“الركنُ الشديد” وعلاماتُ “نصر الله”

|| مقالات || سند الصيادي

 

قبلَ أَيَّـام أجرت المقاومةُ الفلسطينيةُ مناورةً غيرَ مسبوقة سُمِّيت بـ “الركن الشديد”، وَفي وَضَحِ النهار وَنقل تلفزيوني مباشر أطلقت رشقات صاروخية باتّجاه بحر غزة، كما حلّق الطيران المسيَّرُ في الأجواء، وانتشرت عناصرُ المقاومة على الأرض، فيما توازى مع هذا التهديد العملي للكيان الصهيوني رسائل شديدة اللهجة أطلقها قادة المقاومة باتّجاه الكيان وَمن باتوا في ولايته من الأنظمة العربية.

 

مشهدٌ لم يسبقه نظيرٌ في إطار الصراع الفلسطيني الصهيوني، وَتحولات مثيرة للدهشة في قدرة المقاومة الفلسطينية على الأرض وَلهجتها في الخطاب، وَما قد يكون مستغرباً أن هذا الحدثَ يأتي مع أكبر انحدار تمر به مواقفُ الكثير من الأنظمة العربية تجاه القضية، وَهو واقعٌ كان من المفترض أن ينعكس سلباً على حاضر المقاومة بكل التحليلات وَالأماني الصهيوأمريكية، غير أن الصورةَ مغايرةٌ لهذه المقارنات، وما حدث ويحدُثُ من انكشاف لما وراء الستار من مواقفَ يصُبُّ في صالح قضية فلسطين والمقاومة الفلسطينية.

 

في حوار العام مع الميادين، لخّص السيدُ حسن نصر الله هذه الارتداداتِ المعاكسةَ بالقول: إن الخذلان العربي ليس مستجداً، وإن ما نعيشُه اليوم هو أن سوقَ الكذب والنفاق استنفدت والأقنعة تساقطت والصفوف تمايزت، والمنافقون يخرجون من الصفوف، وأن هذه هي علاماتُ النصر، وبأن سننَ الله تفرِضُ أن يُعطَى هذا النصرُ لأهله لا لما كان حادثاً من ضبابية في المواقف وَاختلاط في الصفوف.

 

حقيقةٌ تستحقُّ التأملَ، إذَا ما أسقطناها على واقع غزة اليوم والتي تمثل “الركن الشديد” إحدى علامات النصر التي بشّر بها سيد المقاومة، وَبها بيّنت أنها باتت تمتلك اليومَ إمْكَاناتٍ ماديةً وَمعنوية أفضل رغم ظروف الحصار والعزلة، وَبأن الاهتزازَ الذي أراد أن يحدثه الكيان الصهيوني لهذه المقاومة من خلال موجة التطبيع انقلب على الضد تماماً، وَأثمر صلابة في الإرادَة وَدفعةً مضاعفةً للعزائم، بناءً على ما حدث من تمايُز.

 

فلسطين بمثابة عضو حيوي في جسد الأُمَّــة، تصابُ مقاومتُها وَمعنوياتُها بالحمى والشلل متى ما كان هذا الجسدُ مثقلاً بالأوبئة وَالأورام، وَالتطبيع الذي حدث مثّل عملياتِ استئصال ناجحة لهذه المشاكل، فعادت الدماءُ السليمةُ إلى هذا العضو الحيوي ليؤديَ وظائفَه الطبيعيةَ، وَالاصطفافُ الذي لطالما تمنينا أن يكونَ إلى جانب فلسطين، بات اليومَ حقيقةً معاشةً في ظل تنامي قوة المحور المقاوم، مع اختلاف أن الكثيرَ من الأنظمة حدّدت وِجهتَها السالبةَ وخرجت من الصف قبل أن يخرجوا إليه وقد حمى الوطيس وَزادونا خَبَالاً.

مقالات ذات صلة