هذه هي النوعية وحدها التي يمكن أن تنتصر لدين الله وتقف في مواجهة أعدائه

|| من هدي القرآن ||

 

عندما ادعى الرئيس وقال: من يريدون الجهاد في سبيل الله فليتحركوا إلى فلسطين عبر أيّ القنوات، نقول: أنت قناة من هذه القنوات فسنتحرك عبرك، إذًا افتح مكاتب للتطوع، افتح مراكز للتدريب وسننطلق جميعًا نتدرب، وسننطلق جميعًا لنقاتل.

 

هذا هو الموقف الصحيح، ونحن نشكر لك هذه العبارة التي قد نراك في أي يوم من الأيام تضطر إلى أن تسحبها: [من كان يريد الجهاد في سبيل الله فهناك إسرائيل يتجه عبر أي القنوات] أنت واحد من هذه القنوات، أنت واحد من المسئولين على طول وعرض هذه الأمة، أنت واحد من الزعماء الذي يجب أن يجعل من نفسه قناة تحتوي هذا الغضب؛ لتبني هذه الأمة بناء صحيحًا تجعل منها أمة مؤهلة لتواجه ذلك العدو.

 

نقول: إذا كنتم صادقين افتحوا مراكز للتدريب، مَوّلِونا، مولوا شبابنا، افتحوا مكاتب للتطوع وسيتجه الشباب وسنحرض الشباب، وسنتكلم مع الناس ليتطوعوا وليتدربوا، وسنتجه جميعًا نتطوع ونتدرب، ونتجه جميعًا نقاتل. لكن أما أن يكون الحديث على هذا النحو فإننا لسنا أغبياء إلى هذه الدرجة.

 

نحن نعرف – من قبل أن يتكلم – أن قضية فلسطين أصبحت بؤرة يحاولون أن يصبوا سخط الناس هنا أو هنا ليتجه إلى هناك، هناك فرّغ سخطك، هناك فرغ غضبك، اخرج اهتف في الشارع ضد إسرائيل، تضامن مع الشعب الفلسطيني، ثم عد إلى بيتك وترى الوضع نفس الوضع، وترى مواقف الزعماء هي نفس المواقف، وترى أن الثقافة هي الثقافة والإعلام هو الإعلام، وأمريكا هي أمريكا، وإسرائيل هي إسرائيل.

 

نحن لا نسمح لأنفسنا ونحن قد فهمنا – فيما أعتقد – كل شيء، نحن استطعنا أن نفهم كل شيء، وهم في نفس الوقت عندما يتحدثون معنا حديث من يرى أنه وحده من يفهم أمريكا وإسرائيل، ويفهم السياسة في هذا العالم، ويفهم الخطورة في هذا العالم، ويفهم كل شيء، أما أنتم يا أبناء الشعب فليس أحد منكم بمستوى أن يفهم؛ لأننا نحن من نسبح دائمًا بحمدهم ونقدسهم ونصفق لهم، حتى أصبحوا يرون أنفسهم عظماء إلى درجة أن رأوا في أنفسهم أنه لا يمكن أن يكون هناك أحد من الناس يفهم الواقع كمثلهم.

 

نقول: نحن من خلال القرآن، من خلال الأحداث استطعنا أن نفهم الواقع الذي أنتم جزء منه، استطعنا أن نفهم خلاف الفهم الذي أنت تفهمه، فَهْمُكم أنتم هو الذي جعلكم ترون أمريكا وإسرائيل عصًا غليظة، أما نحن فإن فهمنا هو فهم القرآن الذي يقول: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111) هل هذه عصا غليظة، أم أن هذه قشة؟! هذه في الواقع قشة، وليست عصًا غليظة.

 

فمن الأولى بالفهم الصحيح؟ من يرى أمريكا عصًا غليظة أم من يراها وفق ما قال عنها وعن أمثالها القرآن الكريم: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ} (آل عمران:112)

 

هذه هي التي ترونها عصًا غليظة، هذه هي التي تجعلكم تضطربون وترتعد فرائصكم أمام مبعوث صغير من أمريكا أو من أي بلد من تلك البلدان التي ترونها كبيرة. إن رؤية القرآن، إن وراء القرآن من نزل القرآن، القوي العزيز، القادر القاهر، هو الذي يريد أن يجعل أولياءه ينظرون إلى أولئك الذين تسمونهم [عصًا غليظة] أنهم ضعفاء {فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا} (النساء: من الآية76) {إِنَّمَا ذَلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} (آل عمران:175).

