التمسك بالهوية الإيمانية أهم عوامل الثبات والصمود في مواجهة التحديات

تعمل قوى العدوان على استهداف الهوية الثقافية والفكرية وتسعى إلى فصل المجتمع عن مبادئه وقيمه ورموزه.

والهوية في مفهومها هي نمط حياة تعتمد على عقائد ومفاهيم وأعراف وعادات وتقاليد، وثقافات معينة وتمثل عاملاً مهماً في اجتماع الأمة وترابطها لتتجه في هذه الحياة اتجاها واحداً تجمعها تلك المنظومة من العقائد والأعراف والسلوكيات والاهتمامات.

فالإيمان منظومة متكاملة من المبادئ والقيم والأخلاق والسلوكيات والأعمال والمواقف ومسار ومشروع حياة.

وقد أنعم الله، على الشعب اليمني بأن تكون هويته هي الهوية الإيمانية، التي إن حافظ عليها في الانتماء والالتزام والوعي بها وتنقيتها من الشوائب الدخيلة التي ليست منها، حافظ على وجوده وتماسكه فهي ضمانة لفلاحه ونجاحه وقوته وعزته وكرامته ومنعته.

والهوية الإيمانية والتمسك بالمبادئ والقيم والأخلاق يمثل أهم وأقوى عامل في الثبات والصمود في مواجهة التحديات، ولهذا الأمر علاقة مهمة في التصدي للعدوان، فبقدر تعزيز هذه الهوية وترسيخها تنطلق الأمة لتكون أقوى وأعظم تماسكاً وأشد ثباتاً في مواجهة كل هذه التحديات وأقدر على صناعة الانتصار في هذا الصراع.

ركائز أساسية

وتعد مبادئ التحرر من العبودية، والقيمة الإنسانية والأخلاقية والوعي والبصيرة ركائز أساسية ومتينة في الهوية الإيمانية والانتماء الإيماني، وأن يكون الإنسان مستنيراً بنور الله.

ويبدو أن هناك من لديهم خصومة مع هذه الهوية الإيمانية، إما لأسباب فكرية أو عقائدية فلجأوا إلى استهداف تلك الهوية بأساليب متنوعة ومتعددة بهدف الاستحواذ على الأمة في الفكر والتوجه والمفاهيم والقيم والأخلاق والقناعات والعادات والتقاليد.

أخطر استهداف

ويعتبر استهداف الهوية، أخطر أشكال الاستهداف والغاية منه السيطرة على الإنسان بشكل كامل، وتجريده من هويته وتفريغه من محتواه الأخلاقي والقيمي ليصبح كالأنعام وينحط عن كرامته ومؤهلاته وقدراته الإنسانية.

ومعروف أن الإنسان يكون إنساناً بما يحمله من القيم الراسخة والوعي والمبادئ والمفاهيم الصحيحة، فإذا فقد هويته فقد كل شيء، وتم استغلاله لتحقيق مصالح العدو، فلا يبقى له منعة أو عامل قوة أو إرادة واستقلال وحرية، فهو يستغل الإنسان في نفسه ومقدراته وثرواته وكل ما يملك وهذا فيه امتهان للكرامة واستعباد واحتقار.

ويعمل الأعداء على مسخ الهوية الإيمانية فهناك نشاط واسع جداً في استهداف الأخلاق والقيم التي يتمتع بها المجتمع المسلم، فمن أعظم ما في الإسلام والإيمان هو التزكية للنفس البشرية والتطهير والسمو بها عن الرذائل والفواحش التي تدمر المجتمع مثل المفاسد الأخلاقية والفواحش التي تدمر النسيج الاجتماعي والنظام الأسري.

وسائل استهداف الهوية

ومن وسائل استهداف هوية الأمة، الترويج للانفلات والفوضى في الروابط والتواصل والانسلاخ عن كل الروابط الشرعية والأخلاقية التي تحمي المجتمع المسلم وتحافظ عليه وتصونه.

وهناك شكل آخر من استهداف الهوية، يتمثل في كسر الإرادة والروح المعنوية وضرب روحية الاهتمام، والشعور بالضعف والعجز والاستسلام وتكبير قوى الطاغوت وبث روح الهزيمة في المجتمع .

فالأعداء يعملون على إماتة روح الاهتمام في الناس أو صرف حالة الاهتمام نحو أشياء تافهة وجعلهم في غفلة كلية عن القضايا الكبيرة التي يجب أن تكون محط اهتمامهم، وتزييف الحقائق والوقائع والأحداث والتضليل السياسي والترويج للباطل.

