الصهاينة والعدوان على اليمن.. مصالح اليهود والأعراب واحدة وأهدافهم أيضاً

من خلال تأجيج الصراع وإثارة الفتن الطائفية

العدوان على اليمن ليس إماراتيا أو سعوديا أو أميركيا فحسب كما يعتقد البعض ، العدوان على اليمن صهيوني أيضا ، الحذر من إعلان المشاركة في العدوان يعكس الاستراتيجية اليهودية في القتال من وراء جدر ، يخشى اليهودي أن تصيبه ردة فعل الشعب اليمني الذي لن يتردد في توجيه الضربات الممكنة والرادعة لهذا الكيان البغيض..

 

يسعى الكيان الصهيوني منذ عقود عديدة لخلق عالم عربي مقسَّم ومشتت وجاهز للخضوع لهيمنتها لإقامة «إسرائيل الكبرى»، وذلك من خلال تفتيت الدول العربية القائمة حالياً إلى دويلات صغيرة تصبح كل منها معتمدة على إسرائيل في بقائها وشرعيتها، وذلك ما نراه حاليا من خضوع بعض الدول العربية التي يحكمها العملاء والخونة لتنفيذ الأجندة الخبيثة للصهاينة والمحتلين، وتحويلهم إلى أدوات مارقة لتقسيم الوطن العربي، وذلك يعود لإدراك إسرائيل الحقيقة المطلقة أنهم لا يملكون الجيش الكافي، بشريا، لاحتلال كل هذه المنطقة الواسعة لإسرائيل الكبرى، فلجأوا إلى أسلوب الحكم عن طريق ما أسموه «قوات حداد» أو «روابط القرى» المحلية تحت قيادات منفصلة تماما عن مواطنيها، وبالرد على أي محاولة للتمرد بالقمع الشديد، أو إبادة مدن بأكملها.

 

حرب صهيونية على اليمن

 

أتى العدوان على اليمن من قبل دول تحالف العدوان ليعكس تقاطع المصالح الصهيونية مع المصالح التي تسعى لتحقيقها الكيانات الوظيفية في الخليج ، والتي تعمل كأدوات لتنفيذ المشروع الأمريكي في المنطقة ، ومنذ أعلنت الحرب على اليمن في مارس 2015م كان واضحا أن الكيان الصهيوني يشترك في التنفيذ والتخطيط ويشارك فعليا في العدوان العسكري على بلادنا..

 

ما كشفته الوثائق التي عرضها متحدث القوات المسلحة العميد يحيى سريع في مؤتمر صحفي مساء أمس الأول أوضح جانبا من علاقات النظام السابق بالصهاينة ، والتي تعكس في مجملها الاستراتيجية اليهودية في اليمن التي يعتبرها الكيان اليهودي مطمعا يحاول استلابه سياسيا وعسكريا وحتى ثقافيا..

 

بُعد اليمن من الناحية الجغرافية عن (الكيان الصهيوني) لم يُجنّبه خطر الاستهداف، حيث شكّل مصدر قلق لزعمائها منذ وجود الكيان الغاصب ، ومنبع هذا القلق هو سيطرة اليمن على مضيق باب المندب، بوّابة الكيان البحرية إلى شرق الأرض؛ هذا عامل مهم وضع اليمن على أجندة الاستهداف الإسرائيلي، كما وضع جارته إريتيريا التي تشاطئها سواحل المضيق نفسه..

 

لهذا السبب لم ينفكّ الاستعمار الحديث عن اجتراح الوسائل والطرق لإدامة أمد استعماره أو التحكم به من خلال استمالة النظام الحاكم فيه ، ما تكشفه الوثائق أن الصهاينة نجحوا في جر النظام السابق ورئيسه الأسبق علي عبدالله صالح في إلى التطبيع ، ودفعه للعمل ضمن الاستراتيجية الصهيونية التي هي انعكاس للمشروع الأمريكي بطبيعة الحال.

 

دوافع الصهاينة في السيطرة على اليمن

 

أُدْرِج البحر الأحمر في نصوص الاستراتيجية العسكرية الإسرائيلية في مكان بارز وهام، واعتبرَه (ديفيد بن جوريون) «الطريق الوحيد لاتصال إسرائيل بشرق الكرة الأرضية»، وفي هذا الإطار منحت إسرائيل مدينة إيلات أفضلية عليا في برامج التطوير الداخلي، واعتُبِرت منطقة تطوير (أ) في كافة عهود الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، وفُرِضَ حول إيلات طوق أمني في داخل (إسرائيل)؛ ولعلّها المدينة الإسرائيلية الوحيدة الّتي يتمّ الدخول إليها من قبل الإسرائيليين بتصريحٍ مُسبَق حتى وقت قريب؛ وما زال هذا الحظر ساري المفعول على العرب الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية وسكان الضفة الغربية، إلى ذلك تمّ تطوير ميناء إيلات ليصبح ميناء مدنياً وعسكرياً في آنٍ واحد، مّا يعكس أهميّته الاستراتيجية بالنسبة لإسرائيل..

