حصارٌ ضد الإنسانية

|| مقالات || يحيى صلاح الدين

 

يُعتبَرُ حصارُ شعبٍ بأكمله من الوقود انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي الإنساني، ويعد من الجرائم الأشدِّ خطراً التي تهدّدُ السلمَ والأمنَ الدوليين، وفق نظام روما النظام الأَسَاسي لمحكمة الجنايات الدولية لعام 1990م، التي صنّفت مثلَ هذه الأفعال ضمنَ جرائم ضد الإنسانية.

 

لأن الوقودَ متعلِّقٌ بالعديد من المواد الأَسَاسية لحياة الناس ومعيشتهم، مثل الماء والزراعة وتشغيل المستشفيات والأجهزة الطبية.

 

إن انعدامَ الوقود عن اليمنيين؛ بسَببِ قيام أمريكا الداعمِ الكبيرِ للحرب التي يشُنُّها النظامُ السعودي على اليمن، جعل حياةَ المرضى في المستشفيات في خطرٍ حقيقي وجعل حياةَ الأطباء أكثرَ صعوبة.

 

يعاني محمد الغزالي من التوقف المتكرّر لجهاز غسيل الكلى في العاصمة اليمنية صنعاء؛ بسَببِ النقص الحاد في الوقود بشمال البلاد، ويتوقعُ موته في أية لحظة، إذ قال: إنه لم يكن يتوقع أن يموت؛ بسَببِ تعطل جهاز تنقية الدم؛ بسَببِ انعدام الوقود، وقال والدموع تنزل من عينيه: هذه وحشية وجريمة ضد الإنسانية.. لماذا يمنعون عنَّا الوقود؟!!.

 

الأطباء يواجهون هذه المواقف بصعوبة بالغة، فعند توقف المولدات الكهربائية؛ بسَببِ نفاد الديزل يلجأ الممرض محمد الحطامي لتشغيل جهاز تنقية الدم يدوياً لمنعِ حدوث جلطات.

 

ويقول الحطامي: نبذُلُ قصارى جهدنا، نحن نعاني من نقص الوقود على مدى ستة أعوام من الحرب السعودية الظالمة التي أنهكت نظام الرعاية الصحية اليمني.

 

إن وارداتِ الوقود اللازم لتشغيل مولدات الطاقة ومضخات المياه ونقل البضائع تراجعت بشدةٍ خلال الأشهر الثلاثة الماضية، مما عمّق الأزمةَ الإنسانية التي جعلت 80 بالمئة من اليمنيين يعيشون على المساعدات وجعلت حياةَ آلاف المرضى مهدّدةً بالقتل البطيء.

 

ولذلك تعتبر أمريكا شريكاً أَسَاسياً في ارتكاب هذه الجريمة وغيرها من الجرائم التي لا بُـدَّ من أن تدفعَ ثمنَ ذلك، فجرائمُها بحق الشعب اليمني لن تسقُطُ بالتقادم، فأمريكا ثعبان يبدّل جلدَه، وإعلان جو بايدن الأخير حول عزمِه العملَ على وقف الدعم عن الحرب في اليمن مَـا هو إلَّا محاولة أن يقدِّمَ أمريكا بجلدٍ جديدٍ بعد أن وصلت سياستُها العدوانيةُ إلى طريق مسدود.

 

الشعبُ اليمني لا يمكنُ أن يُخدَعَ ببعض الكلمات التي أطلقها بايدن، وما لم نلمس خطواتٍ جادةً تتمثلُ في وقف الحرب وفك الحصار فَـإنَّنا وبلا شك سنواصلُ دفاعَنا عن النفس، وبأساليبَ وخطواتٍ جديدةٍ لم تُستخدَمْ بعد.

مقالات ذات صلة