معركتان مفصليتان وانتصار شامل

|| مقالات || عبدالفتاح علي البنوس

 

يخوض أبناء شعبنا اليمني بجيشهم ولجانهم وكل الأحرار على امتداد الوطن الحبيب معركتين مفصليتين لا تقلان أهمية عن بعضهما البعض، معركتان تجسدان في ثناياهما المشروع الوطني الإيماني الرائد الذي رسم ملامحه وأرسى مداميكه وخط مساره الرئيس الشهيد صالح علي الصماد رضوان الله عليه (يد تحمي ويد تبني) معركة النفس الطويل، معركة الدفاع عن الأرض والعرض والشرف والكرامة والسيادة والتي يخوضها أبطال الجيش واللجان الشعبية بإسناد شعبي منقطع النظير، ومعركة بناء الوطن، بناء الدولة المدنية اليمنية الحديثة، دولة النظام والقانون، دولة العدل والمساواة، دولة الحرية والاستقلال والتحرر من كافة أشكال الوصاية والتبعية، دولة المؤسسات والبناء والتطوير والتحديث، دولة التصنيع الحربي، والاكتفاء الذاتي، والتحولات النوعية في مختلف المجالات وعلى مختلف الأصعدة.

 

وإذا كان أبطال اللجان الشعبية يقومون بمهامهم ومسؤولياتهم وواجباتهم القتالية الجهادية في مختلف جبهات العزة والكرامة على أكمل وجه، يجرعون الغزاة كؤوس المنايا ويسقوهم السم الزعاف، وينكلون بهم ويكبدونهم الخسائر في العديد والعدة، فإن المجلس السياسي الأعلى والبرلمان والشورى وحكومة الإنقاذ وكافة مؤسسات الدولة والسلطات المحلية في المحافظات والمديريات يخوضون معركة بناء الدولة خطوة خطوة، ومرحلة مرحلة، في إطار مشروع الرؤية الوطنية لبناء الدولة، المشروع الوطني الشامل الذي يمثل التحدي الأكبر بعد مواجهة العدوان والتصدي لقوى الغزو والعمالة والخيانة والارتزاق، ولا يمكن أن ننتصر في هذه المعركة إلا بالعمل الجاد والمثمر والمخلص من أجل تهيئة المناخ الملائم والأرضية المناسبة أمام دخول مضامين هذا المشروع حيز التنفيذ حسب البرنامج المرحلي المزمن.

 

والبداية تكمن في مراجعة كافة القوانين والتشريعات التي تمثل عقبة تحول دون تدشين مشروع بناء الدولة، والعمل على تصحيح كافة الاختلالات في مختلف مؤسسات وقطاعات الدولة المختلفة، وإعلان الحرب الشاملة على الفساد والفاسدين الذين ثبت فسادهم وأزكمت روائحه العفنة الأنوف، والعمل على إصلاح المنظومة العدلية (القضاء – النيابة – الأمن)، وتصحيح مسار العملية التعليمية والتربوية من خلال بناء المعلم، وتعديل المناهج والارتقاء بمخرجات التعليم بمختلف مستوياته ومساراته وجعل التعليم أولوية للدولة بكافة أجهزتها ومؤسساتها، والعمل على تغليب شرع الله وسيادة النظام والقانون، والشروع في إحداث نهضة تنموية في الجانب الخدمي بحيث يتم استكمال كافة الخدمات الأساسية وفي مقدمتها شبكات الطرق والمياه والصرف الصحي والارتقاء بمستوى الخدمات الطبية والتركيز على الجوانب التشخيصية في هذا المجال الكفيل بإعادة ثقة المريض اليمني بالطبيب اليمني وبالمستشفيات اليمنية، ومن شأن الشروع في تنفيذ هذه الخطوات عمليا على أرض الواقع قطع مرحلة متقدمة من مشروع بناء الدولة، وتسهيل تنفيذ ما تبقى من مراحل.

 

بالمختصر المفيد، معركة بناء الدولة ليست سهلة وميسرة كما يظن البعض ؛ ولكنها معركة مليئة بالمخاطر وتعترضها الكثير من العقبات والتحديات، وتتهددها الكثير من الألغام والعبوات الناسفة التي تتمثل في مافيا الفساد المتجذرة في أعماق الدولة بكل مفاصلها، هناك لوبي من هوامير الفساد والتسلط والعنجهية لا يريدون أن تقطع اليمن أشواطا متقدمة على طريق بناء الدولة، يريدون أن نظل على واقعنا المزري وحالنا البائس، وهو ما يحتم علينا دعم وإسناد توجهات الدولة في هذا الجانب والوقوف في وجه كل أعداء مشروع بناء الدولة، وعلى الدولة القيام بمسؤولياتها تجاههم وقطع دابرهم والتخلي عن المماطلة والتسويف، نريد أن تتزامن انتصاراتنا في المعركة العسكرية مع انتصارات مماثلة في معركة بناء الدولة، على طريق تحقيق الانتصار الكبير والشامل الذي يسعد به اليمن واليمنيين بفضل الله وتوفيقه وتأييده.

 

قلت قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم ووالدينا ووالديكم وعاشق النبي يصلي عليه وآله.

مقالات ذات صلة