ماذا حققت ثورة اليمنيين في 21 سبتمبر عام 2014 في تاريخ الشعوب ؟

مقالات | 21 سبتمبر | مأرب برس :

العميد المتقاعد شارل أبي نادر :

صحيح أن ثورة اليمنيين في21 سبتمبر عام 2014، والتي قامت على أسس ومبادىء الحرية والكرامة ورفض التبعية والارتهان والوصاية الخارجية، لا تختلف عن الكثير من الثورات عبر العالم ماضيا وحاضرا، فجميعها تقريبا تنشد هذه المبادىء والقيم، وجميعها تشبه بعضها لناحية الوصول إلى خواتيم سعيدة أو غير سعيدة، حيث يوَفق أبطالُ بعضها و يفشل آخرون، ولكن تبقى هذه الثورة – ثورة 21 سبتمبر عام 2014 في اليمن – علامة فارقة ومفصلا مضيئا في تاريخ الشعوب مدى الزمن.

أهداف ثورة 21 سبتمبر

قامت هذه الثورة في اليمن على خلفية البحث عن قرار وطني مفقود، فالرئيس المخلوع عبد ربه منصور هادي لم يكن يمثل سوى رجل الخارج في اليمن، وخاصة رجل المملكة العربية السعودية، وكانت حكومته غائبة في قراراتها عن كل ما يحفظ سيادة الدولة ومصالح الأمة وحقوق الشعب.

– لم يكن للدولة اليمنية أي قرار مستقل يمكن ان يُمَيز وكأنه قرار يمني، فالسياسة الخارجية تابعة لسياسة المملكة العربية السعودية، ولا مواقف يمكن أن تنسب لدولة اليمن في المنابر والمؤسسات الدولية، والموقف الوطني السيادي الخارجي مغيب وضائع، وفي الداخل كانت الفوضى السياسية تعم مؤسسات الدولة الدستورية، وحقوق أغلب مكونات النسيج اليمني مفقودة أو مهدورة، ولا وجود لنظرة عادلة أو لمواقع متكافئة بين أغلب ثقافات ومجموعات اليمن المتنوعة.

– الحكومة كانت فاشلة ومقصرة في استغلال ثروات اليمن الطبيعية، وهي ، تنفيذا لأوامر وإملاءات الخارج القريب، كانت مستقيلة عن لعب دورها في الاستفادة من خيرات ما وهب الخالقُ اليمنَ من ثروات ضخمة في نفطه أو غازه أو معادنه وما شابه،  والسبب هو إملاءات و تقييدات من الجار القريب شمالا، الذي كان يعرقل ومن خلال نفوذه في الاقتصاد العالمي، أية محاولة دخول لشركات تنقيب واستخراج وتوزيع عالمية لكميات النفط أو الغاز الهائلة في أرض اليمن، وكأن هذا الجار يعتبر أن هذه الثروات المدفونة في أرض اليمن هي مخزونه الاحتياطي الاستراتيجي، والتي سيستولي عليها متى شاء، خاصة وأنه طالما اعتبر أن حكومة هذا البلد كانت وستبقى دمية في يده.

– الحكومة كانت عاجزة وبامتياز عن الاستفادة من موقع اليمن الاستراتيجي، وهي أيضا، وتنفيذا لإملاءات خارجية قريبة، كانت تحجم عن استغلال موانىء وسواحل وجزر اليمن من ضمن مفاهيم ومتطلبات التجارة العالمية في سبيل تعزيز حضور اليمن التجاري والاقتصادي، وذلك لمصلحة موانىء وسواحل المملكة العربية السعودية على البحر الأحمر أو موانىء وسواحل دول خليجية أخرى في محيط اليمن.

– الحكومة كانت عاجزة عن ضبط الساحة الداخلية، أمنيا واجتماعيا، وكانت قد بدأت اصابع التكفير والارهاب تضغط على الساحة اليمنية، تلك الساحة التي ظهرت مُشرّعةً لدخول العديد من الحركات الإرهابية من الخارج القريب حيث المعابر غير ممسوكة وغير آمنة، وبسبب ضعف السلطة وارتهانها لهذا الخارج القريب.

 إنجازات ثورة 21 سبتمبر

لا يمكن أن نفصل إنجازات ثورة 21 سبتمبر عام 2014 في اليمن عما تبعها من إنجازات فرضت نفسها بعد الانتصار الذي حققه اليمنيون في الحرب الظالمة التي شنت عليهم على خلفية تلك الثورة، ويمكن القول ان هذه الثورة قد كسرت عدة مفاهيم كانت سائدة عبر التاريخ، وخلقت مفاهيم أخرى سوف تُحفر في صفحات التاريخ وذلك كالتالي:

كسرت مفهوم البلد الضعيف المرتهن للدول القوية وخلقت مفهوم البلد الصامد الثابت الواثق المنتصر غير المرتبط إلا بقوة وبعنفوان شعبه.

كسرت مفهوم الهيمنة الخارجية المفروضة على الدول الفقيرة والتي كانت تبدو وكأنها منزلة ولا يمكن اعتراضها أو الوقوف بوجهها، وخلقت مفهوم ” السيادة تُفرض فرضا ” و ” الكرامة تُنتزع انتزاعا ” و ” الحرية تُسحب سحباً من أعناق المتسلط الظالم “.

كسرت مفهوم: ” الجيش الضعيف غير المجهز بقدرات وبأسلحة متطورة سوف يخسر الحرب، وكل جيش لديه امكانيات وقدرات عسكرية ومالية ضخمة سوف يربح الحرب “، وخلقت مفهوما سوف يذكره التاريخ دوما وهو: ” أن الحرب يربحها فقط من يثبت بإيمانه بالله سبحانه وتعالى وبولائه لوطنه ولشعبه وبالتزامه بمبادىء الحق والقانون والكرامة والحرية والعنفوان.

كسرت مفهوم: ” الجيش المتواضع المرتبطة قوته بما تقدمه له جيوش متطورة سيبقى مرتهنا لها ولقرارات حكوماتها، وخلقت مفهوم: ” كل جيش مؤمن بعقيدته وبوطنه يستطيع ان يصنّع اسلحة متطورة وقدرات صاروخية لافتة من إمكانيات متواضعة، وكل جيش، بصبره وبالتزامه، لديه القدرة أن يصنع ويطور أسلحة وقدرات عسكرية تفوق وتضاهي بفعاليتها في الميدان، قدرات الجيوش الغنية صاحبة الإمكانيات الكبيرة.

 وأخيرا … ستبقى ثورة 21 سبتمبر في اليمن علامة فارقة في تاريخ الشعوب والجيوش، وستبقى معركة حماية هذه الثورة وانتصار الجيش واللجان الشعبية في اليمن بمواجهة جحافل القوى العالمية المتسلطة، عبرة في تاريخ الدول والأوطان، وحكاية في وجدان المناضلين والمقاومين عن الكرامة والسيادة والحرية التي يفرضها الإيمان والصمود والثبات والصبر.

مقالات ذات صلة