هل سيكون “العرادة” بلقيس اليمن؟

فاضل المشرقي

 

في جولة استطلاعية لتفقد الجند والجيش، تفقد نبي الله سليمان “ع” الطير فلم يجد الهدهد فتوعده بالذبح والعذاب في حالة الغياب غير المبرر، لحظات عابرة وعاد الهدهد من رحلته الاستطلاعية والاستكشافية، وبكل آداب واحترام القيادة وقف غير بعيد أمام سيده وأحاطه بما لم يحط به علما، فضمن رحلته تلك
وقف برهة في مملكة سبأ بمأرب وجاء منها بنبأ يقين عن امرأة تملك قومها وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم، ولكن الصدمة هي أنها وقومها يدينون بالولاء والعبودية لغير الله، ويسجدون للشمس من دونه، وزين لهم الشيطان أعمالهم، فصدهم عن السبيل فهم لا يعتدون.

أمام هذا النبأ العظيم حرر نبي الله سليمان “ع” رسالة عاجلة لهذه الملكة وقومها يدعوهم فيها للسلام والإسلام والإيمان، وتغليب مصلحة المملكة، ومنطق العقل والحكمة، وكلف الهدهد بإيصال هذه الرسالة، ومراقبة وترقب ردة الفعل، وفعلا نفذ الهدهد الغيور على أمته ودينه مهمته بحرفية ومهنية عالية، فلما قرأتها طلبت مستشاريها وكبار رجالات المملكة على الفور وعرضت عليهم فحوى هذه الرسالة الكريمة طالبة منهم المشورة والمساعدة في اتخاذ القرار، ولكنهم وهم رجال القوة والبأس يثقون جدا بملكتهم فقد فوضوا إليها أمرهم وقرارهم فالأمر أمرها والقرار قرارها إن شاءت حربا وإن شاءت سلما، وفي عملية اختبار نفذته بكل سياسة وذكاء وعقل وحكمة أرسلت هدية عظيمة لنبي الله سليمان لتنظر ماذا سيفعل، وبكل ذكاء وحكمة وسياسة وقوة أيضا رفض نبي الله سليمان هذه الهدية المغرية وأعادها وحامليها مع رسالة تهديد وتحذير قوية جدا قرر فيها الحشد الكبير للحرب، وإخراج ملكة سبأ وقومها منها أذلة صاغرين، لتنتهي هذه الحكاية العجيبة بقدوم ملكة سبأ وقومها على نبي الله سليمان، والجنوح للسلم والحوار والتفاهم، وإعلان الإيمان والإسلام مع سليمان لله رب العالمين وحده لا شريك له.

الآن وقوات ومقاتلو الجيش واللجان الشعبية على تخوم ومشارف مدينة مأرب التي تجمعت فيها كل قوى الخيانة والعمالة والارتزاق، هل سيفكر العرادة بنفس تفكير ومنطق الملكة السبئية الحميرية الماربية “بلقيس” بنت الهدهاد كما يقول المؤرخون؟ وما هو موقف مستشاريه وملاءه، وأي قرار سيتخذوته، وهل سيرسلون هدية لحكومة صنعاء التي تحرص كل الحرص على حل كل المشكلات بالحوار والتفاهم؟ وبماذا سيردون؟ قد لا يكون هناك قرار وليس واردا دخول مدينة مأرب عسكريا حاليا بهدف إفساح المجال أمام الحوار والتفاهم، ومنطق السلام والعقل والحكمة، ولغة الدبلوماسية.

هل سيفعلها “العرادة” وقومه ويقرروا الدخول في السلام، والعودة إلى صف الوطن ووقف سفك الدم اليمني كما فعلت وقررت جدتهم ملكة مملكة مأرب يوما ما؟ أم أنهم سيخرجون منها أذلة صاغرين؟

توقعاتي وظني أنه لن يفعلها فقد زين لهم الشيطان أعمالهم فصدهم عن السبيل فهم لا يهتدون، ولا هو ولا أحد من قومه يملك حق اتخاذ القرار في بلاط صاحب الجلالة والعمالة للأمريكان والصهاينة “الشيطان الأكبر”، خلاف الملكة “بلقيس” الملكة الحرة والمستقلة، ولكن لعل الله يخيب ظني وتوقعي، ولعله وهم يقتدون بالملكة وقومها ويهتدون، ويكفي الله حكومة اليمن في صنعاء القتال كسليمان “عليه السلام”، صحيح أن “العرادة” ليس بلقيس، وأن “المشاط” ليس سليمان، ولكن لعل لحظة تاريخية تعيد إنتاج نفسها من جديد وإن بدرجة أقل، ولعلهم بمقتضى الحكمة يستفيدون من توثيق الله لهذه القصة وعرضها في كتابه الكريم.

مقالات ذات صلة