اختراق بريطاني.. وإبداعٌ يمني

|| مقالات || عبدالخالق القاسمي

 

أبدعت الاستخباراتُ البريطانية ووكالة المخابرات الأمريكية في اختيار الجواسيس اليمنيين، فمن حَيثُ العمر تم اختيارُ شباب أصغرهم يبلغ 21 عاماً وأكبرهم لا يتجاوز 35 عاماً، ومن حَيثُ المكان تم اختيارهم من مناطق يزورها المواطن اليمني بشكل اعتيادي وتشهد نشاطاً سكانياً مستمراً.. حَدّة والمطار وسواد حنش وشملان وغيرها من المناطق التي تشهد تواجداً سكانياً متنوعاً قد يعرف أهل المناطق تلك مختلف اللهجات اليمنية نتيجة للتنوع السكاني هناك..

 

وهذا تفكير بريطاني خطير يؤكّـد مدى الدقة في اختيار الجواسيس، حَيثُ سيساهم التنوع المعرفي لدى الجواسيس والإلمام بمختلف الثقافات اليمنية في تسهيل عملهم على الأرض، ومن حَيثُ الشكل يصعُبُ توقُّعُ ما إذَا صادفهم أحدٌ في الشارع أن يعملَ أُولئك الشباب لدى الدول التي تسعى لاحتلال اليمن وسبق واستهدفت الأرضَ والإنسانَ.

 

وهناك الكثير من الملاحظات التي حرص عليها البريطاني أثناء الاختيار، حَيثُ استطاع حتى أن يجند استخباراتيين لديه من موظفي جهاز الأمن القومي نفسه.. وهذا لا نراه إلا في الأفلام.. وإلا فكيف للمخول والمعني بحفظ الأمن وسلامة المواطن ومتابعة الخلايا التجسسية التي تعملُ لمصلحة الخارج.. كيف له أن يصبح هو الجاسوس إلا أن يكون أعلى رأس الهرم عميلا للخارج؟ وهذا ما كان حاصلاً بالفعل سابقًا وأثبتت ذلك المشاهد التي تم نشرها.. فأحد الجواسيس كان يعمل لدى الأمن القومي سابقًا ويقود كتيبة للمرتزِقة حَـاليًّا.. وهو مطلوب للعدالة سيتم الوصول إليه بإذن الله.

 

أما دلالاتُ الأهداف التي سعى لها الجواسيس مثل البحث عن أماكن إطلاق الصواريخ تؤكّـد إقرار الأعداء بأن الصواريخ تطلق من اليمن على عكس ما روجت له وسائل إعلامهم بأنها تطلق من خارج اليمن.. وبحث الجواسيس عن أماكن التصنيع العسكري إقراراً آخر بأن الصواريخ التي تطور في الداخل، وأن الصواريخ الجديدة تصنع في الداخل.. والبحث عن التجمعات وتصوير النقاط وغيرها من الأهداف المتوقعة وبمجملها تؤكّـد مدى الإفلاس الذي وصل له الأعداء في تحديد الهدف وفي تدميره على عكس اليد الطولى للقوات المسلحة اليمنية التي تمتلك بنكَ أهداف فيه أكثر من 300 هدف في عمق أراضي العدوّ.. كما أن محاولات التأكّـد عبر جواسيسهم من الأهداف التي يملكونها تؤكّـد مدى غرقهم في الدم اليمني.. وتوضح محاولات تجنب الاستمرار في العشوائية وتقليل استهداف المدنيين.

 

وبتصوري أن هذا بطلب سعودي خُصُوصاً بعد إعلان بريطانيا وقف بيع السلاح للسعودية بحسب توجيه محكمة لندن.. لتتراجع عن قرار وقف التصدير في وقت قياسي.. وكأن السعوديَّ يقول للبريطاني: نحن عجزنا عن الوصولِ لأماكن الصواريخ والتجمعات، ونطلب منكم أن تحدّدوا لنا الأهدافَ أنتم، وسنتيح المجال ونضاعف الدعم المالي.

 

وعلى العموم من أبدع بحق وحقيقة هي الأجهزةُ الأمنية في صنعاء وجهاز الأمن والمخابرات الذين استطاعوا الوصول إلى الجواسيس وإلقاء القبض عليهم بالكيفية المناسبة.. والشكر لهم بعد الله سبحانه وتعالى الذي ألهم ومَكّن منذ بداية العدوان وحتى اللحظة.

مقالات ذات صلة