إسقاط منطق العدوان وتحطيم زوابع الفجور

|| مقالات || عبدالرحمن الأهنومي

 

قَبِلَ تحالف العدوان على اليمن بحقائق الميدان ومعادلاته أم لم يقبل ، فَهِمَ واستوعب المتغيرات والمجريات على صعيد الميدان وفي السياسة والعلاقات الدولية أم لم يفهم ، أوقَفَ الحرب على اليمن ورفَعَ الحصار أم لم يفعل ، حق اليمن المكفول بالشرع والقانون والمواثيق الأممية والإنسانية وبشرائع الأرض والسماء في الدفاع عن نفسه بكل وسائل الدفاع الممكنة ، صلابة الشعب اليمني وصموده ، ثبات الأبطال وبسالتهم وانتصاراتهم ، سلاح الردع المصنوع يمنياً وبكفاءة اليمانيين أنفسهم ، قدسية الدماء والتضحيات العظيمة ، كل ذلك كفيل بأن يجعل تحالف البغي والعدوان والحصار مرغماً على قراءة خرائط السياسة والميدان وبأن ينزل عند تلك الحقائق وبفروضها وشروطها وإملاءاتها.

 

الاستمرار في الحرب الإجرامية التدميرية الوحشية على اليمن ، الإمعان في الحصار والتجويع والتنكيل بالمدنيين لن يُوصل تحالف العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي العربي الأطلسي إلى طرق أو مسالك يتخيلها غير تلك الطرق التي رسمت بفعل صمود الشعب اليمني وتضحياته وبسالته وتوكله على الله ، وحددت طريقا باتجاه واحد هو الخروج من اليمن ووقف العدوان عليه ورفع الحصار عنه ، وليكن ذلك بأي تسمية وتحت أي عنوان «حلاً سياسياً ، تسوية سياسية» غير ذلك فليكن ، ستبقى هزيمة تاريخية لاحقة بتحالف العدوان والحصار من ألفه إلى يائه.

 

حين أعلن التحالف العشريني من أمريكا عمليات «عاصفة الحزم» ، قبل ستة أعوام مضت كان طنين الطائرات الحربية في سماء اليمن لا يتوقف لحظة ، كانت المجازر والدمار عائم في كل دقيقة ولحظة ، كان اليمن من أقصاه إلى أقصاه يشتعل وسُحُب الدخان من كل مكان كأن اليمن كومة قش تشتعل ، وكانت شحنات الأسلحة تتدفق من العواصم الأوروبية ومن أمريكا وتفعل فعائلها الموغلة في الدم والدمار ، وأحدث الأسلحة وأشدُّها فتكاً بالإنسان والبنى وبأحدث حروب الذكاء وتكنولوجيا الحروب كان اليمنيون يُقتلون بالجملة والمفرق في البيوت والمزارع والطرقات والأسواق والأعراس والأتراح والفنادق والمعامل والمدارس ، كانت الجيوش وحشود المرتزقة يتقاطرون من كل حدب وصوب ويصلون زمراً إلى المعسكرات السعودية والإماراتية ، لقد تجند العالم كله ما بين مرتزق ومأجور في «العاصفة الهوجاء» ، حلف عريض يضم أكثر من مائة كيان وحكومة ودولة وجيش وفصائل مأجورة ومرتزقة ، أمريكا ودول الغرب الاستعمارية ، الدول العظمى واليهود واليمين المتطرف وكيانات الخطيئة في الخليج ، التنظيمات الإرهابية والإخوانية على تعدد أشكالها ومسمياتها ، كان اليمني مقتولاً أو مشرداً أو نازحاً أو خائفاً يترقب وصول الغارة على رأسه ، لقد استباح تحالف العدوان الأمريكي السعودي اليهودي البريطاني التكفيري المفخخ بأحدث أسلحة الحروب وأفتكها كل شيء في اليمن وأباح كل الحرٌم والحقوق.

 

كل ذلك كان يحدث فيما الأمم المتحدة وموظفوها ومسؤولوها والمنظمات الدولية والمؤتمرات والقمم وسائل الإعلام والصحافة والرأي تحتشد بكل الألسن ولغات الكلام في معركة القضاء على اليمنيين وسحقهم ودفنهم تحت التراب ، كان العالم مُجْمِعاً أو كاد أن يكون كذلك فقد اصطف – ما عدا قلة من الأحرار- ما بين فاعل وقائل مؤيد لإبادة اليمنيين وسحقهم ، كانت المظاهر عارمة بالفانتازيا والتباهي ، كانت فضاءات الإعلام والسياسة وشاشاتها تبتهج وتحلل وتتحدث انتشاء بما تفعله العاصفة الهوجاء باليمنيين تنكيلاً وقتلاً ودماراً وترويعاً لا تقف على شيء..وكان الكل يصف طرباً ونشوة ، وكان اليمنيون يمسكون بحبل الله المتين لا ناصر لهم إلا الله والله هو القوي وهو العزيز وهو من بيده القوة والملك والكون كله.

 

دماء اليمنيين ليست ماءً ولن تكون حلالاً زلالاً لأحد في هذا الكون ، ولا كرامتهم وحياتهم وبناهم وحقوقهم وأموالهم وبلادهم مباحة لأحد ولن تكون كذلك أيضاً، فلتخرس الأبواق المأجورة وهي تتضامن مع مملكة العدوان السعودية وهي اليوم تتعرض لضربات الجيش اليمني المشروعة والعادلة بل وهي غاية الحق والإنصاف والعدل تقضي بذلك شرائع الأرض والسماوات كلها ، فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم.

