فورين بوليسي: إيران في مأمن من الضغوط الأمريكية .. يجب أن يضع ترامب سياسة ” الضغط القصوى” جانباً

کتبت إحدى المجلات الأمريكية المعروفة: “على الرغم من أن ترامب قد يرغب في التفاوض مع إيران قبل الانتخابات الأمريكية ، إلا أن سياسة” الضغط القصوى “قد قضت على فرصة الدبلوماسية بين إيران وأمريكا”.

كتبت مجلة ” فورين بوليسي ” الأمريكية في مقال حول عدم فعالية سياسات ترامب تجاه إيران: قال الرئيس دونالد ترامب في 5 يوليو: “إنّ على إيران ألا تنتظر حتى بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية “للتوصّل إلى اتفاق كبير”، ولكن يمكنها الآن التوصل إلى “صفقة أفضل”، جاءت تصريحات ترامب بعد أسبوع من تبادل الأسرى بين البلدين، وأثناء تبادل الأسرى، أطلقت إيران سراح مايكل وايت، العضو السابق في البحرية الأمريكية، وأطلقت أمريكا سراح الدكتور ماجد طاهري، وهو أمريكي إيراني، من السجن، ومع ذلك ، في حين قد يرغب ترامب في التفاوض مع إيران وتعزيز سمعته المعلنة كتاجر ماهر قبل الانتخابات الأمريكية، إلا أن سياسة “الضغط القصوى” قضت تقريباً على فرص الدبلوماسية بين إيران وأمريكا في الأشهر المقبلة.

خلافاً لتوقعات واشنطن.. لم يدمّر الاقتصاد الإيراني

كتبت المجلة الأمريكية أن إيران صمدت أمام ضغوط الولايات المتحدة: على الرغم من أن العديد من الناس العاديين في إيران عانوا، لكن اقتصاد البلاد، خلافاً لآمال كثيرة في واشنطن لم يصل إلى مرحلة السقوط الحر، في حين أن، إيران أظهرت علامات على الانتعاش الاقتصادي والإنتاج المحلي والعمالة في ازدياد، وبحسب عبد الناصر همتي، محافظ البنك المركزي الإيراني، نما الناتج المحلي الإجمالي الإيراني غير النفطي بنسبة 1.1 بالمئة العام الماضي. يعتقد الاقتصادي الإيراني البارز سعيد ليلاز أيضاً أن اقتصاد البلاد قادر على التغلب على وباء فيروس كورونا وتجربة النمو الاقتصادي هذا العام على الرغم من تفشي الفيروس.

تقضي قرارات ترامب عن غير قصد أو عمداً على إمكانية الدبلوماسية

وأضافت المجلة: إنّ غطرسة أمريكا والأعمال العدائية لم تدفع إيران للتوصل إلى اتفاق، لكنها أضعفت المسؤولين الإيرانيين الذين أيّدوا المفاوضات مع أمريكا، لقد أدّت قرارات ترامب السياسية، بقصد أو من دون قصد، إلى القضاء على إمكانية الدبلوماسية، التكلفة المحتملة للدفاع عن المفاوضات في طهران الآن مرتفعة للغاية، وينعكس هذا في ردّ فعل المسؤولين الإيرانيين على تبادل الأسرى الأخير.

يضيف التقرير: قال علي شمخاني، أمين المجلس الأعلى للأمن القومي، وهو أحد أكبر هيئات صنع القرار في إيران، ردّاً على اقتراح ترامب للاتفاق: “تبادل الأسرى ليس نتيجة مفاوضات ولن تجرى مفاوضات في المستقبل”، تعكس ملاحظات شمخاني خطًّاً متماسكًاً في طهران، فالمفاوضات مع أمريكا ليست مطروحة، حتى وزير الخارجية المعتدل جواد ظريف، والرئيس حسن روحاني والمتحدث باسم الحكومة علي ربيع يعتقدون أنّ تبادل الأسرى يمكن أن يتمّ من دون مفاوضات.

وتابع التقرير: كان الوضع مختلفاً تماماً قبل بضعة أشهر، كانت المرة الوحيدة التي تبادلت فيها أمريكا وإيران السجناء خلال رئاسة ترامب في ديسمبر 201، وقد أفرجت إيران خلالها عن زو وانغ، طالب الدكتوراه في جامعة برينستون، مقابل العالم الإيراني مسعود سليماني، على عكس التبادل الأخير بين وايت والطاهري، وقد جرى التبادل في كانون الأول مع اجتماعات رفيعة المستوى بين المسؤولين الإيرانيين والأمريكيين وقد رافقه مثال نادر على المحادثات الثنائية بين أمريكا وإيران في ظلّ إدارة ترامب، وقد دعت أمريكا مرة أخرى لمثل هذا الاجتماع، لكن المسؤولين الإيرانيين يتهمون الآن إدارة ترامب بتخريب الجهود الدبلوماسية.

