هل تعيد قطر وفرنسا سفيريهما الى دمشق؟

متابعات | 29 أغسطس | مأرب برس :

تتسارع التطورات في المنطقة بشكل دراماتيكي وسريع. قطر تعيد علاقاتها الديبلوماسية مع ايران بعد ازمتها مع السعودية والامارات العربية المتحدة. اعادة العلاقات بين الدوحة وطهران لاشك انها سيكون لها مفاعيل على الازمة السورية لجهة وقف الدوحة تمويلها للجماعات الارهابية المدعومة منها والتي تقاتل في سوريا.

 

وتشير المعلومات ان قطر بدأت بالفعل بالتخفيف التدريجي لهذا الدعم. وصولا الى قطعه نهائيا في وقت ليس ببعيد. وتأمل قطر بعد هذه الخطوة ان تكون الخطوة التالية اعادة وصل ما انقطع من علاقات مع دمشق.

وزير الخارجية الفرنسي اعلن ايضا موقفا لافتا من الازمة السورية حين صرح ان بلاده لم تعد ترى ان رحيل الرئيس الاسد عن الحكم ضروريا لانهاء الازمة في سورية. وان بلاده تركز الان على موضوع محاربة الارهاب.

وزير الخارجية السعودي عادل الجبير نقل عنه قوله لوفد المعارضة السورية المدعوم من الرياض انه على المعارضة ان تنتتهج خطابا جديدا تجاه الازمة السورية يأخد بعين الاعتبار عدم التركيز على رحيل الرئيس الاسد وقيام حكم انتقالي كشرط للحل.

التفاهم الاميركي – الروسي بعد مؤتمر استانة 3 افضى الى اقامة اربع مناطق لتخقيف التوتر مما يعني ان المعارضة السورية دخلت في مرحلة الضم والفرز.

معركة جرود السلسة الشرقية من الجهتين اللبنانية والسورية انتهت بهزيمة ساحقة لتنظيم داعش. تحرير الجيش السوري لمنطقة الزبداني ووادي بردى ادى الى تضييق الخناق على الدواعش في الجهة اللبنانية ومحاصرتهم في جيب لا منفذ له مما سهل على الجيش اللبناني مهمته في تحرير جرود رأس بعلبك والقاع.

كل هذه التطورات ما كانت لتتم لولا صمود الحكومة السورية وبراعتها في ادارة الازمة سياسيا وعسكريا بالتعاون مع حلفائها. ثبات القيادة السورية في الميدان سياسيا وعسكريا ادى الى تراجع خصومها عن مواقفهم بشكل شبه كامل.

واليوم نرى ان ما يسمى المعارضة السورية تعيش اسوأ ايامها وهي باتت غير قادرة حتى ان تكون طرفا في المفاوضات. وكيف تكون طرفا ولا اوراق قوة بين يديها تفاوض عليها. وذكرت بعض المعلومات ان الامتعاض السعودي من هذه المعارضة بلغ ذروته عندما رفض ولي العهد السعودي استقبال وفد من هذه المعارضة ونعت اركانها بالببغاوات.

ثبات سوريا في المعركة هو لاشك انتصار كبير للحليف الروسي الذي رمى بثقله في المعركة الى جانب النظام في دمشق. فروسيا تعتبر ان مشاركتها في الانتصار في سورية سيشكل نقطة تحول في العلاقات الدولية لجهة انهاء تفرد الولايات المتحدة في التحكم بالسياسات الدولية ومحاولتها تغيير خرائط العالم.كما حصل في العراق وليبيا وافغانستان والذي كاد ان  يحصل في روسيا ايضا من خلال المؤامرات التي حاكتها الولايات ضد روسيا في كل من اوكرانيا وجورجيا.

صمود سوريا وحلفائها لاشك انه اربك “اسرائيل” ايضا والولايات المتحدة. ادارة ترامب تبدو غير متماسكة وموحدة الموقف تجاه الازمة السورية وهي تواظب على اطلاق تصريحات ديبلوماسية لاتقدم ولاتؤخر في مسار الازمة السورية. ولكن ما لم تستطع الولايات المتحدة تعديله في الميدان من المستحيل تعديله بالدبلوماسية.

“اسرائيل” تبدو الاكثر ارباكا في المشهد السوري. لذلك سارع رئيس حكومتها نتنياهو الى مقابلة الرئيس الروسي ومحاولة ممارسة ضغوطا عليه تؤدي الى تعديل روسيا لموقفها بما يؤدي الى تحقيق مطلب “اسرائيل” بإقامة منطقة امنية عازلة على الحدود الجنوبية بين فلسطين المحتلة وسوريا على غرار دويلة انطوان لحد التي اقامتها “اسرائيل” خلال احتلالها للبنان. الطلب الاسرائيلي اصطدم بموقف روسي حاسم مفاده انه لا مجال لأي تراجع روسي في المسار السوري لأن ذلك ينطوي على مخاطر كبيرة تجاه مسار الازمة السورية.

ازاء الرفض الروسي للمطالب الاسرائيلية راحت “اسرائيل” باتجاه محاولة تعديل القرار 1701 بحيث يتم توسيع مهام قوات الامم المتحدة العاملة في جنوب لبنان لتشمل الحدود اللبنانية السورية. ليس في الافق ما يشير ان المسعى الاسرائيلي هذا سيكتب له النجاح. فادارة ترمب كما قلنا سابقا لاتبدو متماسكة وموحدة في عدد كبير من الملفات الخارجية ولم تعد مستأثرة وحدها بالقرارات الدولية.

هذا المشهد السوريالي للكيان الصهيوني قد يدفعه الى محاولة اقناع الولايات المتحدة بتبني عدوان اسرائيلي كبير على لبنان تامل “اسرائيل” من خلاله اعادة خلط الاوراق في المنطقة. ولكن السوأل الكبير هنا هل موزاين القوى الحالية تسمح بشن هكذا عدوان.

المعطيات والمؤشرات تقول ان “اسرائيل” غير قادرة حاليا على الانتصار في اي حرب خارجية تخوضها ضد المقاومة في جنوب ولذلك هي قد تلجأ الى خطة اخرى وهي محاولة استثمار الجماعات الارهابية المهزومة في كل من سويا والعراق. فالإنتصار العسكري يستطيع القضاء علىالآلات الحربية، غير أنه يقف عاجزاً أمام الاعتبارات المذهبية أو السياسية أو الاجتماعية التي تؤمن “البيئة الحاضنة والداعمة” لهذه المجموعات الجاهزة في كل لحظة لتغيير لونها وجلدها حسب الطلب. وهنا مكمن الخطر الذي يجب على الجميع الانتباه له .

* نبيل المقدم – رأي اليوم .

مقالات ذات صلة