مغامرات تركيا في سوريا وعواقبها الوخيمة على أردوغان

منذ يوم السبت، شن الجيش السوري إلى جانب قوات المقاومة، عمليات مختلفة ضد المواقع المشتركة للإرهابيين والجيش التركي، الذين شنوا عمليات عسكرية واسعة النطاق في الشمال السوري.

وفي الأيام القليلة الماضية، قُتل عدد كبير من الإرهابيين والمسلحين الأتراك ودُمر الكثير من أسلحتهم الثقيلة وعرباتهم، على يد الطائرات والمدفعية الحربية للجيش السوري. ووفقاً للتقارير، فقد أسقطت أنظمة الدفاع الجوي السورية أكثر من 7 طائرات من دون طيار ترکية أيضاً. كما حررت العملية أجزاءً كبيرةً من المناطق التي يحتلها الإرهابيون وتركيا.

وجاءت الهجمات التركية والإرهابيين المشتركة على مواقع الجيش السوري وقوات المقاومة، بعد أن توصلت حكومة أردوغان وفي أعقاب فترة من المفاوضات المكثفة مع الحكومة الروسية، إلی اتفاق توقف روسيا بموجبه عملياتها الجوية في سوريا مؤقتاً.

الجيش السوري، وكما حذر سابقًا، هاجم المواقع المشتركة لتركيا والإرهابيين دون دعم جوي روسي، ما ألحق بهم الكثير من الخسائر.

رد الفعل القوي للجيش السوري ومحور المقاومة، وإسقاط العديد من الطائرات التركية من دون طيار، وكذلك الهجمات على المواقع العسكرية التركية، أظهر أن الجيش السوري بمساعدة إيران تمكن من تقوية أنظمته الدفاعية، وبالإضافة إلى إيقاف العمليات العسكرية التركية، ألحق بها هزائم فادحة.

الإجراء الحاسم للجيش السوري ومحور المقاومة في الوقت المناسب في العمليات الأخيرة في محافظة إدلب ضد تركيا والإرهابيين، والذي ترافق مع تحرير مساحات شاسعة، نقل رسالةً مفادها أن محور المقاومة قادر على خوض الحرب في سوريا بنجاح.

الحكومة التركية تعاني من العديد من المشكلات ولا سيما في الداخل، ورجب طيب أردوغان في موقف صعب للغاية. حيث اهتز موقع أردوغان داخل حزب العدالة والتنمية، ورغم أنه لا يزال يتمتع بنفوذ وقوة كبيرين في الحزب، ولكن الانشقاقات الحزبية مثل “عبد الله غول” و”داود أوغلو” ليست تحذيرات بسيطة.

والتيارات السياسية الأخرى في تركيا، التي تشعر بخطر شديد علی الأمن القومي ومصالح تركيا بسبب خيارات أردوغان، هي الأخری من المنتقدين الجادين لهذا المسار. كما أدى انخفاض قيمة الليرة التركية والمشاكل الاقتصادية الناجمة عنه، إلى زيادة التحديات في وجه أردوغان.

لقد اعتبرت حكومة أردوغان أن حل مشاكلها الداخلية هو في توسيع نطاق تحرکاتها الخارجية. ولهذا السبب، فقد وسعت وجودها العسكري في جغرافية واسعة. والأعمال العسكرية التركية في قطر وليبيا، وكذلك تدخلاتها العسكرية والاحتلالية في العراق ومؤخراً في سوريا، يتم تقييمها في نفس السياق أيضاً.

يبدو أن الحكومة التركية تنظر إلی استمرار انعدام الأمن في سوريا والعراق، بأنه فرصة لها في إطار السياسة الأمريكية، وبهذه الطريقة تتهرب من العديد من مشكلاتها الداخلية، وتتوقع حل بعض مشكلاتها الاقتصادية أيضاً.

حالياً، إن أهم آبار النفط السورية تخضع لسيطرة الجيش الأمريكي، ويباع نفطها للمشترين العالميين عبر تركيا. وهو الأمر الذي نراه أيضاً فيما يتعلق بالبيع غير المشروع للنفط العراقي من قبل حکومة إقليم کردستان وتحت الإشراف الأمريكي.

يری الخبراء أن تصرفات أردوغان لها عواقب وخيمة على تركيا. کما أن إساءة استخدام تركيا للظروف الإقليمية، وخاصةً الأزمة السورية، لن يدوم طويلاً، والشواهد الميدانية تدل على اقتراب الطريق من النهاية.

إذ تمكن الجيش السوري من تحرير جغرافيا واسعة من البلاد من سيطرة الإرهابيين، كما تشير عملية تحرير إدلب إلی أن الوضع في هذه المنطقة يقترب من الحسم، ونظراً للإشارات الواردة من قوات سوريا الديمقراطية فإن الظروف في الجانب الآخر من الفرات تقترب من الحسم لصالح دمشق أيضاً وبأقل تكلفة، وقريباً ستسيطر إرادة الحكومة السورية علی كل الجغرافيا السورية.

کما لم تعد القوات الأمريكية في وضع آمن في العراق أو سوريا، وتشير الأدلة إلى أنهم يجب أن يغادروا المنطقة قريبًا، وسيظهر نظام جديد في المنطقة يتمحور حول العراق وسوريا ولبنان وإيران واليمن، والجهات الفاعلة التي تغامر في المنطقة بالاعتماد على القوى العابرة للإقليم، ستتضرر کثيراً.

يؤكد الخبراء أنه إذا استمر أردوغان في اتخاذ الخيارات الخاطئة، فمن المحتمل أن يواجه في المستقبل القريب توسيع الاحتجاجات الداخلية، والانهيارات داخل حزبه والتمردات التقسيمية وغيرها، ولا شك أن رجب طيب أردوغان لا يقود تركيا نحو مستقبل مشرق.

“الوقت”

مقالات ذات صلة