وأضافت المجلة: أشار خطاب روحاني خلال تبادل الأسرى في كانون الأول إلى أنه كان أكثر تقبلاً لجولة جديدة من المحادثات مع أمريكا، وقبل تبادل الأسرى ، أوضح روحاني أن طهران لن ترفض المحادثات وأن المحادثات يجب أن تكون “ثورية”. ثم في ديسمبر، سافر روحاني إلى اليابان، ووفقاً لوسائل الإعلام اليابانية، فقد أعطت واشنطن الضوء الأخضر لذلك، وفي ذلك الوقت، انتشرت التكهنات بأن الرحلة قد تؤدي إلى “صفقة صغيرة” بين امريكا وإيران، حيث أفادت وسائل الإعلام الإيرانية أن اليابان قد تحصل على إعفاء من أمريكا فيما يتعلق بواردات النفط من إيران وإطلاق مليارات الدولارات من عائدات النفط الإيراني المحظورة، يمكن لمثل هذه الاتفاقية أن تبني الثقة وتفي بشرط روحاني المسبق للتفاوض مع ترامب وهو رفع العقوبات.

اغتيال الجنرال سليماني جعل المفاوضات مع أمريكا أمراً بعيد المنال

ومع وجود أمل في ظهور جو دبلوماسي إيجابي أواخر عام 2019 والاتجاه نحو تقدّم دبلوماسي بين أمريكا وإيران، اغتالت أمريكا في أوائل كانون الثاني، القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني، وقد تجمّع الملايين في المدن الإيرانية للمطالبة بالانتقام.

وتابعت: وفي فبراير، أعلن روحاني بنبرة متشددة: “اعتقدوا أنهم يمكن أن يضعونا في موقف ضعف من خلال سياسية الضغط القصوى، وأضاف “يريدون منا أن نجلس على طاولة المفاوضات .. هذا لن يحدث أبداً.”

وأضافت: ومنذ ذلك الحين يعارض المناخ السياسي في إيران بشدة أي مفاوضات مع أمريكا.

كما صرّح محمد باقر قاليباف ، رئيس مجلس النواب الجديد ، في أول خطاب له في البرلمان: “إن المفاوضات والمصالحة مع أمريكا، مركز الغطرسة العالمية، غير مجدية وضارة، إنّ استراتيجيتنا في التعامل مع أمريكا الإرهابية هي استكمال سلسلة الانتقام لدم الشهيد سليماني”.

في جزء آخر من التقرير، يذكر أن المحافظين قد استولوا على البرلمان بالكامل إنه يعزز تهميش الإصلاحيين مثل روحاني ومن حوله، كان هذا الاتجاه أساسياً بعد تعطل ترامب للاتفاق النووي لعام 2015، وقد كرس روحاني كل رأسماله السياسي للتفاوض على اتفاقية ، ووعد بأن صفقة نووية ستجلب فوائد اقتصادية جيدة للشعب الإيراني.

ترامب على خطأ

وتخلص “فورين بوليسي” بتحذير المسؤولين الأمريكيين من أن عكس الرياح السياسية في السياسة الخارجية الإيرانية أمر مهم في المستقبل، إذا اعتقد ترامب أن “أقصى ضغط” سيقربه من اتفاقية مع إيران ، وهذا اعتقاد خاطئ ، فلن تؤدي هذه السياسة إلى استسلام إيران أو انهيارها ، بل إنها تزيد من حدة العداء بين أمريكا وإيران وتضع أمريكا على حافة الحرب في الشرق الأوسط. ترامب ، الذي وعد خلال الحملة الانتخابية لعام 2016 بأن أمريكا ستنسحب من الحروب المكلفة في الشرق الأوسط ، إلا أنه بسبب قرار تصعيد التوترات مع إيران ،خلال تموز الماضي ومرة ​​أخرى في كانون الثاني ، قال كنا على وشك الدخول في الحرب مع إيران.

يجب أن يضع ترامب سياسة ” الضغط القصوى” جانباً

وخلص التقرير إلى أن “نهجاً آخر ممكن، ولكنّه يتطلب من ترامب أن يتوقف عن ممارسة سياسة الضغط القصوى وبناء الثقة من أجل مفاوضات ناجحة”، العلاقات الدولية وسوق العقارات مختلفتان عن بعضهما، فالاتفاقات لا يمكن أن تتم عن طريق الإكراه والفوضى، ولن تكون الاتفاقيات ممكنة إلا من خلال الاحترام المتبادل واتفاق “يكسب فيه الجميع”، لقد وصف ترامب نفسه بأنه تاجر ماهر، ولكن عشية انتخابات نوفمبر، لم ينجح في السياسة الخارجية، إذا كان يريد ترك شيء مثل الإرث الإيجابي في مجال السياسة الخارجية، فعليه أن يخرج من الحرب ويدخل في مفاوضات مع إيران.

“الوقت التحليلي”

مقالات ذات صلة