“نيويورك تايمز”؛ الولايات المتحدة تعيش على صفيح ملئ بالبارود

تعيش العديد من المدن والولايات الأمريكية منذ ستة أيام في حالة اضطراب وذلك عقب مقتل رجل من أصحاب البشرة السوداء على يد شرطي أمريكي في مدينة مينيسوتا قبل عدة أيام، وهذه الحادثة فاقمت الاوضاع في عدد كبير من المدن الأمريكية وخلقت أزمة واسعة لحكومة “ترامب” العنصرية. وحول هذا السياق، كتبت صحيفة “نيويورك تايمز”، أن البلد أصبح يعيش على صفيح ملئ بالبارود. ولفتت تلك الصحيفة إلى أن شرطة مكافحة الشغب اقتحمت مسيرة للمتظاهرين خرجت يوم الجمعة الماضي وقامت بإلقاء القبض على المئات من المتظاهرين. وأكدت تلك الصحيفة الأمريكية أنه تم نشر 13 ألف عنصر من شرطة مكافحة الشغب والشرطة السرية الأمريكية في عدد من المدن والولايات الأمريكية. وأشارت تلك الصحيفة إلى أن الحكومة الأمريكية فرضت رقابة كبيرة على الشبكات الاجتماعية ووسائل التواصل الأجتماعي، كما قامت بالتنصت على محادثات المواطنين الأمريكيين. وأضافت تلك الصحيفة الأمريكية أن المتظاهرين أضرموا النيران في العشرات من سيارات الشرطة والبنوك والمباني الحكومية في مدن أمريكية مختلفة خلال الايام القليلة الماضية، ولا يزال المتظاهرين مستمرون في عمليات الهدم والنهب في جميع أنحاء الولايات المتحدة، ولا توجد علامات على أن هذه الاحتجاجات ستتوقف أو تتقلص في القريب العاجل.

وعلى صعيد متصل، ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” انه في الشهرين ونصف الأخيرة في الولايات المتحدة، توالت المشاهد الافتتاحية لانهيار المدن على الساحة، بما في ذلك انتشار وباء “كورونا” واكتظاظ المستشفيات في مدينة نيويورك بالمرضى، ثم تم نشر فيديو لضابط شرطة أمريكي يضع ركبته على عنق رجل أسود يدعى “جورج فلويد”. وأشارت الصحيفة الامريكية إلى تهديد “ترامب” بإطلاق النار الحي على المتظاهرين، قائلة: لقد رافقت رئاسة ترامب أحداث مروعة وعنف من قبل اليمينيين المتطرفين، بما في ذلك تمرد اليمينيين في شارلوتسفيل، والمذبحة التي وقعت في كنيسة بيتسبرغ وإطلاق النار الجماعي على اللاتينيين المقيمين في الباسو”. وأضافت الصحيفة ان البلاد على شفا حفرة من اندلاع اضطرابات طويلة الأمد على المستوى الداخلي في الولايات المتحدة الامريكية، مؤكدةً انه ثمة هناك العديد من العوامل التي تنفجر الولايات المتحدة في الوقت الراهن، بما في ذلك البطالة بنسب ضخمة، والمرض المتفشي الذي كشف عن عدم المساواة الاقتصادية والصحية في المجتمع، والمراهقين الضالين الذين ليس لديهم ما يفعلونه، وعنف الشرطة ورئيس مستعد لصب الزيت على كل حريق.

