، في مختلف أوجه عناصر المعركة التكتيكية والاستراتيجية، في الداخل او خارج حدود اليمن، لم يكن ينقصه الا ما تمّ الكشف عنه مؤخراً من انظمة دفاع جوي (ثاقب 1 وثاقب 2 وثاقب 3 وفاطر 1) والتي جرى تطويرها بخبرات يمنية بحتة، تبين انها تضاهي تلك التي تمتلكها اكثر الجيوش تطورا، لناحية المدى الفعال وقدرة الرادار على الكشف المبكر وعلى متابعة اكثر من هدف في نفس الوقت، مع القدرة على التعامل مع أغلب الاجسام الطائرة، من قاذفات او طوافات او صورايخ.

لقد تم اثبات فعالية تلك المنظومات من خلال مسار متصاعد من اسقاط عدد كبير من طائرات العدوان المسيرة وطوافاته وقاذفاته الحربية، والتي هي من انتاج دول كبرى مشهود لها بصناعاتها العسكرية المتطورة، كالصين والولايات المتحدة الاميريكة والمانيا وبريطانيا، وقد جاءت الضربة الاخيرة للتحالف باسقاط قاذفة تورنيدو المتطورة، والتي تعتبر فخر الصناعة الجوية الاوروبية (انتاج مشترك الماني بريطاني وايطالي)، لتشكل له صفعة مدوية، وذلك نظرا لما تمتلك هذه القاذفة من مميزات تقنية وفنية، كان من المفترض ان تحميها من صواريخ الدفاعات الجوية اليمنية المطورة حديثا.

من هنا، وبعد إدخال منظومات الدفاع الجوي اليمنية في المعركة بشكل فعال، واثبات هذه الفعالية من خلال اسقاط طائفة واسعة من الطائرات المعادية بشكل عام، وقاذفة التورنيدو بشكل خاص، وحيث ان هذا التطور في القدرات النوعية، قد خلق تحولا مفصليا في مسار الحرب على اليمن، بالاضافة الى انه يجب ان نأخذ كلام وقرار السيد عبد الملك الحوثي بان العام الحالي (2020) سيكون عام الدفاع الجوي، ومصداقية السيد الحوثي في ترجمة الاقوال الى افعال ثابتة ومؤكدة تبعا لمسار كامل من التجارب الصادقة، يمكننا القول وبكل ثقة، إن العدوان على اليمن بدأ يفقد آخر اوراقه (القوة الجوية)، والتي طالما اعتبرها قوية واعتمد عليها في شن الحرب، وبالتالي هو ذاهب حتما نحو الانسحاب من هذا العدوان ولم يبق له الا ايجاد المخرج المناسب لهذا الانسحاب.

*كاتب لبناني

مقالات ذات صلة