تسبيح الله وتنزيهه في أفعاله وتشريعاته

|| من هدي القرأن ||
فتسبيح الله في الصلاة هو تنزيهه في ذاته، وتنزيهه في أفعاله، وتنزيهه في تشريعاته، لا يجوز أن ينسب إليه ما لا يليق نسبته إليه، لا يجوز أن ننسب إليه ما يقتضي تشبيهًا له بخلقه، ولا ما يقتضي تجسيمًا، لا يجوز أن ننسب إليه في أفعاله ما يجعله ظالمًا، أو يجعله يتصرف تصرفًا يخرج عن الحكمة، تصرفًا عبثًا، تصرفًا ليس فيه حكمة.

أيضًا هذه قضية مهمة جدًا، تنزيهه في تشريعاته عما لا يليق به، أنت عندما تقول أنك توحد الله فأنت لا تشبهه، لكنك تعتقد في تشريعاته ما لا يجوز نسبته إليه، فإن المسألة واحدة كما لو شبهته؛ لأن المشكلة هي فقط مشكلة أنك ستضيف نقصًا إلى الله، تقدم الله ناقصًا وهو سبحانه وتعالى ذو الجلال، وهو الكامل الكمال المطلق.
فتنزيه الله في تشريعه قضية مهمة، وعندما ترى أي عقيدة وإن جاء بعدها ستين ألف حديث وأنت تراها لا تنسجم مع تنزيه الله سبحانه وتعالى، مع تسبيحه، تؤدي إلى نسبة القبح إليه، فلا يمكن أن تكون صحيحة.
القرآن الكريم كله يدور حول الثناء على الله، أليست أول لفظة نقولها في الفاتحة بعد {بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ} (الفاتحة1) {الْحَمْدُ للّهِ} (الفاتحة2) لاحظ كم التناقض الكبير بين من يعتقد بأن الله سبحانه وتعالى يقدر القبائح، ويقدر كل هذه الأشياء السيئة، وبين قوله: {الْحَمْدُ للّهِ} الحمد لله هي شهادة لله سبحانه وتعالى أنه يستحق الثناء؛ لأنه عظيم؛ لأنه سبحانه وتعالى لا يصدر منه ما يعتبر نقصًا، ما يعتبر عيبًا.
الناس عندما يثنون على شخص معين أليس على أساس أنه صدر منه ما يستحق به الثناء؟ وعندما يلومون شخصًا أليس على أساس أنه صدر منه ما يستحق به أن يذم؟ عندما أقول: الحمد لله هي شهادة بالثناء على الله، وأن الله أهل الثناء.
أنت عندما تعتقد بأن القبائح من الله، وتؤمن بالقدر خيره وشره من الله، وأن كل شيء بقضاء وقدر، وأن كل شيء في هذه الدنيا يحصل من أعمال الناس هو بقضاء وقدر، وأن الله يريده، ما هكذا عقيدتهم؟ إذًا الله هو وراء كل شر، والله وراء كل قبيح، والله وراء كل مذمة!! أليس معنى هذه أنه أرادها وقدرها؟
إذًا فهل من هو وراء كل شر وقبيح يستحق أن تثني عليه؟ ألم يلعن هو إبليس؟ ألم يلعن الله إبليس وذمه {اخْرُجْ مِنْهَا مَذْؤُومًا مَّدْحُورًا} وهو فعل فعلة واحدة في البداية استحق بها أن يذم، وأنت تضيف إلى الله آلاف الجرائم والقبائح! فكيف تقول بأنه يستحق أن تثني عليه؟!
إن من هو مصدر القبائح، ومصدر الفواحش، ومنه الشر، ومنه السوء – هكذا خلاصة عقيدتهم – هل هو جدير بأن يثنى عليه وهو هو من لعن إبليس على واحدة منها، مما ينسبونها إلى الله! إذًا فهم عندما يقولون: الحمد لله، أليست شهادة بالثناء على الله؟ تثني عليه وأنت تعتقد أنه وراء كل قبيح، ووراء كل شر في هذه الدنيا، وأن كل عمل يصدر من الناس في هذه الدنيا هو بإرادة الله!
هم هكذا يقولون – إقرؤوا [العقيدة الواسطية] وشرحها – إن كل شيء يحصل في هذه الدنيا الله يريده، والله يقضيه ويقدره! إذًا فهل الله على مقتضى قولهم هذا يستحق أن يُثنى عليه؟ أبدًا.
فهو يعلمنا بأن الحمد له، {الْحَمْدُ للّهِ}، الثناء لله؛ ولنفهم أنه أهل للثناء، وأن شهادتنا بأنه أهل للثناء هي تعني أنه يجب أن ننزهه عما يتنافى مع الثناء عليه، فترى عقائدهم متنافية مع الصلاة، متنافية مع القرآن، متنافية مع أذكار الصلاة، متنافية مع كل شيء في هذه الدنيا، عقائدهم يشهد كل شيء بأنها باطلة؛ لأن كل شيء يسبح الله، {يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ} (الجمعة1).
فكل شيء يتنافى مع التنزيه لله فإن كل شيء يسبح لله هو شاهد على بطلان هذه الشيء، أنه باطل، لا يجوز أن ينسب إلى الله، سواء كان فيما يتعلق بذات الله، أو بأفعاله، أو بتشريعاته.
البعض يقول لك: [ما احنا عارفين من هم أهل الحق ومن هم أهل الباطل]! لأننا نحن لا نفهم وإلا فركعتان فقط تصليها تعرف أهل الحق وأهل الباطل، ثم وأنت تقول: اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} (الفاتحة6) أنت تقر بأنك تريد تبحث عن صراط ناس أنعم عليهم.
أنت إذًا في منتهى المسيرة وأنت تتشهد في الخروج من الصلاة تقول: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، وبارك على محمد وعلى آل محمد، كما صليت وباركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. أليس كل المسلمين يقولون هذه؟ إذًا لماذا لا تفهم وبأدنى التفاتة يمكن أن يفهم أي واحد أنه لا يمكن أن يكون ضمن أذكار الصلاة – هذه العبادة المهمة – أمر لي أقوله بلفظ دعاء: صل يا إلهي على محمد وعلى آل محمد، إلا ومحمد وآل محمد هم ممن أنعم عليهم.
فأنا عندما أقول: {اهدِنَــــا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} إن الصلاة، هذا الذكر الأخير الذي يذكر لمحمد وآل محمد يشهد بأنهم هم من أنعم عليهم بالهداية، وبأن يكونوا أعلام هدايته، وأعلام دينه، إذًا فأسير على صراطهم؛ ولهذا جاء في تفسير {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ} عن جعفر الصادق أو عن الباقر: صراط محمد وآل محمد.
دروس من هدي القرآن الكريم
ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي
بتاريخ: 1423هـ
اليمن – صعدة
الله أكبر
الموت لأمريكا
الموت لإسرائيل
اللعنة على اليهود
النصر للإسلام

مقالات ذات صلة