محاربة الفقر

|| مقالات || محمد صالح حاتم

 

قال الإمامُ عليٌّ بنُ أبي طالب كرم الله وجهه: (لو كان الفقرُ رَجُلاً لقتلتُه)، لماذا قال الإمامُ عليُّ هذه المقولة الشهيرة والتي تعد استراتيجيةً يجبُ علينا نحن كمسلمين تنفيذُها والعملُ على بلورتها على أرض الواقع؟

 

الإمام علي عندما قال هذه العبارة الشهيرة كان يعلم علمَ اليقين مدى خطورة الفقر، ومدى تأثيره على حياة الإنسان وارتباطه الارتباط الوثيق بشؤون الدولة، وعلاقته بالفساد الأخلاقي، والفساد الإداري والمالي وأهميّة محاربته بل ويُدرِكُ أن قوةَ الدولة واستقلالها وحريتها وسيادتها مرهون بالوضع المعيشي لأبنائها.

 

الإنسانُ الفقيرُ الجائعُ لا يمكنُ أن يتعلمَ، لا يستطيعُ أن يفكِّرَ أَو يبدعَ أَو يخترعَ، لا يقدر أن يدافعَ عن بلده، فالفقرُ يعتبر عدوَّ الإنسان الحقيقي، ومحاربته واجبٌ ديني على الجميع، وبالرغم من أننا مسلمين لكننا لم ندرك أهميّة ما قاله الإمام علي كرم الله وجهه، وتنبه له أعداؤنا الذين عملوا بشتى الوسائل وبكل الطرق والسبل لجعل البلدان العربية والإسلامية فقيرةً غير مكتفية ذاتياً، رغم ما تمتلكه من مقومات اقتصادية كبيرة تجعل منها دولاً قوية، بل سعى الأعداء لاستغلال هذه المقومات ونهب ثروات البلدان العربية والإسلامية؛ بهَدفِ تجويعهم، ليظلوا خاضعين لهم، مسلوبي القرار فاقدي للسيادة. وهذا هو الواقع الذي باتت تعيشه الأوطان العربية والإسلامية اليوم.

 

والسؤال الذي يطرح نفسه: كيف نستطيعُ أن نقتُلَه، وما هو السلاحُ الذي من خلاله نقضي على الفقر؟

 

محاربةُ الفقر وقتلُه لا يكون بالسلاح بل يكون بالعمل والتوجّـه نحو استغلال الثروات، يكون بالعلم، يكونُ بالزراعة، يكون من خلال اكتساب المهن الحرفية التي يستطيع من خلالها الشخص أن يكون منتجاً، فالأرض هي ميدانُ المعركة الحقيقية التي سيواجه فيها الإنسان عدوه (الفقر)، والمدرسة والمعهد والجامعة هي ميدان التدريب الذي يتدرب فيه الفارس ليكتسب مهارة وخبرة ليتغلب على العدوّ (الفقر) والحكومة هي القيادة التي يتوجبُ عليها إعدادُ الخطة لمواجهة العدوّ (الفقر)، ووضع الاستراتيجية الحقيقية لتجهيز الجيش الذي سيقاتل العدوّ، والشعب هم الجيش الذين سيخوضون المعركة وسيواجهون العدوّ (الفقر) في الميدان، فالكل معنيٌّ بمقاتلة ومحاربة الفقر، والقضاءُ عليه مرهونٌ بوجود قيادة حقيقية قادرة على استغلال الثروات وبناء القدرات وتنفيذ الخطط والاستراتيجيات على أرض الواقع الذي يلمسه الشعب.

مقالات ذات صلة