دعوةٌ للشباب العربي إلى التجربة اليمنية

عبد القوي السباعي

 

ونحن نتابعُ بشغفٍ وتوجُّسٍ ما آلت إليه مجرياتُ الأحداث في منطقتنا العربية من تطوراتٍ خطيرة، تتمثلُ بإمعانِ الأنظمة العربية في الانغماس بوحل الخيانة، والانحدار إلى مستنقع التطبيع والانبطاح مع دولة الكيان الصهيوني الغاصب، فالإماراتُ لم تكن الأولى ولن تكونَ الأخيرةَ، ضمنَ هذا المسلسل الخياني غير المتناهي في المتاجرة بقضايا الأُمَّــة ومصائر شعوبها المغلوبة على أمرها، والمنهوبة ثرواتها، والمصادرة حرياتها والمسحوقة طموحاتها وآمالها.

 

هذه المستجداتُ وغيرُها لم تكن يوماً غائبةً عن جماهيرَ عريضةٍ من شباب الأُمَّــة العربية، والتي حيالها جرّبوا كُـلّ الوسائل والأنشطة ومختلف البرامج والفعاليات، من مظاهراتٍ غاضبة، ومسيراتٍ صاخبة، ووقفاتٍ احتجاجيةٍ هُنا أَو هُناك، ويصدرون بيانات الاستنكار والشجب والإدانة والتنديد، هكذا جرت العادة، وهكذا كانوا وما زالوا مع كُـلّ تطورٍ أَو مستجدٍ يتعلق بقضايا الأُمَّــة المصيرية، والتي يخفت صداها وزخمها الجماهيري رويداً رويداً، حتى يصيرُ حدثاً من الماضي.

 

هُنا أُناشد شباب الأُمَّــة العربية إلى عدم الركون على الأنظمة والزعامات السياسية والحزبية والدينية المدجنة، بمختلف فعالياتها وقواعدها الرسمية وغير الرسمية، فقد أثبتت الأيّام والسنوات فشلها في تحقيق أدنى انتصار لأية معركةٍ خاضتها الأُمَّــة، في سبيل عزتها وكرامتها، بل وانصياعها لقوى الهيمنة والاستكبار والاستغلال العالمية، وأدعوهم اليوم إلى تجربة شعار الصرخة (الله أكبر، الموت لأمريكا، الموت لإسرائيل، اللعنة على اليهود، النصر للإسلام)، والذي يهتف به اليمنيون، وهذا الشعار بقدر ما يمثل إعلاناً للبراءِ من أعداء الله أعداء الأُمَّــة، بقدر ما يعبر عن مكنون كُـلّ طائفة كُـلّ فرقة كُـلّ حزب كُـلّ فرد في شعوبنا العربية؛ لذا أدعوكم بأن تهتفوا بهذا الشعار ويعمموه في أوساطكم ويجسدوه في تفاصيل حياتكم اليومية.

 

وأنتم في فلسطين ولبنان والأردن وسوريا والعراق، في الإمارات والبحرين وعُمان والكويت والسعودية وقطر، في مصر والسودان والمغرب العربي، ليس فقط محور المقاومة، بإمْكَانكم جميعاً أن تجربوا تفعيلَه في بلدانكم كملصقاتٍ على السيارات في الواجهات، على الجُدران في الشوارع والمحال على الجوال، أَو كراياتٍ قماشية على الأسطح، أَو ترفعوها كلافتاتٍ في المسيرات والوقفات، فقط جربوا ذلك ما الذي ستخسرونه؟، فقد جرَّبتم كُـلَّ الشعارات وكُـلَّ الهتافات، ما الذي حصل؟، كلمات ملتهبة وحماسية أطلقت هُنا وهُناك وتم من خلالها إفراغ شحنات الغضب اللحظية وانتهى الأمر، وكانت كفقاقيع الصابون المحلقة في الفضاء حتى التلاشي.

 

أدعوكم لتجربةِ تفعيل وتجسيد شعار الصرخة في بلدانكم، ولستُ هُنا أعدُكم بأن قضاياكم ستنتهي، بل ستجدون من سيسخر منكم، مَن يتقوَّل عليكم، مَن سيسعى إلى تشويه الشعار وتشويه مساعيكم، وسيفتحون عليكم حرباً أنتم أهلٌ لها؛ لأَنَّكم حينها ستعرفون جيِّدًا أنكم لامستم الجزءَ الحَسَّاسَ من القضية، ستتعرفون على أعداء الأُمَّــة الحقيقيون، من عملاءَ وأذنابٍ كان من الصعب انكشافُ أقنعتهم الزائفة في غير هكذا موقف، يكفيكم أنكم ستشاهدون البشر أحد الرجلين، مؤمنٌ صريح أَو منافقٌ صريح.

 

أدعوكم إلى خوض غمار هذه التجربة، وستكتشفون بأنفسكم ما الذي سيحصل، وللتنويه فقط، فإنَّ استخدامَ شعار الصرخة في وجه المستكبرين في بعض مواقع التواصل الاجتماعي قد يعرض حساباتِكم للمصادَرة، هيّا بنا لنبدأ من الآن.

مقالات ذات صلة