 

أبطالنا اليوم يقصفون مطار أبها وقبلها قصفوا مطارات وأماكن عديدة ، وغدا سيقصفون وبعده حتى يتوقف العدوان وينصاع المعتدون للسلام الحقيقي والعادل ، أبطال اليمن لا يكتبون بما يفعلون حروف السيادة ويكرِّسون معانيها فحسب ، بل يطبقون شرع الله وأوامره في معاقبة الظالم والتنكيل به والقصاص منه ، وحق اليمنيين كثير وعدالة الله كفيلة بالأخذ على أيديهم للتنكيل بالمعتدين حتى زوالهم.

 

الطريقُ إلى مارب ومطار أبها أيضا لا يختلف عن الطرق إلى بقيق وخريص ومنشآت أرامكو ، قد تتقدم طريق وقد تتأخر أخرى ، لكن دائماً لاعتبارات تحددها القيادة الحكيمة في اليمن وفق الممكن ووفق الهدف المرسوم ووفق قرارات حكيمة ترتب الأولويات ، وتمسك المبادرات وتنتزع من العدوان وأحلافه ومرتزقته وعملائه الأوراق لتضيفها إلى بعض وتنجز بها انتصاراً كاملاً وكبيراً وعد الله عباده المؤمنين به.

 

يقول المنطق النظري بأن العاجز عن الفهم واستيعاب الظروف المحيطة به سيبقى كذلك مهما تغيرت الأحوال والظروف وتبدلت ، وفي المنطق السياسي فإن العاجز عن امتصاص الهزيمة والاعتراف بها وتشكيل واقعه وفقاً لها سيظل مكابراً ومقامراً حتى يُدفن تحت التراب ، ولن يستطيع تجاوز أزماته والخروج الممكن بأقل كلفة في الحال الذي سيكون فيه أقل خسارة أو كما يقال :”بأقل الخسائر”.

 

النظام السعودي لم يفهم التحولات التي جرت على مياه الحرب ، لم يفهم رسائل الضربات الصاروخية والمسيَّرة منذ ضربة بقيق حتى ضربة الأمس على مطار أبها ، لم يستوعب أيضا العمليات العسكرية المتتابعة في الميدان وعلى وجه أخص عمليات (نصر من الله) و(البنيان المرصوص) و(أمكن منهم) وما قبل هذه العمليات الاستراتيجية وما بعدها يعجز النظام الأرعن عن فهم رسائلها ودلالاتها ، وقبل الشروع في صياغة بيانات التنديد والإدانة على ألسنة الأبواق والأتباع والبيادق والعملاء على النظام العاجز في الدرعية أن يستفيد من تجارب الحرب التي طالت وفشلت واستحالت الأهداف وتبدلت وصارت أزمات وهزائم وانتكاسات مشهودة ، وأظهرت حجم الفشل العسكري والعور الذي ينخر في بنيانه ، وألحقت به خسائر هائلة أموالاً وسلاحاً ومقاتلاً ، ولطخت سمعته المشوهة أصلاً ونكَّست راياته في المحافل الدولية والأممية وأمام الرأي العام العالمي.

 

وحده النظام السعودي لم يفهم حقائق التاريخ ولم يستوعب مجريات الحرب وتحولاتها ومعادلاتها ، صحيح أن آخرين لم يفهموا كذلك وقد عززوا من حالة الإنكار لدى النظام الأرعن فهم إما أجراء النظام المارق أصلاً وهم عملاء وبيادق – ولا يرتضي أحد من البشر أن يكون مأجوراً لهذا النظام الرديء إلا من هو مصاب باعتلال ذهني وعقلي- وإما لا يريدون فهم ما يجري فهم شركاء النظام وقد شاركوه العجز نفسه ، وبعضهم مقاولون وتجار حروب وقتل وقصف ودمار كحال بريطانيا والدول الأوروبية التي تبيع السلاح وتتمول وتتكسب من الحرب السعودية على اليمن وتدفع بها إلى مواصلتها رغم الهزائم والانتكاسات التي تلحق به يوميا.

 

الإدارة الأميركية ليست بمنأى عن الحال البائس للنظام السعودي ، بل هي في صلب الهزيمة والفشل بصفتها قائدة العدوان ومركزه وهي صاحبة مشروع الحرب على اليمن أصالة ، الفارق بينها وبين من استخدمتهم كأدوات طيّعة لشن العدوان على اليمن على رأس ذلك السعودية والإمارات هو أنها لا تريد أن تصل بالأمور إلى نهايات حاسمة ، (فالحجر من القاع والدم من رأس القبيلي) كما يقال في المثل ، هي تتزعم العدوان على اليمن وتترأسه وهي صاحبة المصلحة فيه وفي استمراره ، وما لم يتحقق بالمسار تعتقد أنه سيتحقق بالمسار البديل ، وباستنزاف أدواتها من خلال تكليفات جديدة ومن خلال المبادلة في الأدوار والوظائف بين تلك الأدوات.؟

 

أوقفوا عدوانكم بقراركم الاختياري قبل أن يأتي أوان ستُرغمون على وقفه وبدون أي اختيار ، فبيوتكم ومدنكم ومنشآتكم من زجاج ، في الإمارات ومملكة العدوان الوهابية، وحماقة عاصفتكم الهوجاء سترتد عليكم وبالاً ونكالاً.

مقالات ذات صلة