نوفمبر الجلاء.. انطلاقةٌ جديدة

طارق مصطفى سلّام*

 

تحتفلُ بلادُنا اليوم بالذكرى 53 لعيد الجلاء 30 نوفمبر المجيد وهي تشهد واقعًا معقدًا وأوضاعًا مأساويةً تسبَّب بها العدوانُ الأمريكي السعودي على بلادنا واحتلاله الغاشم للجزء الجنوبي منها والذي فاقم من حياة المواطنين ودمّـر حياتهم بشتى مفاصلها المدنية والاقتصادية والأمنية.

 

اليوم وبعد مضي 53 عاماً على طرد المحتلّ البريطاني من جنوب الوطن وهو في ذروة قوته وامبراطوريته العظمى نجد أنفسنا أمام وضع مغاير تماماً لتلك الحقبة الزمنية الماضية من حَيثُ الشكل إلَّا أن المضمون لهذا الاحتلال يحمل نفس الأطماع والأهداف والأيديولوجيات التي حملها المحتلّ البريطاني في احتلاله لعدن عام 1839م، أي قبل قرن وعقدين من الزمن، ولكن سيفشل حتماً في تحقيق مراده أَو ضمان استمراره من بعد الآن.

 

استحقَّ نوفمبرُ المجد أن يحظى باعتزاز اليمنيين به، وظلت تضحياتُ أبنائه راسخةً في القلوب والأذهان طوالَ الزمن، ولم يتمكّن المتربصون والمحتلّون الجُدُد من إعاقة اليمنيين للنهوض بمجدِهم واستعادة مكانتهم العريقة ومواصلة نضالهم مهما بذلوا في سبيل ذلك وخططوا وحشدوا، حتماً سيجدون أنفسَهم محصورين بين أنفسهم لا يملكون من الأمر شيئاً حتى أنهم سيفشلون في إيجادِ مبرّرٍ لما ارتكبوه وتسببوا به لأبناءِ تلك المناطق المحتلّة وعدوانهم الغاشم لليمن وقتل أبنائه بصورة جبانة وموحشة لم يسبق لها مثيلٌ.

 

128 عاماً من الاحتلال لم تكن كافيةً ليصل المحتلُّ البريطاني لأهدافه الكاملة وأطماعه التي طال انتظارُها رغم مجده الذي عاشه في ذاك الزمن وذاع صيتُه لدرجة وصف بريطانيا بالامبراطورية التي لا تغيبُ عنها الشمس، وهو ما جعل المحتلُّ الجديدُ لجنوب الوطن أكثرَ عجلةً من أمره للوصول لغايته، فحشد الدول ومرتزِقتها وجنجويدها وأسلحتها المطورة والمدمّـرة، وظل يقتل ويدمّـر وينهب طيلةَ خمسة أعوام ونيف، لكنه يجد نفسَه اليوم مأزوماً ومثيراً للشفقة بعد أن فقد شهيتَه في الاستمرار ووجد نفسَه أمام مأزق صعب تستحيل العودة منه، الأمر الذي دفعه لدعمِ مكوناتٍ صغيرةٍ ومليشياتٍ إرهابية ومسلحة للسيطرة وإدارة تلك المحافظات المحتلّة ليتفرَّغَ هو بالدعم وحصاد ثمار تواجده هناك تحت مسمى دعم التحالف.

 

اليومَ وفي ذكرى نوفمبر المجيد يستعدُّ اليمنيون لمعركتِهم الفاصلةِ في زمنهم الأشد ليحصدوا ثمارَ صمودهم ونضالهم ويستعيدوا وطنَهم الجريح، ونحن على يقين بأن المرحلةَ التي تعطَّشنا لها ذاع بريقُها وبات اليمنيون ينظرون للغد بعينِ النصر والمجد وهم يدركون أن لا رجعةَ عن ذلك دون تحقيق مرادهم مهما كلَّف ذلك من ثمن فلن يكونَ أكثرَ مما تسبب به العدوانُ والاحتلالُ على بلادنا.

 

* محافظ عدن

مقالات ذات صلة