الربيع الأمريكي وصل

عبدالفتاح علي البنوس

 

أمريكا تنتفض ، أمريكا تشتعل ، أمريكا تثور ضد العنصرية ، صدامات ومواجهات بين الشرطة والمواطنين ، أعمال عنف وقمع للمحتجين ، اعتقالات تطال ما يقارب 4000 مواطن أمريكي ، مسيرات ومظاهرات عارمة تقتحم أسوار البيت الأبيض ، ترامب يواصل استفزازه للمحتجين بسلسلة تغريدات وتصريحات رعناء ، ومحاولات بائسة منه لشيطنة الاحتجاجات المنددة بجريمة مقتل المواطن الأمريكي من أصول أفريقية جورج فلويد على يد الشرطة الأمريكية.

 

هكذا هو المشهد الأمريكي اليوم بعد مقتل فلويد صاحب البشرة السوداء على يد ضابط أبيض ، بطريقة وحشية بعد إطلاق النار عليه ، ليجثم على رقبته غير مكترث باستغاثات الموت التي كان يطلقها فلويد والتي كان يشير من خلالها إلى الضابط ليرفع قدمه كونه يشعر بالاختناق ، لكن الضابط الأبيض ظل على عنجهيته وتسلطه حتى فارق فلويد الحياة ، في جريمة تعكس العنصرية المقيتة ، والتمييز العنصري القذر الذي عليه أمريكا التي تدعي الديمقراطية ومناصرتها الحقوق والحريات ، ومحاربتها للعنصرية.

 

هذه الجريمة فجرت براكين الغضب في الشارع الأمريكي ، معلنة تدشين موسم الربيع الأمريكي ، على غرار الربيع العربي الذي دعمته وساندته أمريكا وإسرائيل بهدف تدمير الدول العربية وإدخالها في دوامة من الصراعات والحروب والأزمات ، بهدف تهيئة الأرضية المناسبة لتمرير صفقة القرن التي تستهدف القضية الفلسطينية.

 

نعم لقد حطت رياح ربيع الثورات في أمريكا ، وجاء الدور على الشيطان الأكبر ليشرب من نفس الكأس الذي أسقته الكثير من الدول والشعوب الحرة المناهضة لمشروعها الاستعماري التسلطي الديكتاتوري ، إنها ثورة ضد نظام عنصري ما يزال يتعامل مع أبناء شعبه بمعايير ومستويات المواطنة حسب الأصل و اللون ، ولن تنفع ترامب المخابئ السرية ، ولا قوات الحرس الوطني ، ولا تهديداته للمحتجين ، ومحاولاته شيطنة احتجاجاتهم الغاضبة على جريمة مينيسوتا ، وتكييفها على أنها أعمال إرهابية منظمة حسب زعمه ، ولن يجدي نفعا قيامه باعتقال الآلاف من المحتجين بهدف تخويف الناس من النزول إلى الشوارع والالتحاق بالثورة الشعبية الأمريكية ضد العنصرية التي يمارسها ترامب وإدارته وحكومته.

 

على المعتوه الأمريكي أن يجمع أمتعته ، ويحزم حقائبه ، ويغادر البيت الأبيض سريعا ، ويضع نهاية لسياسته العنصرية الاستفزازية الرعناء ، وليسارع بعرض نفسه على طبيبه النفسي ، ليصف له العقاقير الطبية اللازمة التي من شأنها كبح جماح تهوره وغروره وعنجهيته وتسلطه وعنصريته ، أرواح البشر ليست رخيصة ، ولا يمكن أن يطول صبر أحرار العالم على غطرسته وتفرعنه وعنصريته واستبداده وإجرامه ، الذي وصل إلى المواطن الأمريكي الذي منحه صوته ، ليتبوأ منصب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ، وإذا به ومع قرب انتهاء ولايته الأولى يرد عليه بقتله بكل وحشية.

 

بالمختصر المفيد، جريمة قتل جورج فلويد والعنف الذي تعاملت به قوات الشرطة مع المحتجين ، ولغة الاستفزاز والتهديد التي تعامل بها ترامب مع هذه الجريمة وتداعياتها تكشف للعالم وهم الديمقراطية والدفاع عن الحقوق والحريات ، ومحاربة العنصرية والإرهاب ، ومناهضة الأنظمة المستبدة والديكتاتورية التي لطالما تشدق بها ترامب ومن قبله من رؤساء ، لتؤكد للعالم أجمع أن الإدارة الأمريكية هي العنوان الأبرز للديكتاتورية والاستبداد والإجرام والتسلط ، وأنها حاضنة الإرهاب وصانعته ، وأنها العدو الحقيقي للديمقراطية والحقوق والحريات ، والخطر الذي يتهدد الأمن والاستقرار والسلم الاجتماعي على مستوى العالم ، وأنها والعنصرية صنوان متلازمان ، وأن العالم لن يشعر بالأمن والأمان والاستقرار إلا بسقوطها وتصحيح مسارها ، وإلغاء التعامل بنظام الفيتو الذي يمثل الرافعة التي يعتمد عليها هذا النظام العنصري في تنفيذ مشاريعه ومخططاته ومؤامراته على مستوى العالم.

 

هذا وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

مقالات ذات صلة