ما أثر اتفاق “تيران” و”صنافير” على الحدود في خليج العقبة وسيناء ؟ وما علاقته بحلم “القارة اليهودية”؟ وهل ستواجه مصر “جاستا” على خلفيته؟

مقالات | 16 يوليو | مأرب برس :

عبدالوهاب الشرفي :

احد تبعات الازمة الخليجية هي تشتيت الانظار عن اتفاقية تيران وصنافير التي هي واحدة من اكثر الخطوات خطورة وتهديدا لمستقبل جمهورية مصر العربية وللعالم العربي ككل وسيترتب عليها الكثير من مشاريع الصهيونية فيما يتعلق برسم حدود وامن كيانها المحتل.

تنص اتفاقية تيران وصنافير ان الحدود السعودية المصرية تبداء من نقطة حدودية مشتركة بين السعودية والاردن ومصر وهذه النقطة تحدد لاحقا اي انها نقطة لا وجود لها حاليا وبالطبع بمرور الاتفاقية لايمكن لنقطة كهذه ان توجد لان انتقال السيادة على الجزيرتين للسعودية  ستفرض قوانين دولية اخرى على مياة ومنطقة خليج العقبة ككل كون الممر اصبح بين اراضي دولتين وليس بين ارضين تتبعان دولة واحدة  ولا يمكن بعد الاتفاق ان تلتقي حدود الثلاث الدول العربية  في نقطة واحدة  بعد الاتفاق مطلقا  ، بل ان من تبعات ذلك الاتفاق انتهاء الحدود المشتركة بين مصر والسعودية وانتهاء الحدود المشتركة بين مصر والاردن كذلك وكلما سيضل هوحدود لمصر مع الكيان الصهيوني   .

اتفاقية كامب ديفد هي الاتفاقية التي انهت حالة الحرب بين مصر والكيان الصهيوني وهذه الاتفاقية لها بنودها ومنها اعتراف اسرائيل بحدود مصر التي رسمت في فترة الدولة العثمانية وانسحاب الكيان الصهيوني من شبه جزيرة سيناء وكذا اعتبار  مضيق تيران مياه دولية تحظى بحرية الملاحة الدولية ،  وبالطبع عندما اغلقت مصر هذا المضيق قبل الاتفاقية فعلت ذلك لاعتبار ان مياه المضيق مياه  اقليمية مصرية ، لكنها  بموجب اتفاقية كامب ديفد سمحت مصر  ان تستخدم ( مياهها ) وفقا لقواعد المياه الدولية ، وهذا السماح هوسماح اتفاقي بين دولتين يضل ساريا طالما ان الاتفاقية سارية واي انتهاك لبنود الاتفاقية يعني انتهاء هذا السماح بخصوص مضيق تيران ، وهذا هوالفرق بين ( سماح ) اتفاق كامب ديفد وبين (  فرض )  اتفاق تيران وصنافير الذي بموجبه يوجد ممر مائي دولي في مضيق تيران لن يعود بعدها من الممكن لمصر اغلاق المضيق اوالتحكم فيه  اوالاستعادة الكاملة لحقها وسيادتها عليه ولوانهار اتفاق السلام مع الكيان الصهيوني اواخترق الكيان اي من بنوده  .

اتفاق ترسيم الحدود بين المملكة العربية السعودية وجمهورية مصر العربية هواسم خادع فبموجب هذا الاتفاق الذي يترتب عليه فتح مياه دولية تكون حدود السعودية ازدادت توثيقا بموجب هذا الاتفاق لكن حدود مصر ستضعف بشكل كبير فيما يتعلق بحدودها جهة خليج العقبة ، فكون الاتفاق يفتح مياه دولية فان الخط المحكي عنه في الاتفاقية يمكنه ان يعتبر حدود للسعودية لكن يستحيل ان يعتبر في نفس الوقت خط حدودي لمصر لان الخط هوبعد المياة الدولية – التي ستوجد تبعا لنقل السيادة على الجزيرتين  – جهة السعودية ولايمكن ان تكون حدود مصر بعد مياهها الاقليمية – التي ستقوم تبعا للاتفاقية – وبعد مياه دولية وبالتالي فخط الحدود المرسوم في الاتفاقية لا يمثل خط حدود لمصر لا من قريب ولا من بعيد ولا تعتبر اتفاقية تيران وصنافير اتفاقية ترسيم حدود بين البلدين لانه اتفاق يقضي على وجود حدود بين الدولتين  ابتداء .

حدود مصر في خليج العقبة ستتحدد بشكل الي تبعا لاتفاقية تيران وصنافير بمسافة مياة اقليمية محاذية لارض شبة جزيرة سيناء – وليس خط الاتفاقية – واذا سجل الاتفاق في الامم المتحدة فما سيوثق هوالخط الوارد في الاتفاقية اي ان ما سيوثق هوحدود السعودية بينما حدود مصر في خليج العقبة لا توثيق دولي لها بموجب هذا الاتفاق بينما كان اتفاق كامب ديفد – رغم عدم رضانا عنه – يوثق لتلك الحدود ولوجزئيا .