الحكم العسكري في 25 مدينة أمريكية

لا تزال الولايات المتحدة تشهد موجة حامية من التظاهرات والمواجهات وأعمال الشغب، على خلفية مقتل المواطن الأمريكي “جورج فلويد”، في ولاية مينيسوتا الأميركية، على يد ضابط شرطة، الأمر الذي تطلب إعلان حالة الطوارئ في 25 مدينة في 16 ولاية. وحول هذا السياق، كشفت وكالة “سي إن إن”، أن الولايات المتحدة الأمريكية شهدت يوم أمس ليلة جديدة من المظاهرات الشعبية التي رافقتها أعمال شغب ومواجهات عنيفة بين قوات الأمن مع المحتجين، رغم فرض حظر التجوال الليلي في أكبر مدن البلاد، حيث تتصاعد موجة الاحتجاجات في المدن الأمريكية للتنديد بمقتل المواطن الأمريكي من أصل أفريقي “جورج فلويد”، أثناء اعتقاله من قبل الشرطة في مدينة مينيابوليس. ولفتت هذه الوكالة إلى أنه في محاولة للسيطرة على الأوضاع، وعلى غرار العاصمة واشنطن و25 ولاية أمريكية أخرى، قررت سلطات كاليفورنيا نشر قوات للحرس الوطني في مركزها مدينة لوس أنجلوس، وذكر عمدة لوس أنجلوس، “إريك جارسيتي”، على حسابه في “تويتر”، يوم السبت الماضي: أن “قوات من الحرس الوطني في كاليفورنيا نشرت في لوس أنجلوس اليوم لدعم استجابة السلطات المحلية بغية ضمان السلام والأمن في شوارع مدينتنا”. وأكدت تلك الوكالة أنه تم نشر قوات للحرس الوطني في أكبر مدن ولايات كولورادو وجورجيا وكنتاكي ومينيسوتا وميزوري وأوهايو وتينيسي وتكساس ويوتا وويسكونسين، بالإضافة إلى العاصمة واشنطن. وبشكل عام تم فرض حظر التجوال في 25 على الأقل من أكبر مدن البلاد، لكن هذا الإجراء لم يمنع تجدد المظاهرات الليلة الماضية، واحتجز عشرات المتظاهرين في مختلف أنحاء البلاد.

اعتقال 1300 متظاهر

اتسعت حدة الاحتجاجات ضد العنصرية في الولايات المتحدة، يوم أمس الاثنين، وتحولت إلى غضب شعبي عارم واحداث شغب ونهب للمحلات التجارية في العاصمة واشنطن و25 مدن أمريكية وذلك بعد مقتل مواطن اسود بيَد شرطة مينيابوليس ورفضا لإساءة الشرطة معاملة الأمريكيين المنحدرين من أصل إفريقي. وتحوّلت مدينة مينيابوليس بؤرةً للعنف منذ أن قضى الأمريكي من أصول إفريقية “جورج فلويد” خلال عملية اعتقاله، بعدما قام شرطي بطرحه أرضًا وتثبيته لدقائق عدّة بينما كان يضغط بركبته على رقبته حتى لفظ أنفاسه. ولقد تم إحراق سيارات ومراكز تابعة للشرطة في نيويورك ودالاس وأتلانتا وغيرها، كما نُظمت تظاهرة لساعات أمام البيت الأبيض. وقتل شخص وجرح ثلاثة خلال التظاهرات في مينيابوليس فيما تستمر الاحتجاجات والتظاهرات المندِّدة بعنصرية الشرطة الأمريكية في عدد من المدن.

من جهتها، قالت وكالة “سيبوتيك” الأمريكية إن عدد الأشخاص الذين اعتقلتهم السلطات الأميركية تجاوز 1400 شخص، منذ اندلاع الاحتجاجات. وذكرت الوكالة أن الاعتقالات بلغت ذروتها في اليوم الأول حيث اعتقل نحو 1300 شخص قبل أن تعتقل السلطات المزيد من المحتجين في اليوم الثاني في سبع عشرة ولاية.

الاستماع إلى محادثات الناس

 مع انتشار الاحتجاجات في ولاية مينيسوتا التي أصبحت أكثر مدينة مضطربة في الولايات المتحدة المضطربة في الأيام الأخيرة، أعلن حاكم هذه الولاية أنه كان يستمع إلى مكالمات من أشخاص في الولاية للسيطرة على الوضع، وقال حاكم ولاية مينيسوتا إنه تلقى دعمًا استخباريًا من الجيش الأمريكي الذي قام بمراقبة اتصالات المواطنين، وزعم عمدة مينيسوتا أن بعض العملاء الخارجيين متورطون في تحريض مواطني مينيسوتا. واتهم المتظاهرون بالإرهاب، وبحسب وكالة “أسوشيتد برس”، قال مسؤولون حكوميون أمريكيون إن مقتل ضابط أمن اتحادي خلال احتجاجات أوكلاند في كاليفورنيا هو إرهاب محلي. كما أعلن المدعي العام الأمريكي مساء السبت الماضي أن العبور من حدود الولاية للمشاركة في الاحتجاجات سيعتبر “جريمة”.

