الوحدة اليمنية الأهمية الإستراتيجية وازدواجية المؤامرة (كتب المحرر السياسي لوكالة الأنباء اليمنية (سبأ))

مارب – برس [13/ديسمبر-كانون الاول/2015]

في رسالته لمجلس الأمن بتاريخ الخامس من الشهر الجاري 2015م أكد الأخ محمد علي الحوثي رئيس اللجنة الثورية العليا على أهمية وحدة اليمن وسلامته الإقليمية وهو ما أكدته قرارات مجلس الأمن بهذا الخصوص دون استثناء .

والواقع اليوم أن الوحدة اليمنية تتعرض لمؤامرة مزدوجة داخلية وخارجية .. فعلى المستوى الخارجي تتعرض هذه الوحدة الفتية لمؤامرة إقليمية خاصة من الدول التي ناصبتها العداء من أول يوم لتحقيقها وفي مقدمة ذلك السعودية إذ يروق لها ولغيرها من عدد من الدول الإقليمية أن ترى اليمن دويلات هزيلة ومفككة يسهل السيطرة عليها وتطويعها لمصالحها الإقليمية ، والأدهى والأمر من ذلك هو الخطر الداخلي الذي يتهدد مصير هذه الوحدة ويتم تغذيته من الخارج وهو ما نلاحظه الآن من سير البلاد نحو التجزئة والتشطير بأيدي أبنائها بعلم وفهم وإدراك لما يقومون به من مؤامرة تتهدد مصير وحدة البلاد وسلامة أراضيها .

لقد مرت الوحدة اليمنية بمنعطفات خطيرة منذ قيامها لكنها لا ترقى إلى مستوى الخطورة التي تمر بها اليوم ، لقد بات التشطير والتجزئة هدفا لبعض القوى السياسية المنفذة لأجندة خارجية دون أن تعي أنها ترتكب جريمة بحق التاريخ اليمني الحديث والمعاصر.

وبنظرة موضوعية ومنصفة نرى انه من الضرورة بمكان النأي بالوحدة اليمنية بعيدا عن الصراعات الحزبية الضيقة وجعلها قاسما مشتركا يتصارع تحت سقفها جميع فرقاء العمل السياسي في البلاد والعمل على تقويتها وتجذيرها في بنية المجتمع اليمني وغرس قيم الوحدة في نفوس أبناء الوطن كافة .

إن الحفاظ على الوحدة اليمنية أمانة تاريخية يتحملها كافة أبناء الوطن في صون وحدة قدر لها أن تتم بطريقة سلمية في الـ 22 من مايو 1990م أذهلت العالم وحيرت الباحثين والمتابعين والمراقبين الذين وقفوا يتابعون اليمنيين وهم يؤسسون لتجربة فذة وفريدة في معالجة إشكالية الوحدة اليمنية بعقلانية وهدوء مستحضرين في ذلك تراث حضاري كبير ضارب جذوره في أعماق التاريخ اليمني .. وكان لهم ما أرادو وتحققت لهم وحدة الوطن والتأم الشمل وانتهى التشطير إلى غير راجعة وأصبح ماض مؤلم يتم تذكره بمرارة.

ثمة قول حكيم يتردد صداه في ربوع الوطن اليمني مؤداه أن إعادة تحقيق الوحدة اليمنية يعد ابرز حدث في تاريخ اليمن الحديث المعاصر لأن المسألة لا تتعلق بإزالة براميل التشطير ورفع علم الوحدة فحسب بل تعدى ذلك ليمس مستقبل البلاد وتطورها مرورا بنمط حياة الفرد وأسلوب معيشته وطريقة تفكيره وصولا إلى جيل الوحدة ممن قدر لهم أن يبصر النور والوطن قد اتحد أرضا وإنسانا .

واليوم وبعد مرور ربع قرن من الزمان على إعادة تحقيق الوحدة اليمنية وما يفترض تبعا لهذه المدة الزمنية أن تكون الوحدة قد تجذرت في النفوس كفعل إيجابي حدث في البلاد نسمع ونرى مع الأسف أصواتاً نشاز ترتفع هنا وهناك بين الفينة والأخرى لتمس منجز الوحدة السامي ويعود التشطير كواقع بغيض تنتصب براميله أطراف ما كان يسمى نقاط تماس بين الشطرين ولترجع تبعا لذلك نقاط ومحاكم التفتيش والتموضعات العسكرية والتوجسات الأمنية والاستخباراتية وتصنيف المواطنين إلى مع وضد وعملاء وخونة .. تلك الأصوات ارتفعت لتحاكم وتمس منجز الوحدة الذي أخذ من صفة الفضيلة في كل الأديان السماوية والفعل الإيجابي من كل دساتير وقوانين العالم .

لا أساس ولا مبرر ولا قناعات لدى دعاة الانفصال لمحاكمة الوحدة كفعل إنساني سامي سواء نزاعات أنانية ضيقة ومصالح شخصية وارتهان لقوى خارجية أعمت بصرهم وبصيرتهم لتمتد الإساءة لوحدة الوطن فاخر اليمانيون العالم كله بتحقيقها.
صحيح هناك أخطاء حدثت بعد تحقيق الوحدة لكن ليست في الوحدة وإنما الخطأ يرتكبه البشر في تفسيرهم ونظرتهم للأمور وتوقعاتهم للأشياء واحتمالاتهم فيما يجب أن يكون ولا يكون وربما انانيتهم وحبهم للسلطة واجتهاداتهم الشخصية في حل كثير من القضايا والمعضلات .. أما الوحدة فلا يجب أن تمس هامتها ولا يخدش كبرياءها وان يتم الحديث عنها بكل ما هو إيجابي وجميل .

واليوم والوحدة اليمنية التي أكملت ربع قرن من عمرها يجب أن نقف منها موقفا يتسم بالمهابة والاحترام لهذا المنجز العملاق الذي لم يأت بمحض الصدفة وإنما كان حصيلة لنضال طويل وشاق خاضته كوكبة لامعة من أبناء الوطن وسعت إليه بكل غالِ ونفيس وآمنت إيمانا حقيقا أن مستقبلا مشرقا للوطن وأبنائه مرهون بتحقيق هذا المنجز العظيم الذي فتح آفاق رحبة أمام طموحات وأحلام أبناء اليمن.

مقالات ذات صلة