نحن من فهمنا من خلال القرآن – وهو ما يجب أن يُفهم دائمًا بالرجوع إلى القرآن وبالرجوع إلى الأحداث، ونحن أيضًا من نستطيع أن نفهم مصالحنا، ونفهم سلامتنا – إنه إذا لم يسلم ديننا فلا سلامة لنا، لا أمن لنا، لا كرامة لنا.

 

فعندما يتحدثون بأن من يتحدث عن الجهاد هو قد يؤدي إلى خلق اختلالات أمنية! نقول: إن من يسمح للأمريكيين بالدخول إلى اليمن هو من سيعمل على أن يجعل اليمن بؤرة للفساد، ومن سيجعل اليمن مضطربًا، من سيفقد اليمن أمْنه، وإن كان في الواقع لم يتمتع في يوم من الأيام بالأمن بالشكل الذي يريده اليمنيون، من يدخل الأمريكيين، من يسمح للأمريكيين أن يدخلوا هو من سيشكل خطورة على أمن اليمن، أوليس كذلك؟ لأن من التأكيد أن الأمريكيين لن ينتظروا اليمنيين حتى يتحرك أحد اليمنيين ليعمل شيئًا ضدهم، هم من سيفجرون على أنفسهم، هم من سيضربون أنفسهم، هم من سيضربون على سفارتهم، هم من سيضربون على أي منشئة لهم؛ ليقولوا: إنهم أولئك، إنه ذلك الشخص، أنها تلك الجماعة.

 

وهم من سيدخِّلون من يسمونهم إرهابيين إلى اليمن، قد يدخِّلون أفرادًا من [القاعدة] فيبثونهم في مناطق في اليمن، ثم يقولون: هناك في تلك المنطقة واحد من أفراد القاعدة، هناك في تلك المنطقة واحد من تنظيم طالبان، أولئك هم يحتضنون إرهابيين، هم يساندون إرهابيين، اضربوهم! لن يبقى لليمن أمن ولا إيمان ولا حكمة، نحن نقول عن اليمن: إنه بلد الحكمة بلد الإيمان (الإيمان يمان والحكمة يمانية) لن تبقى حكمة، ولن يبقى إيمان من بعد أن يدخل الأمريكيون.

 

وعندما يدخل الأمريكيون في هذه الفترة هو يختلف عن دخولهم إلى أي بلدان أخرى دخلوها قبل عشرات السنين، وأنشئوا فيها قواعد عسكرية، الآن هي المرحلة التي يتوجه فيها أولئك لضرب الإسلام، وضرب الأمة.

 

دخلوا بلدانا وبنوا فيها قواعد عسكرية، وفعلًا أنهكوها، وفعلًا أذلوها، وأنهكوا اقتصادها، وأذلوا زعماءها، لكن دخولهم في هذه الفترات لبناء قواعد عسكرية، لإرباك وضعية الأمة؛ هو فعلًا سيكون في مرحلة تنفيذ الخطة الأخيرة لضرب الإسلام والمسلمين.

 

وما أجمل ما قال السيد حسن نصر الله – في تحليل هذه المسألة – قال: [إن أولئك عندما يتحركون ليس من أجل أموالهم ومصالحهم، فأموالهم ومصالحهم في المنطقة مأمونة وهناك قواعد تحميها، وهناك أنظمة تحميها، وليس من أجل خيرات معينة، هم من تصب خيرات الشعوب العربية في بنوكهم، إنه تحرك – قال – لضرب الإسلام، إن المستهدف في هذه الفترة هو الإسلام، هو القرآن، وقد نجد أنهم سيلغون هذه الآيات في المنهج أو في الخطب، أو في أي شيء آخر] هكذا تحدث في أول ليلة من ليالي عاشوراء، في هذه المناسبة التي نحن نحتفل بها في هذا اليوم.

