تل أبيب: عمّان تُنسّق خطواتها مع إسرائيل سرًا وتُدينها علنًا في كلّ مرّةٍ تشتعل الأجواء بالقدس وعندما يصل الخلاف للأقصى فهناك حدود لقدرتها على المناورة

مقالات | 26 يوليو | مأرب برس :

زهير أندراوس :

من المفارقات العجيبة-الغريبة، أنّه بعد مرور 20 عامًا على محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الدائرة السياسيّة السبق في حركة المقاومة الإسلاميّة (حماس)، خالد مشعل، في العاصمة الأردنيّة، عمّان، كانت المملكة الهاشميّة السباقّة في منح رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو، السُلّم للنزول منه وعليه لحلّ الأزمة المتفاقمة في الحرم القدسيّ الشريف.

أيضًا في العام 1997، عند محاولة الاغتيال الفاشلة، كان نتنياهو رئيسًا للوزراء في إسرائيل، واضطر بسبب فشل العملية لإطلاق سراح مؤسس حركة (حماس) الشيخ أحمد ياسين وتسليمه للعاهل الأردنيّ آنذاك، المرحوم الحسين بن طلال.

ناحوم بارنيع، كبير المحللين في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، قال في مقالٍ نشره إنّه يتحتّم على نتنياهو، أنْ يشتري باقةً من الورد، ويقوم بتسليمها كهديّةٍ لحارس السفارة الإسرائيليّة في الأردن، الذي، بحسبه، كان السبب الرئيسيّ في حلّ المشكلة حول الأقصى آنيًا.

أمّا مُحلل الشؤون العسكريّة في صحيفة (هآرتس)، عاموس هارئيل، فقد رأى أنّه حول المواجهة في عمان نشأ توتر ثلاثي: الاحتجاج في الأردن على تغيير الوضع القائم في الحرم القدسي والتظاهرات في الحرم التي يثيرها عن قصد الإخوان المسلمون ودعاية معادية لإسرائيل مصدرها تحديدًا أشخاص مقربون من السلطة، والغضب لموت مواطنين أردنيين بإطلاق نار الحارس، والخلاف بشأن مسألة التحقيق مع الإسرائيليّ مُطلق النار.

ولفت هارئيل إلى أنّه يتضح لاحقًا أنّ المستوى السياسي في إسرائيل لم يقدّر بصورة كافية الانعكاسات المتوقعة لقرار وضع آلات الكشف عن المعادن، الذي اتخذ بتسرع بعد مقتل الشرطيين في الحرم. وتطرح الأزمة الناشبة مع الأردن علامة سؤال بشأن أحد الإنجازات الأساسية التي يتباهى بها نتنياهو، وإلى حدٍّ كبيرٍ عن حق، في السنوات الأخيرة، ألا وهو تعزيز التحالف مع الدول السنية المعتدلة في المنطقة ومن بينها مصر والأردن والسعودية والإمارات العربيّة المتحدّة، على حدّ تعبيره.

بالإضافة إلى ذلك، قال هارئيل: صحيح أنّ عمان تلعب لعبة مزدوجة منذ سنوات بضغط من الشارع: تنسق خطواتها مع إسرائيل سرًا، وتدينها علنًا في كل مرة تشتعل الأجواء في المناطق المحتلة وخاصة في القدس. لكنّ الخطوات الأخيرة للأردنيين، شدّدّ المُحلل، توضح أنّه عندما يصل الخلاف إلى الحرم القدسي فهناك حدود لقدرتهم على المناورة، بحسب قوله.

لكن على الرغم من المؤشرات الإيجابية، تابع هارئيل، بدا بالأمس أنّه ما تزال هناك عوائق تحتاج إلى  معالجة حتى بعد عودة طاقم السفارة إلى إسرائيل. أولاً، أيّ قرار يتعلق بالحرم مرتبط بإرادة الوقف والجانب الفلسطيني عمومًا. وهناك أشخاص تسرهم النيران التي اشتعلت في الأيام العشرة الأخيرة والأزمة التي أقحمت الحكومة الإسرائيلية نفسها فيها. ثانيًا، السؤال المطروح هو ما إذا كان الملك عبد الله طالب بثمن إضافي على ثمن الصلحة المطلوبة حاليًا، على شكل إطلاق أسرى أردنيين مسجونين في السجون الإسرائيلية. هذا ما حصل عليه والده في 1997 لقاء إعادة عميلين من الموساد إلى إسرائيل حاولا اغتيال خالد مشعل مسؤول “حماس″ في عمان. وقد أطلق العميلين بعد إطلاق زعيم “حماس″ الشيخ أحمد ياسين الذي اغتالته إسرائيل في النهاية في غزة بعد مرور 7 سنوات.

من ناحيته، هاجم موقع (WALLA) الإخباري العبري، أيضًا، نتنياهو بعبارات حادة جدًا، مشيرًا إلى أنّ النتيجة النهائية للأزمة تظهر أنّ إسرائيل تراجعت أمام أعمال العنف، ومن دون تزيين ما حدث بكلمات جميلة، تراجعت إسرائيل وذيلها بين أرجلها، في إشارة إلى الخزي والعار، وأزالت البوابات وكذلك ربما الكاميرات، من على مداخل الحرم.

وحول الشراكة الإسرائيلية مع السعودية ودول عربية أخرى، في إيجاد حلٍّ لمأزق تل أبيب وإجراءاتها في القدس، ذكرت صحيفة “هآرتس″ في افتتاحيتها “الدرس الإسرائيلي” من أحداث الحرم، مشيرة إلى أنّ إسرائيل بحاجة إلى حلفاء عرب ومسلمين خائفين مثلها من التدهور في الأقصى، الذي يمكن أنْ يشعل شوارع المدن في دول عربية، لافتةً إلى أنّ تدخل الأردن ومصر والسعودية، الدول التي بذلت جهودًا دبلوماسية بصورة مباشرة وغير مباشرة من أجل الدفع نحو حل، كان تدخلاً ناجعًا. كما أوضحت الصحيفة أنّ قادة هذه الدول منعوا أيضًا الجامعة العربية من عقد جلسة طارئة أوْ دعوة مجلس الأمن إلى الانعقاد، وبذلك منعوا توسيع الإطار الدولي الذي كان سيتدخل في ما يجري.

في السياق عينه، قال مُحلل الشؤون الأمنيّة في صحيفة (معاريف)، يوسي ملمان، إنّ الملك عبد الله هو حليف لإسرائيل، لافتًا إلى أنّ نظامه يقيم اتصالات أمنية وعسكرية مع إسرائيل، وعليه فليست له مصلحة في تحطيم الأواني، وفي إسرائيل، بما في ذلك رئيس الوزراء نتنياهو، يفهمون الضائقة. ولكن المشكلة، خلُص ملمان إلى القول، إنّه ليست فقط حادثة إطلاق النار، إذْ يمكن استخدام المشكلة أيضًا كحلٍّ لازمة أوسع تتعلّق بالأقصى، كما أكّد في مقاله.

مقالات ذات صلة