هل يمكن للکيان الإسرائيلي أن يحل محل الولايات المتحدة لحماية الدول الخليجية؟

مأر نت || مقالات ||

 

بعد إعلان إدارة ترامب عن “اتفاقات أبراهام”، بدأت بعض الدول العربية في المنطقة في تطبيع علاقاتها مع الكيان الصهيوني.

كانت البحرين من الدول التي قامت، إلى جانب الإمارات، بتطبيع العلاقات مع الكيان الإسرائيلي في 11 سبتمبر 2020، من خلال وساطة إدارة ترامب.

وبعد تطبيع علاقات البحرين مع الكيان الصهيوني، وصل وزير حرب الکيان، بيني غانتس، إلى البحرين مساء الأربعاء 4 شباط/فبراير، للمرة الأولى في زيارة غير معلنة.

وتزامنت هذه الزيارة مع توقيع اتفاقية أمنية بين الجانبين، وهو أهم أبعاد هذه الزيارة. ويمكن اعتبار هذه الاتفاقية أول اتفاقية أمنية موقعة بين الكيان الصهيوني ودولة خليجية. ويعتبر الصهاينة توقيع الاتفاقية الأمنية مع البحرين إنجازاً كبيراً ومهماً، وبداية فصل جديد في التعاون مع الدول الخليجية.

وفي هذا الصدد، ادعى بيني غانتس، في إشارة إلى هذه الاتفاقية: “هذا اتفاق تاريخي وسيؤدي إلى بداية مستوى جديد من العلاقات بين الجانبين، وسيزيد من قدرة الجانبين على التعامل مع التهديدات المشتركة”.

وقالت وزارة الحرب الإسرائيلية، في بيان، لشرح الاتفاقية: إن “هذه الاتفاقية ستساعد على زيادة التعاون في مجال الاستخبارات والتدريب والتعاون في مجال صناعة الدفاع. کما أن هذا الاتفاق سيؤدي أيضاً إلى تعاون قوي وأمن متزايد لكلا الجانبين وللمنطقة ككل”.

كما كتب موقع “إنتلجنس أونلاين” في إشارة إلى هذه الزيارة: “أصدر ملك البحرين حمد بن عيسى آل خليفة تعليماته لأجهزة المخابرات في بلاده بتعزيز وتوسيع التعاون مع أجهزة المخابرات الإسرائيلية، بموجب اتفاق تسوية ثنائي”.

لكن بعد توقيع الاتفاقية الأمنية مع البحرين، وقبل ذلك التأکيد على زيادة التعاون العسكري والأمني ​​مع دولة الإمارات خلال زيارة رئيس الکيان إلى أبوظبي، وكذلك المشارکة العسكرية السعودية المثيرة للجدل في مناورات مشتركة مع الکيان الصهيوني والولايات المتحدة في مياه البحر الأحمر، فإن السؤال الذي يطرح نفسه الآن هو، إلى أي مدى يتحقق حلم الصهاينة بالوجود في مياه الخليج الفارسي؟ ومن حيث المبدأ، هل الصهاينة قادرون على ملء الفراغ المتزايد للوجود العسكري الأمريكي في المنطقة؟

الکيان الإسرائيلي ومحاولات الوجود في الخليج الفارسي

خلال فترة رئاسته، استخدم ترامب كل طاقاته لتقوية الكيان الصهيوني في المنطقة، وأخيرًا من خلال تقديم اتفاقية أبراهام، مع تشجيع الدول العربية في المنطقة على تطبيع العلاقات مع إسرائيل، زاد أيضًا الأسس اللازمة لوجود هذا الکيان في الخليج الفارسي، ليتوفر نقل المسؤولية بما يتماشى مع دور إسرائيل في الخليج الفارسي، في حال أي احتمال لعدم وجود الولايات المتحدة في هذه المنطقة.

وفي الاتجاه نفسه، في الأيام الأخيرة من وجودها في البيت الأبيض، ضمت إدارة ترامب إسرائيل أيضًا إلى قيادتها المركزية في غرب آسيا(سنتكوم).