من هو الذي يسعى لتحقيق أمن وطنه؟ من ينطلقون لمحاربة أولئك الذين يسعون في الأرض فسادًا؛ ألم يقل الله عن اليهود والنصارى أنهم يسعون في الأرض فسادًا؟ من أين يأتي الفساد؟ من أين يأتي الإرهاب؟ من أين تأتي الجريمة؟ أليس منبعها الفساد الأخلاقي، الفساد الثقافي، الفساد العقائدي، الفساد الاقتصادي؟ يسعون في الأرض فسادًا في كل المجالات.

 

إذا ما انتشر الفساد، فما الذي سيحصل؟ من هو ذلك السياسي الذي يستطيع أن يقول إن انتشار الفساد يؤدي إلى استقرار أمني؟ أليسوا يقولون هم: أن الجريمة تؤدي إلى الاختلالات الأمنية؟ الجريمة تؤدي إلى الاختلالات الأمنية؛ من الذي يخلق شابًا، أو يخلق مجتمعًا ينطلق في الجريمة؟

 

اقرؤوا أنتم عن الجرائم في أمريكا كم في الدقيقة الواحدة تحدث من جرائم اغتصاب – حسب تعبيرهم – من جرائم سرقة، من جرائم قتل في الدقيقة الواحدة في أمريكا! في أمريكا نفسها المحلات التجارية يحتاج أصحابها إلى أن يكون داخلها حرس معهم رشاشات لحراستها ممن قد يسطون عليها.

 

مجتمع مليء بالجريمة، مليء بالإرهاب، مليء بالفساد، مليء بالنهب، لا تستطيع أن تتحرك في مدينة أمريكية وفي جيبك دولارات، فقط شيكات، أوراقًا من هذه التي ليست أوراقًا نقدية، شيكات فقط، أو سندات، حوالات أو نحوها. أما أن تتحرك ولديك لديك في جيبك دولارات فقد يقتلونك ويأخذون الدولارات من جيبك؛ هل هو استقرار أمني؟ أو أنه اختلالات أمنية؟

 

إن من يفقد اليمن منه هم اليهود والنصارى عندما يدخلون، هم الأمريكيون، هم أولئك الذين قال الله عنهم أنهم يسعون في الأرض فسادًا، أنهم يريدون أن نضل السبيل، هم من سيفقدون كل إنسان أمنه حتى داخل بيته.

 

أين هي جرائم قتل الأبناء للآباء، وقتل الأبناء للأمهات، وقتل الأخ للأخت، وقتل الأخت للأم؟ أليست في بلدان أوروبا؟ هنا تعيش الأسرة كلهم مع بعضهم يأمنون شر بعضهم بعض، بل كلهم يقفون موقفًا واحدًا في مواجهة صعوبات الحياة، وفي العمل في سبيل توفير معيشتهم.، أليس كذلك؟

 

إذا ما تمكن الأمريكيون ستنتشر الإعمال الإرهابية في اليمن، تفجيرات هنا وهناك على أيديهم هم، هم من فجر البرج في نيويورك، سيفجرون أمثاله هنا في اليمن، ويفجرون في كل مكان بحجة أنهم اليمنيون، وهم من سيفسدون أخلاقنا، ويفسدون بنينا وبناتنا، فتنطلق الجريمة في كل بيت، في كل قرية، في كل مجتمع، سيكون هناك نهب، يكون هناك جرائم لا أخلاقية، يكون هناك قتل، يكون هناك كل جريمة تتصورها.

 

مَنْ الذي يريد الأمن؟ مَنْ يعمل على أن يحارب من يسعون في الأرض فسادًا؛ أم مَنْ يعمل ويكتب الاتفاقيات معهم ويوقع على اتفاقيات أمنية معهم لدخولهم اليمن؛ ليسعوا فيه فسادًا؟ أم أنهم سيسلكون طريقة أخرى؟ إنها صفة لازمة لهم حكم بها القرآن عليهم؛ دخلوا فلسطين سعوا فيها فسادًا، يدخلون اليمن سيسعون فيه فسادًا، يدخلون أي شعب سيسعون فيه فسادًا. وكلمة {فَسَادًا} تعني في كل مجالات الإفساد ليس فقط في مجال معين، في كل مجال من مجالات الإفساد.

