الأسرى.. بين تعنت العدوان وجدية الأنصار

إبراهيم عطف الله

 

منذ الشهور الأولى للعدوان الباغي، وقيادتُنا الحكيمة تطالب بإنجاز ملفَّ الأَسْرَى وتبذل كُـلّ ما بوسعها لتنفيذ عملية التبادل، ناهيك عن المناشدات المستمرة للمجتمع الدولي والصليب الأحمر بالمبادرات والتدخل الإيجابي السريع، ابتداءً من مفاوضات الكويت ثم مسقط وستوكهولم ومفاوضات الأردن، وآخرها مفاوضات سويسرا (جنيف)، رغم كُـلِّ القضايا المهمة والواجبة حلحلتها والتفاوض عليها إلَّا أن مِلف الأَسْرَى لا يزال من أولويات قيادتنا ووفدنا الوطني، أثبت قائد الثورة -يحفظهُ الله- مصداقيته في مِلف الأَسْرَى وتعامل بجدية في هذا الملف؛ كونهُ مبدأً إيمانياً من أَسَاسيات دين الرحمة، لدرجة أنه أطلق سراح عدة أَسْرَى من أَسْرَى العدوان لوجه الله؛ تخفيفاً لمعاناة الأَسْرَى في المعتقلات ومراعاةً لشعور أسر الأَسْرَى.

 

انتهت المرحلةُ الأولى من مفاوضات جنيف، حيث تم الاتّفاق بإطلاق سراح 1081 أسيراً من الطرفين، منهم (681) من أَسْرَى الجيش واللجان الشعبيّة، وَ400 أسيرٍ من أَسْرَى العدوان ومرتزِقته، بينهم 15 أسيراً سعودياً و4 سودانيين، واستئناف المرحلة الثانية من المفاوضات بشأن بقية الأَسْرَى بعد تنفيذ عملية التبادل الأولى المتفق عليها.

 

مضى حوالي أكثر من 12 يوما من مفاوضات جنيف حول ملف الأَسْرَى، ومنذ أول يوم من المفاوضات ووفدنا الوطني يعلن استعدادَه بكل جدية لتنفيذ عملية التبادل، استشعاراً للمسؤولية؛ كونها مسألة إنسانية دينية أخلاقية، إلا أن الطرف الآخر لا يزال متعنتا ومصرّا بإهماله وتجاهله تجاه كُـلّ الاتّفاقيات السابقة واللاحقة، وهو مستمر في عرقلته عن تنفيذ أية عملية تبادل للأَسْرَى بين الطرفين، ولم يتجاوب في ذلك وظل متهربا من تناول هذا الملف بجدية حتى هذه اللحظة ما قبل موعد عملية نقل الأَسْرَى بساعات معدودة، ويرجع ذلك إلى تهرب العدوان ومرتزِقته عن تنفيذ كُـلّ ما تم الاتّفاقُ عليه سابقًا؛ كونهم لا يعيرون أَسْـــرَاهم أي اهتمام وليس لهم أية قيمة عندهم.

 

يأتي هذا التعنت والعراقيل حول ملف الأَسْرَى في ظل إدراك كبير لتحالف العدوان بخطورة المرحلة، فالعدوان يدرك أولاً وعي أَسْـــرَانا لديه وعزيمتهم الفولاذية التي لا تعرف الانكسار، وفي حال أطلق سراحهم سيعودون مباشرةً لقتالهم في الجبهات، وسيشكلون ضغطاً كبيراً عليه في الميدان، وكذلك أَيْـضاً يدرك العدوان هشاشة أَسْـــرَاهم لدينا وسيكتشف الأَسْرَى أنفسهم حقيقة طغيان قادتهم وزيفهم وتغريرهم للقتال في صفوفهم، ويعي العدوّ جيِّدًا بأن أَسْـــرَاه إذَا أطلق سراحُهم سيعودون بنفسيات متغيرة غير ما كانوا عليه سابقًا، من خلال رؤيتهم لعكس ما قيل لهم ومن خلال المعاملات الأخلاقية التي حظوا بها؛ لذلك يسعى تحالف العدوان سعياً دؤوباً لعرقلة أي اتّفاق تبادل لو كلف الأمر استهدافهم بالطائرات، كما حصل في بعض السجون، حيث قام طيران العدوان باستهداف أَسْـــرَاه في سجون ذمار وغيره من السجون، وهذا دليل قاطع على تجاهل تحالف العدوان أَسْـــرَاه وإهماله لهم بل وسعيه لتخليص أَسْـــرَاه من الحياة قبل تخليصهم من الأسر.

 

أخيرًا.. نسأل من الله التوفيق والسداد في هذا العمل الإنساني، وأن يستشعر الطرف الآخر بالمسؤولية إن كان يمتلك ذرة إنسانية وأن يتعامل بجدية واهتمام بالغ، وَإذَا تعامل الطرفان في ملف الأَسْرَى بموجب إنساني ديني، ستتواصل الجهود والمفاوضات لتحرير بقية الأَسْرَى.

 

ورسالتي لأهالي الأَسْرَى وذويهم، بأن لا ينخدعوا وراء الشائعات الزائفة التي تولد البغضاء والمشاحنات والتفرقة حول معايير اختيار الأَسْرَى، وكما يشاع بالمجاملات والألفاظ المناطقية والعنصرية، وبكلمة حق يُراد بها باطل، والله الله بتحكيم العقل والقيادة ممثلة بالسيد القائد -يحفظه الله- في عملية الاختيار، فكل الأَسْرَى عزيزون على اليمن والمسيرة والقيادة، ولا مجال للتمييز والعنصرية، ونسأل الله نجاح هذه العملية وأن نرى الفرج لجميع الأَسْرَى وفق مبدأ “الكل مقابل الكل” وبالله التوفيق.

 

الرحمة للشهداء، الشفاء للجرحى، الحرية للأَسْرَى كُـلَّ الأَسْرَى، والكشف عن مفقودينا، إنه على ما يشاء قدير.

مقالات ذات صلة