حلفاء الولايات المتحدة العرب غير قادرين على التماشي مع استراتيجية الضغط الأقصى ضد إيران

كتب معهد الشرق الأوسط مقالا بقلم بلال صعب، وهو عضو بارز ومدير برنامج الدفاع والسياسات الأمنية، ومايكل مالرافي، عضو بارز في شؤون الأمن القومي وسياسة الدفاع في هذا المعهد: سعت الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليج الفارسي إلى العودة إلى طاولة المفاوضات مع إيران من أجل منع قيام أي حرب بين الولايات المتحدة وإيران في المنطقة. وقد ذهبوا للقاء المسؤولين الإيرانيين بهدف تخفيف التوترات، فضلاً عن تقديم المساعدة الإنسانية لطهران لمكافحة تفشي فيروس كوفيد 19 المستجد.
وجاء في هذا المقال “إن هذا الأمر مثير للاهتمام من جانب ومثير للسخرية من جانب آخر، لأنهم طالبوا واشنطن، حتى وقت قريب، باتخاذ موقف أكثر صرامة ضد عدوهم الرئيسي في المنطقة، أي الحكومة الاسلامية في ايران. ويضيف المقال “السؤال الآن هو ما إذا كان بإمكان هذه الدول بذل مزيد من الجهود لتقليل احتمالية المواجهة العسكرية بين الولايات المتحدة وإيران دون غضب واشنطن”.
هذا ليس سهلا على دول مجلس التعاون الخليج الفارسي. هم لن يكونوا قادرين على تحدي موقف الحكومة الأمريكية الحالية بشأن إيران، لأن هذا قد يقود الحكومة الأمريكية إلى تنفيذ قرارها الأخير بسحب بعض أنظمة الدفاع الصاروخي باتريوت من الأراضي السعودية وإجلاء جميع القوات والمعدات الأمريكية. كانت الولايات المتحدة قد هددت في السابق أنه إذا لم تنه السعودية حربها النفطية مع روسيا، فستنفذ هذا القرار.
لا يمكن لشركاء الولايات المتحدة العرب في الخليج الفارسي أن يتحملوا مثل هذه النتيجة، لأن الولايات المتحدة هي في نهاية المطاف الراعية والداعمة لهم، على الرغم من المخاوف الأخيرة بشأن التزام الولايات المتحدة بأمن بلادهم.
من المرجح أن تتفاقم مخاوفهم من خلال تمرير مشروع قانون يقيد من صلاحيات الحرب مع إيران. ودعا مشروع القانون صراحة إلى إنهاء استخدام القوة ضد إيران دون موافقة الكونغرس. وعلى الرغم من اعتراض الرئيس ترامب على مشروع القانون، فقد صوت ممثلو الحزبين الأمريكيين لصالح مشروع القانون، ومن المرجح أن هذا الإجراء لم يبقى بعيدا عن أنظار شركاء الولايات المتحدة العرب في الخليج الفارسي.

إفتقار الدول العربية إلى العمق الاستراتيجي والدفاع المتكامل
يعتقد المؤلفان أنه في حالة حدوث صراع عسكري، ستتمكن الولايات المتحدة من الدفاع عن قواتها وأصولها في المنطقة. لكن الدول الخليجية أقل قدرة في هذا الصدد، على الرغم من زيادة قدراتها العسكرية. فقد كشف هجوم تقليدي كبير على البنية التحتية للنفط السعودي في الخريف الماضي عن نقاط ضعف الشركاء العرب للولايات المتحدة في الخليج. ويشتبه في أن الهجوم نفذته إيران.
وعلى عكس العراق، الذي قاتل إيران لمدة ثماني سنوات في الثمانينيات، تفتقر الدول الأعضاء في مجلس التعاون الخليج الفارسي إلى عمق استراتيجي ودفاع متكامل. هذا يعني أنهم لن يتمكنوا من الصمود في وجه الضربات الصاروخية الواسعة النطاق من قبل إيران. إذا تعرضت هذه الدول للهجوم، فمن المرجح أن تعاني اقتصاداتهم التي تعتمد على صادرات النفط، بشكل كبير.
ولكن يتعين على الدول الخليجية أيضا الاستعداد لتغيير محتمل في الحكومة الأمريكية. وكلما طالت مشاركتهم في حملة “الضغط الأقصى” الأمريكية ضد إيران، كلما كان طريقهم أصعب فيما اذا تمكن الديمقراطيين من الفوز في انتخابات أكتوبر.
ستكون عملية المصالحة مع حكومة جديدة محتملة صعبة للغاية، لأن ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، أضر بشراكة الولايات المتحدة والدول الخليجية من خلال حرب اليمن المثيرة للجدل وقتل الصحفي السعودي جمال خاشقشي، كاتب عمود في صحيفة واشنطن بوست. لذلك، يتعين على الدول العربية في الخليج الفارسي أن توازن بين مساعي البقاء “في السلطة” إذا استمرت الحكومة الجديدة، وإنشاء جسور مع حكومة جادة محتملة، ومنع وقوع الحرب.

الطريقة المثلى، إتباع مبادرة دبلوماسية جماعية ضد إيران
يخلص معهد الشرق الأوسط في نهاية المطاف الى أن: أكثر الطرق منطقيةً لهذه الدول هو إتباع مبادرة دبلوماسية جماعية تجاه إيران، بغض النظر عن الفائز في سباق الانتخابات الأمريكية في يناير القادم، وفي نفس الوقت الضغط على ميليشيات هذا البلد وأنشطته الخبيثة في المنطقة.
إذا أخفقت الدول الخليجية في بذل جهد دبلوماسي مشترك مع الإدارة الأمريكية الحالية، فقد تلجأ بشكل متزايد إلى حلفائها الأوروبيين – بشكل رئيسي بريطانيا وفرنسا، الذين هم أكثر انسجامًا معهم – والتركيز على اتخاذ موقف موحد.
قد لا يحققون الكثير في هذا الخيار، لأن قوة المفاوضات التي يمتلكونها أقل من طهران. ولكن ربما الإيرانيون، بالنظر إلى الوضع الاقتصادي الصعب الذي يواجهونه جراء تفشي فيروس كورونا، يفضلون تجنب الحرب والاستقرار الداخلي على أي قضية أخرى، مثل الدول الخليجية. إذا كان الأمر كذلك، فإن الضرر الثنائي الذي ينبع إلى حد ما من الضغط الأقصى من الولايات المتحدة، سيشجع في النهاية الإيرانيين و الدول الخليجية على التفاوض والتعاون في نهاية المطاف.

“الوقت”

مقالات ذات صلة