أبناء مأرب في مقدمة الصفوف

|| مقالات || أحمد الديلمي

 

على خلفية الضجة الدولية غير المسبوقة بشأن مارب ، كان لابد من التحري والبحث عن الحقيقة خاصة في ما يتعلق بالجوانب الإنسانية والاستغلال الانتهازي لموضوع النازحين الذين تدفقوا إلى مارب من كل حدب وصوب بما في ذلك الأجانب غير اليمنيين الذين وفدوا إلى المدينة كمرتزقة حرب أو للبحث عن عمل ، وكلهم يتم تجييشهم من قبل مرتزقة العدوان وتسجيلهم في كشوفات ما يُسمى بالجيش الوطني، وإن لم يقاتلوا ويشتركوا في المعارك إلا أن الفائدة تتحقق من خلالهم وتتمثل في المرتبات التي تذهب إلى جيوب القادة الذين اعتادوا على مثل هذه الأساليب القذرة مذ كانوا في صنعاء، وكما يقال (الطبع غلب التطبع).. طبعاً للوقوف على الحقائق بذاتها بعيداً عن المغالطات أو التهويل الذي يلجأ إليه الإعلام الخارجي ، كان لابد من الاتصال بأشخاص معروفين من المدينة وقد حدث ما ذهبت إليه بالفعل من خلال الالتقاء بشيخ من مشائخ مارب أعرفه حق المعرفة ، الرجل صادق كشف عن خفايا وأسرار مروعة ، أكد من خلالها أن الغالبية من المجاهدين هم من أبناء مارب الذين ثأروا لكرامة الناس وكرامة المدينة .

 

مع أن الرجل ظل منذ بداية العدوان يتخذ موقف الحياد ، إلا أنه ظهر أمامي بكامل أسلحته وعتاده مع مرافقيه وقال إنه مشغول بالمواجهة في مارب إلى جانب الجيش واللجان الشعبية ، سألته ما الذي تغير ولماذا تبدلت بهذا الشكل؟ أجاب : يا أخي مارب أصبحت فوضى يتصارع فيها مسلحو التنظيمات الإرهابية المدعومة فكرياً ومادياً وتسليحاً من النظام السعودي والأمريكان أنفسهم ، هذه التنظيمات تسرح وتمرح تحت مرأى ومسمع من يدعون أنهم الشرعية ، لم يتوقف الأمر على مجرد التوطين للوافدين إلى المدينة ، بل ظهرت مساعٍ خبيثة هدفها طمس القيم والأعراف والتقاليد المتوارثة بأفقها الحضاري وبُعدها الإيماني ، وإبدالها بقيم وأعراف وافدة تتعارض كلياً مع هوية المدينة وهوية أبنائها ، قد لا تصدق أننا أصبحنا أبناء مارب عبارة عن غرباء نتسكع في شوارع المدينة وكأن الأمر لا يعنينا ، تغيرت الأعراف وتهدمت القيم والأخلاق القبلية وظهرت الأهداف الخفية الأساسية التي تسعى إلى تمييع هوية الناس الراسخة في أذهانهم بما يمثله هذا الجانب من خطورة ، وكأن عملية الاستقطاب وإغراء الناس للتوافد إلى المدينة يسبقه تلقين وغرس أفكار لا تتفق أبداً مع موروث المدينة وهوية أبنائها الوطنية ، إلى جانب الإنفاق المادي والمغريات الكبيرة ووعود هلامية مستقبلية لاستكمال عملية التغيير الديمغرافي وتوطين الغرباء بدلاً من أبناء المدينة ، لنكتشف أن من يتم توطينهم أفراد من القاعدة وداعش وكل التنظيمات الإرهابية من أصحاب السجل الحافل بالعنف والإرهاب ، بحيث تقوم جمعيات وهمية بتمكين هؤلاء الأفراد من البناء والاستيطان تحت يافطة إنسانية تحمل في ظاهرها الرحمة ومن باطنها يظهر العذاب، والغريب أن هناك جمعيات تقول إنها دولية تُسهم في هذه العملية، أما الجمعيات المحلية فهي تعمل برعاية مليشيا الإصلاح والإشراف المباشر من قبل المدعو علي محسن الأحمر.. ضحك الرجل وقال يبدو أن هذا الإنسان غير السوي أصبح مهووساً بالأراضي ، فكما عمل في صنعاء ووزع الجبال والمراهق والفيافي والقفار وكأنها ملك خاص لأبيه ، يكرر العملية اليوم في مأرب بحيث يوجه بإعطاء الوافدين قطع أرض محددة ، بينما تقوم الجمعيات الوهمية بمنح قروض لا يظهر أنها دين سيعوض لأنها لا توثق ولا تؤخذ تفاصيل عمن يأخذها على أساس استعادتها ، لكن الهدف والغاية هو تمكين الوافد من البناء والاستقرار في البيت الذي يبنيه بشكل سريع عبر استخدام الطوب الرملي (اللبن) وأحياناً البلك الاسمنتي وهذا النوع لا يُمنح ولا يعطى إلا لمستويات معينة من القيادات وبالأخص الأجانب ، فهم يحبذون البناء بالبلك الأسمنتي ، أما اليمنيون فهم معتادين على اللبن ويتعاطون معه من قديم الزمان ، أي أن المدعو علي محسن الأحمر يعمل بنفس الأسلوب الذي اتبعه في صنعاء من خلال إنشاء المدن السريعة التي سميت من قبل الجهات المختصة في الدولة بمدن الليل ، وكان الهدف منها السيطرة على أراضي الناس المساكين تحت غطاء الجمعيات السكنية الوهمية.