ومن أشكال استهداف الهوية التدجين، من خلال مساعي العدوان لتجميد الشعب اليمني في ظل الوضع الراهن، ونزع روح المسؤولية والإحساس بها وتدمير إيمان الناس واستهداف الأخلاق والوعي وكل عوامل القوة والصلاح وما من شأنه أن يبني الأمة ويصنع لديها عوامل المنعة في مواجهة العدوان، والعمل على صناعة توجهات تلهي الناس عن قضاياهم الحقيقية ومسؤولياتهم الكبيرة.

أشرف الشعوب

ولإدراك الأعداء ويقينهم بأن الشعب اليمني من أشرف الشعوب وأكثرها عفة ونبلاً ومحافظة، لجأوا إلى محاولات التغرير بالشباب وتنفيذ البرامج التي تساعد على الاختلاط الفوضوي وتعزيز الروابط خارج إطار الشرع ونشر الفساد الأخلاقي، واستهداف الفطرة السليمة والعمل على مسخ وفساد الأطفال والشباب وصناعة قناعات وأفكار مغلوطة.

فعندما ينساق الناس خلف هذه الأعمال لن يبقى لديهم أي اهتمام في أن يكونوا وبلدهم أحراراً أو اهتمام بشأن الناس ومعاناتهم ومواجهة التحديات والأخطار.

فالإفساد وسيلة من وسائل الاستعباد والتفريغ من القيم والمبادئ وسيلة خطيرة من وسائل السيطرة والتحكم والهوان.

كما لجأ الأعداء للتمييع الثقافي والسلوكي للناس، واستهداف الشباب ومسخ هويتهم وقيمهم بتقليد قصات الشعر الغريبة واللبس والتقليد في حفلات الأعراس وغيرها من المناسبات التي تخرج عن العادات والتقاليد المستوحاة من قيم وأخلاقيات الشعب اليمني، حتى اللغة العربية لم يعد يعتز بها الكثير وهذا ما جعل الأمة ضائعة تائهة فاقدة لدينها ودنياها.

التفكيك مشروع الأعداء

كذلك يعتبر التفكيك مشروع رئيسي للأعداء يتحرك في داخل الأمة على أيدي محسوبين عليها، ينصب كل جهد هؤلاء في فرض تبعية عمياء وغبية لتطويع الأمة لأعدائها وتسخيرها بكل ما تملك لصالح أعدائها.

إن مشروع التفريق وإثارة النزاع والخلاف والصراع والخصام يعتبر مؤامرة شيطانية، تثير حالة العداء والخصام وتشب نار العداوة بين الناس.

ويعرف الأعداء سبيل عزة الأمة وتنميتها الحقيقية وزكاء نفوس أفرادها فيعملون من أجل صرفها عنها.

لذا يتوجب تعزيز العمل التوعوي بأهمية الحفاظ على الهوية الإيمانية والاعتزاز بها والتقيد بالتعاليم الإسلامية والأخلاق والقيم لأنها تحمي المجتمع وتصونه وتحافظ على قوته وتماسكه.

تحصين المجتمع

فالمسؤولية اليوم كبيرة على الجميع للتصدي لهذه الحرب، بإدراك طبيعتها أولاً لأن هذا الإدراك سيجعل الإنسان مستيقظاً يتحصن بالمفاهيم والمبادئ الصحيحة.

وينبغي كذلك العمل عبر كافة الأنشطة التربوية والثقافية والإعلامية والاجتماعية، وبمضامين مفيدة ومؤثرة وراقية ومتنوعة لمساعدة المجتمع على الحصانة الإيمانية وتعلم الدروس من الدول التي نهضت وبنت لها حضارة وكان سر نجاحها اعتزاز أفرادها بقيمهم وهويتهم وتقاليدهم ولغاتهم.

النجاح بقدر الاعتزاز بالهوية

مع التأكيد على الاستفادة من الآخرين وأخذ العلم والمعرفة والتصنيع والإبداع منهم مع الحفاظ على الهوية الإيمانية لأن الحفاظ عليها لا يتنافى مع الاستفادة منهم، إذ سيكون النجاح بقدر الاعتزاز بالهوية والحفاظ عليها.

وإذا فقدت الأمة خصوصيتها الثقافية والفكرية وخصوصيتها في الحياة تتفكك وتتبعثر وتتلاشى، وتبتلعها الكيانات والدول الأخرى وتسيطر عليها.

“سبأ”

مقالات ذات صلة