الوحدة اليمنية قضية شعبنا الخالدة

مقالات | 25 اكتوبر | مأرب برس :

بقلم / أنس القاضي :

لم تكن الوَحدةُ اليمنية من بعد إعادة تحقيقها مهددةً، كما هي اليوم، بمشاريع التمزق والتفكك التي يتزعمها تحالف العدوان؛ لأطماع توسعية خليجية، وأطماع استعمارية إمبريالية أمريكية بريطانية، المتشابكة بالطموحات الصهيونية في البحر الأحمر.

 

كان الهدف الاستراتيجي للحركة الوطنية اليمنية هو إعادة تحقيق الوحدة، ولم يتغير، جاءت حرب 94 الظالمة وتشكّلت القضية الجنوبية العادلة، كحدث عارضٍ في مسار الوحدة اليمنية، تتطلب من القوى الوطنية إصلاح هذا المسار الوحدوي على أسس ديمقراطية عادلة.

 

ولم تأتِ القضية الجنوبية بحقائقَ منافية للتأريخ، عن وحدة اليمن الأُم، ولا بمتغيرات تبطل ضرورات الوحدة في عصرنا الراهن، أَوْ تمحي الضرورات التي دفعت إلى إعادة تحقيق الوحدة في عام 90م. الضرورات التي كانت هي القانون المحرك، لكل النضالات التأريخية في العصر الحديث، والصراعات القديمة بين الدول الاقطاعية التي سعت كُلٌّ منها لوحدة اليمن، وقد نجحت منها الدولة القاسمية والرسولية والصليحية والطاهرية والقرمطية باختلاف مدارسهن الفقهية: الزيدية والشافعية والأشعرية والصوفية والإسماعيلية، ومن مختلف عواصمهن، صنعاء، تعز، جبلة، البيضاء، ومن التي بدأت في الجنوب وتوسعت شمالاً أَوْ التي بدأت في الشال وتوسعت جنوباً، وهذه النزعات الوحدوية والمساعي القديمة الجديدة لَم تكن رهناً بمزاج الحاكم، فقد تكررت بما يكفي ليتضح أنها ضرورة وأن لها قانونا اجتماعيا داخليا محركا.

 

وتأخذ الوحدة اليوم قيمتَها الاجتماعية الهامة لاقترانها بالطابع الديمقراطي الشعبي، ومصلحة الطبقة العاملة والاقتصاد الوطني في التراكم المالي، على عكس ما كانت أيام هذه الدول الاقطاعية التي جسدتها.

 

كان المفكر التقدمي اليمني عبدُالله باذيب من أبرز المدافعين عن الوحدة اليمنية في خمسينيات القرن الماضي، ويقول في مقال له بعنوان دفاعاً عن الوحدة اليمنية، الذي كتبه بتأريخ 22/12/1959م.:

 

“إن دعوتنا إلى الوحدة اليمنية ليست نزوة مؤقتة أَوْ عاطفة غامضة ولكنها دعوة وطنية صادقة عميقة يؤكدها منطق التأريخ والمفهوم العلمي للشعب الواحد، وتفرضها الروابط الأصيلة المشتركة وضرورات الكفاح المشترك.

 

إن الضمان الوحيد لإنجاز أهدافنا الوطنية في التحرر الوطني الكامل والوحدة هو ربط قضيتنا الوطنية باليمن الأم!… ولأن كانت هناك أوضاع متخلفة في الشمال فهي ليست خالدة، ولا بد لها أن تتطور وتتقدم، أما الشيء الثابت والأساسي والخالد فهو وحدة شعبنا اليمني في الجنوب والشمال!.. ليس هناك يمنان، ولا جنوب ولا شمال بل يمن واحد، وشعب يمني واحد.. عاش كفاح الشعب اليمني من أجل التحرر الوطني والوحدة اليمنية، عاشت الوحدة اليمنية طريق الوحدة العربية”.

 

بالإضافة إلى كون وحدة الشعب والوطن اليمني مصيراً تأريخياً، فالوحدة اليمنية اليوم تتعاظم أهميتها وضرورتها من أجل توطيد وحدة السوق الداخلية اليمنية. فاذا كان بالإمكان في زمن الانغلاقية للممالك الاقطاعية والمشيخيات والسلطنات أن تقوم كُلّ دويلة لوحدها على أساس اكتفائها الزراعي من أرضها وعبر تجارتها المنفردة.. فاليوم مع تعمُّم العلاقات السلعية والتطورات الاقتصادية والسياسية الدولية، فرخاء اليمن وازدهاره مشروط بوحدته واستقلاله الذي يضمن وحدة طبقته العمالية -بمختلف أقسامها- وحريتها في الحركة، ووحدة البرجوازية الانتاجية الوطنية وحرية حركه رساميلها، ووحدة الثروات الجوفية والموارد المالية، والمواقع البحرية، ووحدة جُغرافيته ذات التضاريس والمناخات المتنوعة. وتوظيف كُلّ هذه الإمكانيات في التنمية الشاملة من قبل قيادة مركزية واحدة وسياسية مالية اقتصادية واحدة.

 

كما إن مستقبل تقدم البلاد أدبيا وفنيا وثقافيا وبشتى مجالات الإبداع الإنْسَاني، يتطلب وحدةً مبدعية واغتناء تراثه الإبداعي وتطويره بمختلف ألوانه، وكل ذلك لن يكون إلا في ظل يمن حر ديمقراطي موحّد.

مقالات ذات صلة