 

يقول الكاتب الإسرائيلي «إلياهو سالبيتر» عن استراتيجية (إسرائيل) في البحر الأحمر «إنّ المتخصّصين في شؤون [الدفاع الإسرائيلي] والمخطّطين يدركون جيّداً مدى خطورة بقاء الأنظمة العربية المطلة على البحر الأحمر في حالة عداء مع الكيان الصهيوني ، وبالتالي لا بد من خلق علاقات مع هذه الأنظمة ، التطبيع مع النظام السابق إضافة إلى انفصال ارتيريا عن اثيوبيا وفّرا للكيان اليهودي مناخاً أفضل للعمل في منطقة البحر الأحمر والتوغل شرق أفريقيا، واستمالة دول القرن الأفريقي.

 

عملاء وحلفاء

الإمارات التي باتت حليف الصهاينة تنفذ الاجندات الصهيونية في اليمن دون مواربة ، وفي الأحداث الأخيرة كشفت عن وجهها القبيح ودورها القذر في التنفيذ الحرفي للوصايا الصهونية بشأن اليمن ، بالإضافة إلى أنها حلقة الوصل بين العملاء والصهاينة ، بل هي الوكيل الخليجي لإسرائيل..

 

اليمن منذ عقود

 

تولى النظام الإماراتي تعبيد الطريق أمام الصهاينة في ساحات عربية عدة ، وفي المؤتمر الصحفي كشف المتحدث باسم القوات المسلحة عن دور لعبته الإمارات منذ سنوات ماضية في تسويق إسرائيل عربيا ، وأوضح أن بروس كاشدان الذي زار صنعاء حسب الوثيقة المكشوفة هو صديق حميم لمحمد بن زايد يتولى مهام عديدة موكلة إليه من قبل صاحب المهمات القذرة في المنطقة بن زايد ، يمكن البناء على هذه النقطة لتفسير العلاقة التي تجمع النظام السابق بأولاد زايد ونظامهم الوظيفي ، وهي تنسحب في نفس الوقت على وجود المرتزق العفاشي الصغير طارق صالح في الساحل الغربي الذي توليه الإمارات اهتماما خاصا.. تقف خلف كل ذلك أهداف صهيونية ترتأي اسرائيل تحقيقها.

 

سيقان المؤامرة مكشوفة

 

ثورة الحادي والعشرين من سبتمبر مثلت نقطة تحول مفصلي، فهي وبالإضافة إلى إسقاط المؤامرت الصهيونية في اليمن كشفت سيقان الخيانات المتتالية للأنظمة في اليمن ..

 

وعلى الرغم من ضرب ركائز المشروع الخياني التطبيعي في اليمن وإسقاطه ، إلا أن الحرب العدوانية التي تشن على اليمن ، والتي تشترك فيها إسرائيل مع الكيانات الخليجية هي محاولة لإعادة الأمور إلى ما كانت عليه قبل الثورة الشعبية..

 

تسعى إسرائيل عبر الأدوات الرخيصة في المنطقة من ممالك وإمارات التطبيع إلى إحياء مشاريعها في الجزر والبحار اليمنية ، وتظهر بصورة فعلية وبلا مواربة في سقطرى والساحل الغربي ، حيث زادت الإمارات من وتيرة أعمالها المشبوهة في جزيرة سقطرى، وأدخلت إليها الخبراء العسكريين الإسرائيليين- حسبما أكد موقع «إنتلجينس” الاستخباراتي.. في السياق ذاته قالت صحيفة يديعوت أحرنوت الإسرائيلية في أحد تقاريرها مطلع الشهر الجاري إن الإمارات والسعودية تتعاونان في ما تصفه بحماية المياه الإقليمية بحربهما على اليمن، وأنه يجب استمرار هذه الحرب ، لتحقيق الأهداف المشتركة بين الإمارات واسرائيل..

 

الكيان الإسرائيلي الذي ناصب العداء لثورة الحادي والعشرين من سبتمبر – ويناصب العداء لكل مكونات المنطقة- تأمل أن تستمر الحرب العدوانية على اليمن ، فهي ودون أن يكلف الإسرائيليون أنفسهم عناء إطلاق رصاصة واحدة تحقق لهم مصالحهم في السيطرة والنفوذ ، وفي الوقت ذاته يسعون لأن تتورط الدول العربية في مستنقع حروب داخلية، تبدأ ولا تنتهي في قادم الأيام، كي يتسنى في النهاية فرض الوصاية الإسرائيلية على المنطقة، وتعيد من جديد طرح شعارها القديم الجديد بأنها «واحة الأمان في غابة الخوف العربية»!

 

 الثورة / ساري نصر

مقالات ذات صلة