واشنطن تنسحب والناتو العربي-الإسرائيلي أمام استحقاق الانهيار !

مقالات | 26 يوليو | مأرب برس :

عقيل الشيخ حسين :

صفات كالتخاذل والاستسلام وحتى الجبن، ناهيكم عن الميل نحو “التشيع”، شكلت ثوابت أساسية في الخطاب السياسي المعتمد في السعودية والبلدان السائرة في ركابها تجاه الرئيس الأميركي السابق، باراك أوباما، ومواقفه من قضايا إقليمية كالملف النووي الإيراني والحرب في سوريا.

 

فمن وجهة نظر ذلك الخطاب، كان يفترض بأوباما، لكي يكون بمستوى تمثيل دولة عظمى بامتياز كالولايات المتحدة، أن يحسم الملفين الإيراني والسوري عسكريا وبالسرعة القصوى، أي أن يتصرف كما لو أن إدارة العلاقات الدولية هي شيء مشابه لاستخدام مسدس كاتم للصوت أو خنجر أو جرعة من سم زعاف في إدارة الخلافات داخل صفوف الأسر الحاكمة  في السعودية وغيرها من ممالك ومشيخات الحكم المطلق.

 

وعندما ذهب أوباما وجاء ترامب، تجدد الأمل عند الأعراب في أن تدب الحياة في ما كانوا يعتبرونه تحالفهم الاستراتيجي مع الولايات المتحدة. ولم يبق عندهم أدنى شك، خصوصاً في ظروف زيارة ترامب للسعودية وعقده فيها للقمم الثلاث الشهيرة والغنائم الدسمة التي عاد بها إلى بلاده، في أن واشنطن ستقدم لهم كل ما تصبو إليه نفوسهم من انتصارات، وشيكاً، وعلى طبق من ذهب.

 

لكن كل هذه الآمال تبخرت دفعة واحدة مؤخراً واكتسب ترامب، في نظر الأعراب،  صفات أوباما من التخاذل والاستسلام والجبن وذلك في ظل التغير الذي طرأ على الموقف الذي اتخذه من بعض الجماعات الإرهابية في سوريا. وقد تمثل هذا التغير بوقف برنامج لمساعدة تلك الجماعات كان وضعه أوباما، عام 2013، وكلف وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية (سي آي إي) برعايته والإشراف عليه.

 

وقد كثرت التفسيرات حول أسباب وقف هذا البرنامج الذي تقول بعض التقارير إنه قدم التدريب والتسليح، في كل من تركيا والأردن، لنحو 20 ألف مقاتل. لكنها تمحورت في النهاية حول فشل هذا البرنامج في تغيير مسار الحرب لصالح المعارضات السورية والقوى الإقليمية والدولية الداعمة لها.

 

فالحقيقة أن الجيش السوري وحلفاءه قد سجلوا، خلال الأشهر المنصرمة، انتصارات بالغة الأهمية في معظم المناطق الحساسة في سوريا، وهو الأمر الذي أثبت لا جدوى المحاولات الهادفة إلى إسقاط سوريا ومنها برنامج أوباما الذي قرر ترامب وقف العمل به.

 

ورغم الفارق الكبير بين وقف العمل بذلك البرنامج وبين استبداله بخطوات أميركية يعتقد ترامب ومعاونوه أنها قد تفلح حيث أخفق ذلك البرنامج، فقد تعالت في داخل الولايات المتحدة، وفي أوساط الأعراب، أصوات الإدانة التي وصلت إلى حد اتهام ترامب بما سبق واتهم به أوباما، أي بالخيانة وبالاستسلام أمام الروس والإيرانيين. خصوصاً أن قرار وقف المساعدات قد اقترن بتصريحات أكد فيها البيت الأبيض أن إسقاط الأسد لم يعد أولوية بالنسبة لواشنطن.

 

صحيح أن واشنطن قد عملت من أجل إشاعة الانطباع بأن وقف المساعدات للمعارضة لا يعني التوقف عن التدخل في الشأن السوري. كما عملت على إثبات ذلك من خلال تكثيف الدعم لما يسمى بقوات سوريا الديموقراطية الناشطة غير بعيد عن الحدود التركية، ومن خلال إقامة العديد من القواعد العسكرية في شمال سوريا، وكذلك من خلال التمركز في نقاط على الحدود بين سوريا والعراق والأردن.

 

بعد أوباما تجدد الأمل عند الأعراب في أن تدب الحياة في تحالفهم الاستراتيجي مع الولايات المتحدة

 

لكن كل ذلك لا يعدو كونه تخفيفاً من مضاعفات وقف برنامج المساعدات الأميركية للمعارضات السورية. فالسائد بين المراقبين أن هذا الإجراء هو اعتراف صريح من قبل واشنطن بأن المشروع الذي قادته مع حلفائها الإقليميين والدوليين طيلة السنوات الست الماضية من أجل إسقاط سوريا قد باء بالفشل وصار من الضروري التراجع عنه.

 

وإذا كان بإمكان واشنطن أن تخرج من المعركة بأقل ما يمكن من الخسائر، فإن ذلك ليس حال البلدان المجاورة لسوريا والتي جعلت من إسقاط سوريا مسألة حياة أو موت بالنسبة لها.

 

وإذا كان بإمكان تركيا وقطر أن تبحثا عن سبل واقعية للتخلص من تبعات تورطهما في الحرب على سوريا، فإن ذلك ليس، حتى الآن، حال المملكة السعودية والإمارات اللتين تقودان الآن، من خلال منابرهما الإعلامية، حملة التشهير بترامب وبسياسته التي ينظرون إليها على أنها تخاذلية.

 

وهو خصوصاً ليس حال الكيان الصهيوني الساخط إزاء التفاهمات التي وجدت واشنطن نفسها مجبرة عليها مع موسكو، وبطبيعة الحال إزاء وقف برنامج المساعدات.

 

وانطلاقاً من هذه المعطيات، دخلت واشنطن ومعظم حلفائها في منطق الانسحاب الاستراتيجي من الحرب على سوريا، بينما بقي على السعودية والإمارات والكيان الصهيوني وبعض الجهات “الصغيرة” الأخرى أن تواجه واقعاً هو أكبر من مجرد هزيمة: انتص

مقالات ذات صلة