 

ويضيف الرجل: المهم أننا اكتشفنا أن حزب الإصلاح (الإخوان المسلمين) وكل الجماعات الإرهابية المرتبطة بهم في سباق مع الزمن بهدف تحويل مارب إلى قاعدة انطلاق للحزب وجماعاته الإرهابية الذين تم استقطابهم من الداخل والخارج ومنحهم وثائق إثبات للجنسية اليمنية ، فماذا تريدنا أن نعمل؟! وقد بلغ الأمر هذا المستوى من الخطورة ، لم يعد أمامنا مجال للحياد، بادرنا أنا ومجاميع كبيرة حريصة على الوطن وأمنه واستقراره للالتحاق بكتائب الجيش واللجان الشعبية لأننا وجدنا في سلوكهم الاستقامة والإيمان القوي بالله والحرص الكبير على المدينة وأبنائها وقبل ذلك حماية كل المديريات التي وصلت أقدامهم إليها ،

وهدفهم الأسمى هو عدم ترك المدينة لهذه الجماعات الضآلة وإعادتها إلى حضن الوطن للحفاظ على مجدها التاريخي وكل القيم والعادات والأعراف المتوارثة فيها ، بخلاف أولئك الشواذ فإن هدفهم هو الهدم هدم كل شيء: الدين ، القيم ، الأعراف و الأخلاق كل شيء مباح ومسموح استهدافه في إطار الرغبة المجنونة لمن يدعمهم ويمدهم بالمال والسلاح وهي السعودية والإمارات ومن وراء الجميع أمريكا، كلهم يحاولون الاستيلاء على مارب وتحويلها إلى محور ارتكاز للإخوان المسلمين الذين قد يتم استقطابهم من أنحاء العالم خاصة بعد أن أصبحوا منبوذين من قبل حتى هذه الدول التي تدعمهم للأسف الشديد بسبب أعمالهم غير السوية وممارساتهم الشاذة ، بعد هذا هل تريدنا أن نظل بعيدين عن ساحات المعركة ، وأن نظل مكتوفي الأيدي وبلادنا تتعرض لكل أشكال الخطر ، ورجال الجيش واللجان الشعبية الأبطال يتصدون لهذه المخاطر من خلال ملاحم بطولية خارقة يسطرونها ويبذلون أرواحهم ومُهجهم في سبيل تحرير مارب كل مارب من هذا الوباء وهذه المجاميع المجردة من الأخلاق والقيم؟..

 

انتهى كلام الرجل ، وفيه توضيح كامل للحقيقة التي لابد أن يعرفها العالم لكي يكونوا على بينة منها وإن كان البعض على علم بما يجري إلا أنه يتغابى لكي تظل المشاعر الإنسانية هي المعبرة لاستقطاب الضمائر إلى حظيرة التعاطف ، لكنها باتت مكشوفة من خلال التصريحات والبيانات المشفقة التي تتباكى على الإنسانية وعلى النازحين ، نعم هناك آلاف من النازحين الذين اضطرتهم الظروف في وقت سابق للوصول إلى المدينة بحسب التوصيف الذي أورده الرجل ، أما البقية فقد تم استقدامهم بأسلوب ممنهج ولأغراض للأسف دنيئة وغايات رخيصة تخدم الغازي الأجنبي ، وهذا ما يجب أن يفهمه كل الناس ويضعوا له حساباً بالذات من ينادون بحقوق الإنسان ، إذا كان الهدف التعاطي مع الواقع بما هو عليه ، أما إذا كان الهدف فقط التباكي ووجود مبررات لاستهداف الطرف الوطني المدافع عن أرضه وعرضه، وهنا نقول للمتباكين أسلموا اليمن شركم ودعونا ندافع عن هذه الأرض الكريمة التي يستحيل أن تقبل الغازي من حيث وفد، وتحية صادقة للأبطال رجال الرجال وموعدنا إن شاء الله مدينة مارب العظيمة لنعانق عرش بلقيس والسد وكل المعالم التاريخية التي تذكرنا بتراث الأجداد ، لقد بات موعد هذا اليوم قريباً إن شاء الله ، و نقول لهم المجاهدين الأبطال لا تعبأوا لحالات التباكي السخيفة والقصص المزيفة ، هؤلاء محتلون وخونة ومرتزقة ماذا ننتظر منهم ؟! أرجو أن تصل الرسالة إلى العالم وأن يتعامل مع موضوع اليمن بمعايير صادقة بعيداً عن الازدواج لكي يقتنع المواطن اليمني بدور المجتمع الدولي ومصداقية المنظمة الدولية التي أصبحت على المحك بعد مواقفها الديمغوجية البعيدة كل البعد عن الحقيقة ، أتمنى أن يفهم هذه الرسالة كل إنسان مخلص وشريف في هذا الكون.. والله من وراء القصد ..

مقالات ذات صلة