وكتبت صحيفة يديعوت أحرونوت العبرية في تقرير يوضح هذا القرار: “قرر البنتاغون إخراج إسرائيل من نطاق عمليات القيادة العسكرية الأمريكية في أوروبا، وضمها مع دول عربية أخرى في الشرق الأوسط في منطقة القيادة المركزية. يبدو أن تل أبيب تنوي الآن ترسيخ مكانتها كإحدى القواعد الأمنية في غرب آسيا. وانضمام إسرائيل إلى القيادة المركزية يعني المزيد من الأسلحة والقوة العسكرية لها، الأمر الذي يمكن أن يؤثر بشكل خطير على أمن غرب آسيا.”

وفي الوقت نفسه، من بين الدول الخليجية، فإن البحرين هي موطن للأسطول الأمريكي الخامس وبعض عمليات القيادة المركزية.

وخلال زيارته للبحرين، توجه بيني غانتس، بالإضافة إلى توقيعه الاتفاقية الأمنية بين المنامة وتل أبيب، إلى مقر الأسطول الخامس للبحرية الأمريكية في البحرين، والتقى بقائده براد كوبر.

وبعد زيارة القاعدة البحرية الأمريكية في البحرين، كتب غانتس على صفحته على تويتر: “في مواجهة التهديدات البحرية والجوية المتزايدة، أصبح تعاوننا الحديدي أكثر أهميةً من أي وقت مضى. هذا الأسبوع، تنضم إسرائيل إلى المناورات البحرية لغرب آسيا والتي تضم 60 دولة، إلى جانب الإمارات العربية المتحدة والبحرين. وللمرة الأولى ستشارك إسرائيل علانيةً في التدريبات مع السعودية وسلطنة عمان، وهما دولتان لا تربط إسرائيل علاقات دبلوماسية بهما”.

في الواقع، بالنظر إلى التطورات الأخيرة، يمكن القول إنه بعد وصول بايدن إلى السلطة في الولايات المتحدة، ركزت سياسته الخارجية في المنطقة على ثلاثة محاور: 1. تقليص الوجود الأمريكي في أفغانستان. 2. وقف المساعدات العسكرية الأمريكية للسعودية في حرب اليمن 3. متابعة الاتفاق النووي الإيراني.

إن تنفيذ المحاور المذكورة، ولا سيما انسحاب الولايات المتحدة من أفغانستان، نبَّه دول المنطقة إلى خطر الانسحاب التدريجي للولايات المتحدة من الخليج الفارسي.

ولهذا السبب، سعت هذه الدول، أثناء انتهاجها للدبلوماسية الإقليمية، إلى الاقتراب من الکيان الصهيوني باعتباره حليفًا استراتيجيًا للولايات المتحدة في غرب آسيا، حتی يمكنها استخدام قدرات إسرائيل في حال حدوث فراغ أمريكي في الخليج الفارسي.

وبالتالي، فإن انضمام الکيان الإسرائيلي إلى القيادة المركزية الأمريكية في غرب آسيا، وزيارة بيني غانتس إلى الإمارات والبحرين في الأيام الأخيرة، وتوقيع اتفاقية أمنية مع البحرين وإجراء مناورة بحرية مشتركة في الأيام المقبلة، فرصة لهذا الکيان لزيادة وجوده ودوره البحري في الخليج الفارسي.

لكن في هذه الأثناء، فإن النقطة المهمة هي أن الدول الخليجية التي تدرك هيمنة القوة البحرية الإيرانية على مياه المنطقة، وتدرك أيضًا حساسية طهران الأمنية العالية لقرب الصهاينة من مياه الخليج الفارسي، يجب أن تعلم أن وجود الصهاينة من الناحية العملية لن يساعد في تحسين أمن هذه الدول فحسب، بل حتى مع تصاعد التوترات، فإن خطر مغامرات تل أبيب سيصيب هذه البلدان أيضًا، والتي هي بأمس الحاجة إلى الحفاظ على الأمن البحري لصادراتها النفطية.

من ناحية أخرى، فإن الصهاينة أنفسهم معارضون جادون لتقليص المسؤوليات العسكرية والأمنية الأمريكية في المنطقة، أو بشكل أدق الانسحاب العسكري الأمريكي من المنطقة، ويرون أنه يزيد من ضعفهم أمام جبهة المقاومة. ولذلك، هناك شكوك جدية حول القدرة العسكرية للکيان الصهيوني على حماية مصالح دول مجلس التعاون.

“الوقت”

مقالات ذات صلة