الاستعانة بالكلاب الوحشية والاسلحة النارية

يبدو أن الرئيس “دونالد ترامب”، بدأ يفتش عن كبش فداء لسياسته المتذبذبة، وذلك عقب قيامه بترهيب متظاهري مينيسوتا بالرصاص وتهديد المحتجين أمام البيت الأبيض بالكلاب الأكثر شراسة، وبدأ في استخدام منطق القوة ولو كلامياً، في وقت تردد أن كبار الخبراء العاملين في إدارته أبلغوه أن وضعه الانتخابي سيئ، وأن عليه القيام بإجراءات بشكل سريع أو الخسارة، وهو ما يبدو أنه دفع ترامب للقيام بما يقوم به، على عجل، وبكثير من الارتباك، وتالياً الأخطاء. والمشكلة الأكبر التي تواجه “ترامب” حالياً، تهب عليه من مدينة مينيابوليس، إثر وفاة الأمريكي من أصل أفريقي “جورج فلويد”، اختناقاً بعدما طرحه شرطي أبيض أرضاً، وثبّته بوضع ركبته على رقبته للاشتباه بأنه كان يريد ترويج عملة ورقية مزورة بقيمة 20 دولاراً. حينها، قام مارة بالتقاط فيديوهات صورت الحادثة بالتفصيل، وأظهرت “فلويد” يردد “لا أستطيع أن أتنفس”. وانتشر الفيديو كالنار في الهشيم، ما دفع السلطات إلى فرض حظر تجول الجمعة في مينيابوليس بعد ثلاث ليال من الاحتجاجات وأعمال النهب.

التضامن مع المتظاهرين في كندا وألمانيا وبريطانيا

كشفت العديد من المصادر الاخبارية أنه ثارت كثير من مدن العالم غضباً بعد مقتل “جورج فلويد”، من أصحاب البشرة السوداء، على يد ضابط شرطة أبيض أثناء اعتقاله في مينيابوليس، أكبر مدينة في ولاية مينيسوتا الواقعة في شمال الولايات المتحدة.وزاد الغضب العالمي بسبب الوحشية التي قُتل بها “فلويد”، وسلط الضوء من جديد على تنامي العنصرية والتمييز في الولايات المتحدة التي ترى في نفسها المدافعة عن حقوق الإنسان حول العالم. وفي شوارع لندن وتورونتو، وفي أروقة السلطة في أديس أبابا وبكين، اندلعت مجموعة واسعة من الانتقادات إلى جانب الاضطرابات في الولايات المتحدة بشأن وفاة “فلويد”، الذي قُتل الأسبوع الماضي بعد أن قيّده ضابط شرطة أبيض وثبّته على الأرض.

وفي فانكوفر بكندا خرج الآلاف من المتظاهرين في الشوارع يحملون لافتات كُتب عليها «حياة السود مهمة». وفي برلين نشرت الصحف صوراً لضابط الشرطة السابق المتهم بقتل “فلويد” والتي وصفته بـ”الشرطي القاتل الذي أحرق أمريكا”. وفي الصين، نشرت وسائل الإعلام التي تديرها الدولة تقارير بشكل مكثف عن وفاة فلويد، وصورت الاحتجاجات وكأنها علامة أخرى على انحدار أمريكا. وقال رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي موسى فكي، في بيان يوم الجمعة الماضي، إن وفاة “فلويد” جريمة قتل. وأكد على رفض الاتحاد للممارسات التمييزية المستمرة ضد المواطنين من أصول أفريقية في الولايات المتحدة الأمريكية. وفي إيطاليا، كتب “ماسيمو غاغي”، مراسل صحيفة “كورييري ديلا سيرا” في الولايات المتحدة، أن رد الفعل على مقتل “فلويد” كان مختلفاً عن الحالات السابقة التي قُتل فيها أمريكيون سود على أيدي الشرطة واستمرار العنف.

“الوقت”

مقالات ذات صلة