القضيةُ الفلسطينيةُ بين الأمس واليوم

مأرب نت || مقالات || سند الصيادي

 

الجرائمُ المرتَكَبةُ من الكيان الصهيوني ضد الشعب الفلسطيني الأعزل بكافة أطيافه وَفئاته تجاوزت كُـلَّ الجرائم التي ارتكبها الغزاةُ عبر التاريخ، ولا يكاد يمُرُّ يومٌ دون أن يرتكب هذا الكيان جريمةً بحق الإنسانية، منها ما تنجحُ عدسات الكاميرا في توثيقِه، والكثير منها ما يُرتكب في غياب وتغييب الصورة، غير أنه يظل مرسومًا في ذاكرة شهود العيان والأجيال المتلاحقة.

 

هذه الجرائم الوحشية التي يرتكبها الاحتلال كانت كفيلة بإشعال ثورة تفقده السيطرة وترسم طريق هزيمته واندحاره، إلَّا أنه ونتيجة لحالة المساومة وَالخذلان العربي عسكريًّا وَسياسيًّا وإعلاميًّا وغياب الدعم والمساندة التي ظلت تحيط بالغضب الفلسطيني وَتطفئ وقيد انتفاضاته المتلاحقة، تمادى العدوّ الصهيوني وارتكب المزيد من الجرائم بدم بارد وَدون خوف من تداعياتها، على الرغم من أن مشهداً واحداً تم توثيقُه وَتناقلته الشاشات كان كفيلاً بأن يرسُمَ النهايةَ ويعجِّلَ بالتحرير، هذا لو كان للمقاومة حاملٌ عروبيٌّ وَإسلاميٌّ، وَلو كان للإنسانية في هذا العالم دورٌ في تغيير وتوجيه مواقف المجتمع الدولي وَمنظوماته.

 

ومن مجازر المخيمات والعدوان الوحشي المُستمرّ على غزة والقدس وَالضفة إلى مشاهد القتل التي تناقلتها الشاشات مُرورًا بمشهد قتل الطفل محمد الدرة وانتهاءً بمشهد اغتيال أبو عاقلة، تزداد الصورة التي تبدو عليها العدالة الدولية سوادًا، وتتراكم القناعة بأهميّة القوة لتحقيق العدالة كشرط وَخيار أوحد لنصرة الشعب الفلسطيني والقضية الفلسطينية.

 

غير أنه وبين مجازر الأمس وَاليوم ثمة ردود فعل فارقة في مفاعيلها، وَمؤشرات دافعة إلى العزم والتحفز أكثر مما تدفع إلى التباكي والحسرة، فبعد إعلان التطبيع وتنامي محور القدس اتضحت المواقفُ وحدث التمايُزُ بعد عقود من الضبابية، وأفرز هذا التحول حياةً في جسد القضية الفلسطينية، وَانعكست هذه التغيرات إيجاباً على حاضر الثورة معنويًّا وعمليًّا، بعد أن بات خلفَها اليوم مشروعٌ حقيقي وَصادقٌ تجاوَزَ بياناتِ الإدانة والتنديدِ الباهتة إلى المساندة العملية.

 

والحقيقةُ المؤسِفةُ أن هذا الاحتلال أوهَنُ من بيت العنكبوت وَأضعفُ من أن يبقى جاثماً على الأرض والمقدسات كُـلَّ هذا الدهر، لو كان هناك عملٌ عربي وإسلامي مسانِدٌ للمقاومة ومنحازٌ للقضية منذ البداية، ولو لم يتلقَّ الشعبُ الفلسطيني عبرَ المراحل الطعناتِ المتلاحقةَ من أنظمة الخيانة والخذلان.

مقالات ذات صلة