مخلفاتُ الاستعمار..!!

توفيق الشرعبي

 

الشعوبُ الحرةُ لا تفرِّقُ بين استعمار وآخر في طريق نضالها ضده سواءٌ أكان هذا الاستعمار من قبل امبراطوريات عظمى أَو من قبل دول شقيقة وجارة، بل ربما في معيار الحرية والكرامة يكون الاستعمارُ الأخيرُ أكثرَ إيلاماً وقهراً؛ لأَنَّ ظلمَ ذوي القربى أشدُّ مضاضةً..!!

 

أظُنُّ أن مسارَ النضال في مواجهة الغزاة والمحتلّين يتغير من شعب إلى آخر بمقدار ما يحمل أحرارُ هذا الشعب أَو ذاك من مبادئ الحرية وقيم الكرامة؛ ولهذا حملت صفحات التاريخ أوصافاً وألقاباً مختلفةً للبلدان والشعوب التي طالها الاحتلال والاستعمار.. وعلى سبيل المثال ما يذكره التاريخ عن اليمن بأنه “مقبرة الغزاة”..!!

 

بكل تأكيد أن التاريخ لا يرحم مَن لا يستفيد من دروسه ويتعمق في أحداثه، خُصُوصاً إذَا ما تعلق الأمر بغزو بلد واحتلال شعب سطّر التاريخ نضالات أبنائه وتضحيات أحراره، وسرد بطولات أُسطورية عن كفاحه؛ مِن أجلِ حريته حتى نال استقلالَه ودحر مستعمريه صاغرين عن تراب وطنه..!!

 

لا ندري كيف سيتعاملُ التاريخُ مع النظامين السعودي والإماراتي عندما يقفُ على الأحداث التي يقومان بها مع سبق الإصرار؛ مِن أجلِ احتلال اليمن دون النظر في الصفحات التي دونها التاريخ عن هذا البلد وشعبه وهو يواجهُ امبراطوريات عظمى طمعت ذات حقبٍ تاريخية مختلفة في غزوه واحتلاله، من امبراطورية الرومان إلى بريطانيا التي لا تغيبُ عنها الشمس..!!

 

الشعبُ اليمني حُرٌّ بالفطرة، ذو بأس شديد، أبي شجاع لا يقبلُ الانصياعَ حتى للطبيعة إذَا لمس منها ما يجرَحُ كبرياءَه أَو يسلبُه حقَّه في العيش الكريم.. شعبٌ كأنه عبر الزمن على تحدٍّ مع التاريخ بأنه سيظل الأقدرَ والأجدرَ على تسجيل أحداث بطولية من العيار الأُسطوري، وتحديداً إذَا كانت في سياقات العزة والكرامة والشجاعة.. وهو اليوم يتعاملُ مع ما يقوم به السعودي والإماراتي من ممارسات في بعض المحافظات اليمنية على أنها من “كبوات التاريخ” الذي تعوَّد منه أحداثاً لائقةً به كشعبٍ قاهرٍ للتحديات والامبراطوريات.. ولهذا لا يزال يأملُ أن يراجعَ النظامان السعودي والإماراتي حساباتهما ولا يصرا على أن يكونا ” لعنة ” في السجل النضالي لشعب قهر أعتى الامبراطوريات وكسر أقوى المستعمرين..!!

 

اليمنيون يدركون أن قوىً استعماريةً كبرى لها مطامعُ في اليمن، وتحقيقُها عن طريق الغزو المباشر سيكلِّـفُها أَثماناً باهظة لهذا دفعت بالسعودي والإماراتي كأدوات رخيصة للقيام بالمهمة التي فرضت على الأحرار من أبناء الشعب اليمني أن يكونوا في مواجهة مع حثالة من المرتزِقة وشُذَّاذ الآفاق لمكافحتهم كالحشرات والذباب..!!

 

ورغم أن السعوديةَ مصدرُ كُـلّ أذًى في المنطقة، كما هي الإمارات مصدر لكل تفاهة وسفاهة، وهما بحاجة ماسَّة للتأديب لكن لم يكن أحد يتخيل أن أقدارَ السوء سترمي بالمهمة على اليمنيين الذين أدّبوا امبراطوريات عظمى كالرومان والأتراك والبريطانيين والأحباش والفرس..!!

 

قيامُ النظامين السعودي والإماراتي بدور الغازي والمحتلّ اختراقٌ مؤذٍّ لتاريخ المقاتل اليمني الحر، والتعامل معهما بالكفاح المسلح يهدفُ لإيصال رسالة لمن يقف خلفهما بأن اليمنيَّ قادرٌ على دهسِ المستعمرِ وكنسِ مخلفاته..!!

مقالات ذات صلة