التغاء اوانتهاء اتفاق كامب ديفد يعني عودة حالة الحرب بين مصر والكيان الصهيوني ويعني التغاء  اعترافه بحدود مصر ، وحتى الان الكيان الصهيوني يصمت عن وضع اتفاقية كامب ديفد بعد اتفاق تيران وصنافير وموقفه من التزاماته فيها لان مرور اتفاقية تيران وصنافير هوامر يصب في صالحه ، لكن بعد مرورها وتسجيلها سيكون من المتاح له ان يستغل الاتفاقية كمدخل لتحلل من التزامات كامب ديفد بما في ذلك اعترافه بمصرية خط الحدود الحالي مع سيناء  –  وسيكون تحلله هذا غير ضار به   فيما يتعلق بحق المرور في مضيق تيران كون المرور اصبح حقا دوليا وليس حقا اتفاقيا – والاطماع الصهيونية في سيناء معروفه ولا تحتاج لبيان ، بل يمكن القول ان الكيان الصهيوني يرى ان الحاق سيناء بخارطته هوجزء من بناء دولته  وسيعمل على ان يضمها في يوم ما ان تمكن ضمن مشروعه الساعي لدولة محاطة بالمياة من كل الاتجاهات لتقوم ما يراها ” القارة اليهودية ” التي يجمع فيها اليهود من كل قارات العالم الى قارتهم المستقلة عن محيطهم الذي يعرف تماما انه لا يمكن ان تقوم بينهم وبين محيطهم – في اي بقعة من الارض وجدوا فيها –  اي اواصر لا اجتماعية ولادينية ولاعرقية ولا ثقافية ولا غيره ،  وهذه ” القارة ” التي هي ارض تتوسط القارات الاخرى هي الارض بين نهر الليطاني  في الارض اللبنانية شمالا فالبحر الابيض المتوسط فقناة السويس فخليج السويس فرأس البحر الاحمر  فخليج العقبة فالمياه التي سترسم من خليج العقبة  كخط باتجاه البحر الميت  ونهر الاردن وبحيرة طبرية وبحيرة حولة وامتداد نهر الاردن ويمتد خط المياه الى النقطة المقابلة على نهر الليطاني  .

اتفاق كامب ديفد تم بين مصر والكيان الصهيوني وانتهت بناء عليه حالة سابقة هي حالة الحرب بينهما وتدشنت حالة سميت ” بالسلام ” ، وكان مضيق تيران ومسألة الملاحة فيه  احد اهم نقاط حالة الحرب بين مصر والكيان الصهيوني التي اوقفتها مصر يوما ما تبعا لحقها في السيادة على المضيق ، بينما اتفاف تيران وصنافير هواتفاق بين مصر والسعودية ولا وجود للكيان الصهيوني فيه وبالتالي فهواعتراف من طرف واحد هومصر بوجود ممر دولي في مضيق تيران ، وكونه اعتراف وليس استحداث لوضع جديد كما كان اتفاق كامب ديفد فذلك يعني اعتراف  مصري بان الكيان الصهيوني كان صاحب حق في حربه مع مصر بخصوص اغلاقها لمضيق تيران الذي اعترفت هي الان بممر دولي فيه وهذا الامر سيفتح الباب واسعا على تهديد اخر لمصر متمثل في مطالبة الكيان الصهيوني بتعويضات عن الخسائر التي لحقته نتيجة تلك الحرب التي ” كان فيها على حق ” ومصر نفسها اعترفت بتوقيعها على اتفاق تيران وصنافير انها اغلقت ممرا مائيا دوليا وليس مصريا وقد تواجه مصر مستقبلا قانون ” جاستا ” على خلفية حروبها مع الكيان الصهيوني كما تواجه السعودية اليوم ” جاستا ” على خلفية احداث 11 سبتمبر ، وبالطبع تضل السعودية معرضة لهذا التهديد كذلك بتهمة التواطئ مع مصر لاغلاق المضيق ”  الدولي ”  وان كان بقدر اقل من التهديد الذي ستفتحه مصر على نفسها باتفاق تيران وصنافير  .

مشاريع الكيان الصهيوني في مصر ستعتمد بدرجة رئيسية على الارهاب وضرب الاقتصاد فالارهاب سيشهد تصاعدا في مصر ككل وفي سيناء بدرجة خاصة سيجعل منه الكيان الصهيوني ذريعة للتوغل اكثر داخل سيناء لحماية ” امنه ” من خطر الارهاب المتسرب اليه من سيناء ،  ثم ستكون سيناء محلا لمشاريع ” امنية ” يتم من خلالها احداث تغييرات ديمغرافية وجغرافية وتصب في صالح إنجاح المخطط الصهيوني لمستقبل سيناء ، بينما سيودي ضرب الاقتصاد دوره في انهاك المجتمع المصري بالشكل الذي ينشغل بهمومه عن التركيز عن المراد لسيناء ولايبدي اي رد فعل يذكر تجاه المشاريع الصهيونية فيها . وهذه المشاريع هي من النوع الذي بداء باخلاء 1500 متر – حتى الان – من حدود سيناء في اتجاه الجانب المصري ، وبحفر الانفاق الضخمة الواصلة بين جانبي الحدود الغير واضح ما الهدف منها حتى الان  ومرت بخطوة لم تكن لتمر لولا ماتشهده مصر من مصاعب سياسية واقتصادية وهي اتفاق تيران وصنافير والعمل جار على غير ذلك والمستقبل حابل بالمشاريع ونسئل الله عز وجل ان يحبط كيد ومكر الصهاينة وان يحفظ مصر العروبة  واهلها وارضها  .

رئيس مركز الرصد الديمقراطي ( اليمن ).

مقالات ذات صلة