الخطأ في فهم عقلية حزب الله هو الذي أدى الى تحول هذا التهديد المحدود الى التهديد الأكبر الذي يواجه اسرائيل

 

مقالات | 4 سبتمبر | مأرب برس :

بقلم: موشيه آرنس :

 في الحملة الانتخابية لسنة 1999 تعهد اهود باراك الذي تنافس امام بنيامين نتنياهو وفاز عليه، بسحب الجيش الاسرائيلي من المنطقة الامنية في جنون لبنان. كرئيس للحكومة ووزير للدفاع نفذ باراك تعهده وتم سحب الجيش الى خط الحدود الدولي. في الخلف تم ترك من تمت خيانتهم واهمالهم، جيش لبنان الجنوبي، الذي حارب لسنوات الى جانب جنود جيشها ضد حزب الله.

في اسرائيل تنفسوا الصعداء على أمل أنه بفضل هذا الانسحاب لن يكون هناك ضحايا آخرين في الشمال. حسب النظرية التي عرضت على الجمهور، فانه بعد الانسحاب لن يكون هناك دافع لحزب الله كي يهاجم اسرائيل، وفي كل الاحوال يكون من حق اسرائيل أن تضرب بقوة لبنان في حالة مهاجمتها. إن معرفة ذلك تكفي من اجل ردع حزب الله عن الهجوم. لقد حذر باراك من أن ارض لبنان ستهتز اذا حدث شيء كهذا، ولكن الهجمات توالت الواحدة بعد الاخرى ولم تهتز ارض لبنان.
حزب الله لم يعد ما أملوا أن يكون. لقد كبر هذا التنظيم وتقوى واستمر أن يكون عدوا لدودا لاسرائيل. التهديد المحدود، المتمثل باطلاق صواريخ الكاتيوشا على المستوطنات على طول الحدود الشمالية تحول في الـ 17 سنة الماضية الى خطر حقيقي يهدد كل مواطني اسرائيل وسكانها – مع اقامة مخزون يزيد عن 100 ألف صاروخ وقذيفة توجد لدى حزب الله، التي وجهت نحو اسرائيل. هذا يمثل التهديد الحقيقي اليوم لاسرائيل.
اسرائيل حصلت على رسالة للتهديد المتزايد بعد ست سنوات من الانسحاب، في حرب لبنان الثانية في 2006، التي قتل فيها 120 جندي و44 مدني، وأصيب فيها أكثر من ألفي شخص. التهديد ازداد عدة مرات منذ ذلك الحين، وتزداد أهميته بشكل خاص على ضوء وجود قوات حزب الله وايران في سوريا.
كيف حدث أن مكنت حكومات اسرائيل لتهديد محدود على الحدود الشمالية أن يتحول الى خطر هام لدولة اسرائيل كلها.
كل شيء بدأ مع الانسحاب من المنطقة الامنية في جنوب لبنان. نظرية بن غوريون التي تقضي بأنه يجب أولا تأمين أمن مواطني الدولة تم التخلي عنها. لم يعلن أحد عن تغيير السياسة، ولكن بصورة تدريجية وتقريبا دون أن يشعر أحد به تغيرت نظرة اسرائيل للاخطار التي يواجهها السكان المدنيون. التغيير عبر عن الشعور بأنه يؤلمنا أكثر فقدان الجنود من فقدان المدنيين.
 الانسحاب لم يمنع حزب الله من العمل ضد اسرائيل، بل خلق صورة بأن المنظمة سجلت لنفسها نصرا. حثها على تحقيق انتصارات اخرى، الامر الذي قاد الى سيطرة حزب الله على لبنان. كان هذا هو نتيجة قراءة خاطئة للمنطق الذي يحرك حزب الله، والذي كان وما زال منظمة ارهابية تهدف الى القضاء على اسرائيل، منظمة يؤمن قادتها بأنهم ينفذون أوامر الله (لا تشبه حماس)، ليس من السهل اقناعها بالتنازل عن هدفها. الاعتماد على الردع – الذي في كل الاحوال ليس سوى وجهة نظر غير دقيقة وضبابية عندما يدور الحديث عن منظمة ارهابية – لا معنى له تقريبا.
في الوقت الذي اعتقد فيه متخذو القرارات في اسرائيل على مدى سنوات بأنهم يردعون حزب الله عن الهجوم، وأن مخزون الصواريخ القذائف الموجودة لديه سيصدأ ويصبح خردة، نجحت المنظمة في الوصول الى وضع تردع فيه اسرائيل عن القيام بعملية هدفها تدمير مخزن السلاح الكبير الموجود لديها. صواريخ حزب الله اليوم هي التهديد المباشر والاهم لاسرائيل.
لا توجد طرق بسيطة لمواجهة تهديد كهذا، لكن من المهم أن ندرك الاخطاء التي ارتكبتها اسرائيل في تصرفاتها امام حزب الله في الماضي. هذا الوعي هو جزء من السبيل للتعامل ومواجهة التهديد الحالي.
هآرتس  4/9/2017 .

مقالات ذات صلة