خسارةُ الأمـة بانحرافها عن ولاية الإمام علي

د. علي أحمد الحمزي

 

عن أهميّة ولاية الإمام علي -عليه السلام- يقول الله تعالى: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ، وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُونَ)المائدة 55، 56، ومن خلال هذه الآيات المباركة ومن خلال ما قاله السيدُ حسين -سلام الله عليه- حولها، ندرك أن خسارة الأُمَّــة بانحرافها عن ولاية الإمام علي -عليه السلام- كانت عظيمة، ويأتي في مقدمة تلك الخسارة:

 

أولاً: الهداية بالقرآن الكريم:

 

وهي أعظم خسارة خسرتها الأُمَّــة بانحرافها عن ولاية الإمام علي -عليه السلام-؛ فبعد أن فارقت الأُمَّــةُ الإمام عليًّا -عليه السلام- بعد وفاة النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ- فارقت القرآن في مقام الهداية، فولايته -عليه السلام- هي ولاية هداية؛ لأنها تمثل الامتداد الحقيقي لولاية الله ورسوله، وهذا يستفاد من قوله: (إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللّهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا…) والمراد بالذين آمنوا هنا الإمام علي -عليه السلام- وهو أعلم الناس بالقرآن بعد رسول الله -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-؛ ولهذا يقول الرسول -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-: [علي مع القرآن والقرآن مع علي]، ويقول السيد حسين -سلام الله عليه-: (تولي الإمام علي مفتاح لأبواب الهداية بالقرآن الكريم).

 

وعندما لم تقبل الأُمَّــة هدى الله في من تتولى وممن تقبل الهدى، أتى من المضلين من يقدّم لها القرآن بشكل مغلوط، ويستخدمه وسيلة للضلال كما هو حاصلٌ اليوم، حيث نجد الكثير من أهل الباطل -كما ذكر السيد حسين رضوان الله عليه– يحاول أن يقدم أحاديث مكذوبة على النبي -صَلَّى اللهُ عَـلَيْـهِ وَعَـلَى آلِـــهِ وَسَلَّـمَ-، والأمة تقبل ذلك، من منطلق أن الله قد قال في القرآن الكريم: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ) الحشر7.

 

ثانياً: النموذج في من يتولى شئون الناس:

 

وولاية الإمام علي -عليه السلام- تعني النموذج فيمن يتولّى شئون الناس، وهذا يستفاد من قوله تعالى: (وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ)؛ ولهذا يقول السيد حسين -رضوان الله عليه-: (الإمام علي نفسه قدّم لهذه الأُمَّــة نموذجاً فمن يكون متوليًّا للإمام علي فعلاً سيرى ولاية الأمر في الإسلام أنه يجب أن يكون من يلي أمر الأُمَّــة يتحلّى بقيم، بروحية شبيهة بما لدى الإمام علي، أليس هذا حاصلاً لدى الشيعة؟ ألم تبق عند الشيعة هذه الرؤية؟ بقيت هذه الرؤية عند الشيعة لماذا؟ لأنهم متولون للإمام علي)، وعندما لم تقبل الأُمَّــة هدى الله فيمن يتولّى أمرها، تولى أمرها من كان سبباً في هلاكها وضياعها وسيطرة أعدائها عليها في جميعِ المجالات، كما هو حاصلٌ اليوم، أمثال حكام الخليج وغيرهم من حكام وملوك العرب الذين هيأوا الأُمَّــة لقوى الاستكبار من الأمريكيين والإسرائيليين.

 

ثالثاً: تحقيق النصر والغلبة:

 

وولاية الإمام علي -عليه السلام- تعني تحقيق النصر والغلبة في ميادين المواجهة مع أهل الكتاب من اليهود والنصارى، وهذا يستفاد من قوله تعالى: (وَمَنْ يَتَوَلَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْغَالِبُون)، ومما قاله السيد حسين حول هذه الآية: (الذين آمنوا هنا هو الإمام علي -عليه السلام-، بدون ولاية الإمام علي -عليه السلام- لن تتحقّق هداية، ولن يتحقّق للأُمَّـة ولا أية جماعة وضعية تكون عليها جديرة بأن تسمى بـ(حزب الله) فتحظى بتأييد الله فتصبح هي حزبه الغالب، كلمة (الْغَالِبُونَ) هي جاءت في واجهة الحديث عن مواجهة اليهود والنصارى وهم أعداء الأُمَّــة على امتداد التاريخ).

وعندما تقبل الأُمَّــة هدى الله فيمن يتولّى أمرها، سيتحقّق لها النصرُ والغلبةُ في ميدان الصراع مع اليهود، كما هو حاصلٌ اليوم في جنوب لبنان، فعندما تولى حزبُ الله الإمام عليًّا -عليه السلام- ومن بعده أعلام الهدى من أهل البيت -عليهم السلام-، تحقّق لهم النصر على العدوّ الإسرائيلي في حرب تموز 2006م، وكما هو حاصلٌ اليوم أَيْـضاً في اليمن، فعندما تولى اليمنيون أعلام الهدى من أهل البيت -عليهم السلام- وفي مقدمتهم الإمام علي -عليه السلام-، استطاعوا الصمود والثبات في مواجهة تحالف العدوان السعودي الأمريكي، بل وتحقّق لهم النصر والتقدم في كثير من ميادين المواجهة مع هذا العدوان الغاشم.

مقالات ذات صلة