 

فنحن نقول للآخرين: نحن أيضًا نفهم ما هو الذي يحقق الأمن لبلادنا، لا تتصوروا بأنكم وحدكم من يمكن أن تعرفوا الآخرين، ومن يمكن أن تعرفوا مصلحة الشعوب، ومن يمكن أن تعرفوا ما يحقق للشعوب أمنها وتطورها وتقدمها وحضارتها، نحن من وصلنا إلى أن نحكم على أن سياستكم التي تقوم على هذا الأساس من أولها إلى آخرها خطأ، وتؤدي إلى انحطاط الأمة، وتؤدي إلى أن تصل الأمة إلى واقع أسوء مما وقعت فيه.

 

من أين ذلك؟ نحن طبعًا ليس لدينا أجهزة معلومات ولا استخبارات لكن القرآن الكريم، والأحداث والتي منها الأحداث التاريخية، وهي ما قلت سابقًا: أن الأحداث التاريخية نفسها هي كافية أن تعطي العبرة ناهيك عن الأحداث التي نحن نعاصرها، تلك الأحداث، والقرآن الكريم هي من يجعلنا نفهم مصالحنا ونفهم أمننا، ونفهم أين هي [العصا الغليظة] عصا جهنم وعصا الخزي في الدنيا والعذاب العظيم في الآخرة، أم عصا أولئك الذين قال عنهم: {لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ} (آل عمران:111)؛

بل نحن من فهمنا من خلال القرآن الكريم، وما أحوجنا – أيها الإخوة – أن نرجع إلى القرآن الكريم دائمًا، وخاصة في هذه المرحلة، الأمريكيون إذا ما تمكنوا – فعلًا – من سيحاولون أن يضيِّعوا القرآن، من يحاولون أن يدوسوا القرآن الكريم بأقدامهم، من سيفصلون القرآن، من سيمنعوننا عن تلاوة آيات معينة من القرآن الكريم.

 

يجب أن نرتبط بالقرآن الكريم من جديد، ونتعلمه ونعلم أبناءنا وبناتنا ونساءنا، ونكثر من تلاوته، ونهدي مصاحفه لبعضنا البعض وأشرطة تلاوته، نتحرك في إطار أن نشد أنفسنا إلى القرآن من جديد، وأن نرسخ قدسيته ومكانته وعظمته في نفوسنا من جديد؛ لأن القرآن، لأن القرآن هو من لو لم يكن من عظمته وفضله إلا أنه يكشف الحقائق أمامنا. لا يمكن لأي كتاب في هذه الدنيا أن يريك الحقائق ماثلة أمامك.

 

حقيقة منها عندما نرى زعماءنا في مختلف المناطق متى ما جاء مبعوث أمريكي، متى ما سمعوا خطابًا فيه تهديد لرئيس أمريكا، أو لأي مسئول في إسرائيل، أو أي بلد آخر من تلك البلدان؛ أليسوا من يظهرون حكماء، ويظهرون لينين، ويظهرون أذلاء، لكنهم متى وقفوا ليتحدثوا أمامنا ويخاطبونا أليسوا من يتحدث بلهجة قوية، وبشدة وبأعين مفتحة، وبأوداج منتفخة، وبالعبارات المُهدِدة؟ ما الذي يصدق عليهم؟

 

إن الله سبحانه وتعالى قال عن نوعية معينة هم من يمكن أن ينتصروا لدينه، هم من يمكن أن يقفوا في مواجهة أعدائه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ للَّهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ} (المائدة:54) هؤلاء عندما يتحدثون معنا نراهم أعزةً علينا، نحن قد استضعفنا، قد استذلينا، قد أُهنّا من قبل الآخرين، لم يعد حديثكم بهذه اللهجة يشرفكم أن تتحدثوا به أمامنا، نحن في وضعية، وضعية المريض، وضعية المستضعف المقهور المستذل، وهو الذي يحتاج إلى كلمة رقيقة لينة منكم.

 

 

 

[الله أكبر/ الموت لأمريكا / الموت لإسرائيل/ اللعنة على اليهود / النصر للإسلام]

 

دروس من هدي القرآن

 

دروس من وحي عاشوراء

 

ألقاها السيد/ حسين بدر الدين الحوثي

 

بتاريخ: 10/1/1423 ه‍  الموافق: 23/3/2002م

 

اليمن – صعدة

مقالات ذات صلة