العمقُ القرآني والاستراتيجيةُ الإنسانية.. القوة والثبات

|| مقالات || منتصر الجلي

 

تطرَأُ على العقل البشري الفكرةُ، يجانبُها التصورُ ويبنيها الخيال، يرافقُها العملُ وتستجدُ على الواقع كأثر بين على أشكال ورؤى مختلفة كُـلّ فكرة حسب احتياجها الإنساني، وكل نظرية حسب ما يبتغي صاحبُها.. وهذا ما نسمي في مصلحاتنا البشرية الوضع الاستراتيجي للتجانُس بين المحيط والإنسان تبنى عليها حياة الآلاف من البشر كُـلّ الناس عامةً وقاطبةً..

 

نرى القصور ونرى الشوارع ونرى الرسومات ونرى الخطط ونرى الحسابات ونرى الصناعة ونرى الاختراق التكنولوجي، نرى الإبداع ونرى الابتسامة ونرى الحزين ونمر بمن يبكي ونرى من يستفهم ونرى البليد ونرى الباهر ونرى الفهيم ونرى العالم ونرى العالم بكل شكل ووجه وشاكله.

 

كل هذا التموضع الاستراتيجي للبشرية لتستمرَّ حياة الإنسان إلى أجَلٍ معلوم ويوم معلوم هو القيامة..

 

هنا ننظر إلى المصطلح القرآني الذي هو أَسَاس قويم ونهج دائم ثابت لا يتغير أَو تبدله الحاجة أَو تسقط عنه القدرة عن التوجيه السليم للإنسان، فالفرق في النتيجة والغاية ومعرفة ثبات المنهجية أَو النظرية.

 

ففي مصطلح العمق الاستراتيجي وما يحويه من مدركات وخطط ودراسات للابتكار والمعرفة والعلم والتقيد بالواقع وفق مقتضى ما يسر البشرية، رغم كُـلّ هذا تظل هناك حلقة مفقودة سرها في الضعف القاصر المحدود للقدرة الإنسانية ومحدوديتها.

 

أما في العمق الثابت الذي هو العمق القرآني الآفاق مفتحة والمسارات القرآنية ذات إشارات ورموز حيثية مصانة بالثبات ومقرونة بالأعلام من العترة الطاهرة الذين أوتوا مفاتيح الآيات ومدلولات حركتها وتفعيلها وموضع كُـلّ آية ومكان تأثيرها..

 

الضمانة في العمق القرآني ثابتة النسبية ذرية الأمد، غير الأُخرى في الاستراتيجية الفكرية للبشر التي يعوزها النقص والتغيير والتبدل حسب الظروف وما يستلزمه الواقع عبر مراحل السنين.

 

معرضة في ذات الوقت للمد الحاكم والسياسة القائمة والأُطروحات العقائدية الموجودة في تلك الدولة أَو الشعب أَو المجتمع، بينما الاستراتيجية القرآنية مرفوع عنها بتاتاً التدخل العقلي والتشطير أَو الشطط، قائمة شاملة جامعة لكل البشرية بعكس الأولى المحصورة حسب الجنس واللون والعِرق والجغرافيا..

 

هنا وفي التسارع الكبير للنمو البشري والتكنولوجي والتغير الظاهر والباطن لسطح الكوكب الأزرق والنشوز الإنساني على فطرة الله وخلقه، لا يستطيع الإنسان أن يحكم بديهية الوقت أَو إلزامية الجغرافيا فمسير الكون وخالقه هو من وضع القرآن لإصلاح الناس بمختلف تنوعهم المعروف، وهو أعلم أنه لا حياة ولا سعادة إلا به، حتى التطور والنماء والنظرة الحديثة لو قُيِّدت بالمنظور القرآني لَكانت أجملَ وأعزَّ وأرقى.

مقالات ذات صلة

شاهد أيضاً

إغلاق