“المستعربون” جيش الاحتلال الرديف لقمع الانتفاضة

تقارير | 23 ديسمبر | مأرب برس :

يتفنن كيان الاحتلال الاسرائيلي في ابداع طرق التعذيب والقمع التي أصبحت واقعا يوميا من حياة الشعب الفلسطيني، فمن جيش مدجج بالسلاح لايترتد مطلقا في اطلاق الرصاص الحي على مدني أعزل او حتى جريح، الى جيش رديف مدني لايقل اجراما عن الجيش العسكري وهو ما يسمى بوحدات المستعربين أو المستعرفيم.

“المستعرفيم”، هذه كلمة عبرية تعني المستعربون، وتطلق على العصابات الاسرائيلية المنظمة ضمن وحداتٍ أمنية تسمى بوحدات المستعربين والتي تأسست قبل تأسيس كيان الاحتلال حتى، منذ ايام عصابات الهاغانا والشتيرن والآرجون وكان قوامها في ذلك الوقت هم اليهود العرب وبعض المستعربين، وعملت تلك الوحدة منذ الثلاثينيات من القرن الماضي لقتل وتشريد الفلسطينيين ولكنها عادت مرة اخرى وبوتيرة مرتفعة خلال الانتفاضة الأولى .

الهيكل التنظيمي والمهام:

بحسب تنظيم قوى الأمن الاسرائيلية فان هؤلاء المستعربين يتبعون الى شرطة الاحتلال ويطلق عليهم اسم “فرق الموت” وعناصرها يعتبرون من الوحدات المنتقاة، عربيةٌ هي ملامحهم، وملابسهم، وعاداتهم وتقاليدهم، وحتى لغتهم بين الفلسطينيين يندسون ربما لدقائق أو ساعات أو أيام، وقد تمتد لشهور، وما إن تحين الفرصة على فريستهم ينقضون، والنهاية في معظم الأحوال: جمع معلومات، أو اختطاف شخصيات، أو تصفية مقاومين فلسطينيين، أو تفريق متظاهرين وتلجأ هذه الوحدات في بعض الأحيان إلا في حال مهن مختلفة كطواقم طبية أو صحفيين لتسهيل مهمتها داخل المناطق الفلسطينية.

وتتألف القوة المستعربة لجيش الاحتلال من خمس وحداتٍ خاصة، أبرزها وحدة “دوفدوفان” العاملة في الضفة الغربية المحتلة، وقد أسسها وزير الأمن الإسرائيليّ، إيهود باراك، وتنفّذ أنشطتها الرئيسية بطريقة استعرابية، حيث يقوم جنودها بالتنكّر بزي العرب والاندماج وسط السكان المحلّيين، وتقوم الوحدة أحيانًا بتنفيذ مهامّها بطريقة علنية، وهي تتواجد في استدعاء دائم للعمليات على مدار أيام السنة، لأنّها تتعامل إمّا مع عمليات تم تحديدها مسبقًا أو وفقًا للحاجة بموجب تحذيرات من الشاباك. وتتفرّد الوحدة بتنفيذ العمليات الخطرة في قلب المدن الفلسطينية.

وكذلك وحدة “شمشون” و”ريمون” العاملتان في قطاع غزة سابقاً، بالاضافة الى وحدة “يمام” التابعة لـ”حرس الحدود” والتي تكلف احيانا بمهمات داخل مدينة القدس المحتلة وأحياناً في بعض مناطق الضفة الغربية، وكذلك وحدة “إيغوز” التي تحولت من وحدة خاصة تم تشكيلها عام 1993 إلى مستعربين، والتي كانت تعمل في جنوب لبنان قبل تحريره، وفي عام 2001 اعيد نشر تلك القوات في بعض مناطق الضفة الغربية وبالقرب من مناطق المستوطنات الكبيرة، خلال عملية “السور الواقي” واجتياحات المدن الفلسطينية لاسيما اجتياح جنين ورام الله ومحاصرة الرئيس الفلسطيني السابق ياسر عرفات.

وبالاضافة الى تلك الوحدات هناك وحدات أخرى تتبع لما يسمى وحدات “الدائرة العربية” التابعة لمصلحة السجون الإسرائيلية والتي تندس بين الأسرى الفلسطينيين لنقل اخبارهم ونشاطاتهم ومن بين تلك الوحدات وهي وحدات ” البالماخ “، و” شكيد “، و “كفير “، ” مسادا” التي تقوم بقمع أي اضطرابات معقدة من جانب الأسرى، إلا أن هذه الوحدة تنفذ أحياناً مهمات خارج السجون، وخاصة في الضفة الغربية وقطاع غزة، كما أنّ أفرادها يدخلون السجون كمعتقلين ويحاولون استدراج المشبوهين الفلسطينيين والحصول على معلومات تورطهم في التهم المسنونة إليهم، وهم يُسمون بـ”العصافير”.

الخوف والصدمة النفسيّة تلاحق المستعربين حتى بعد انتهاء خدمتهم

خلال الإنتفاضة الفلسطينية الأولى والثانية وفي مسعى لتخفيض مستوى المقاومة في الأراضي المحتلة قام جيش الاحتلال من خلال وحدات المستعربين بتنفيذ المئات من عمليات الاغتيال والخطف والاعتقال، و في المقابل، يحاول الشبان الفلسطينيون التملص من فخاخ المستعربين عبر سلسلة من الإجراءات التي تعتبر الى حد ما بسيطة وتبنى على الملاحظة، ومن بين تلك الاجراءات الاتفاق مثلا بين جميع المقاومين على لبس القمصان الداخلية من الاعليى فقط خلال المواجهات بحيث يسهل مع هذا الاجراء كشف المستعربين الذين عادة ما يندسون ضمن الموجهات بسلاح فردي يضعه على خصره تحت الثياب، ومن العلامات ايضا التي تكشف وحدة المستعربين ، مشاهدة ناقلة مدنية مخصصة للاعتقال والتي تدل على تجهيز هجوم مستعربين.

كذلك لاتخلو أعمال وحدة المستعربين من الفشل، ففي عام 1992، أخطأ أحد المستعربين في تشخيص هوية زميله وأطلق الرصاص عليه أثناء ملاحقة مطلوبين في قرية برطعة الشرقية قرب جنين، بعد أن كشفت أمرهم عجوز فلسطينية.

كما اقر جيش الاحتلال تشرين الثاني (أكتوبر) 2005 بزرع (مستعربين) بين المتظاهرين الفلسطينيين ضد جدار الفصل العنصري في بلدة بلعين غرب مدينة رام الله، بعد أن كشف المتظاهرون عدداً من المستعربين الذين حرضوا بعض الشباب على رشق جنود الاحتلال بالحجارة، بل وقاموا هم بإلقاء الحجارة بأنفسهم على الجنود لتسخين الأجواء بشكلٍ متعمد، ما يوفر مبرراً لجنود الاحتلال كي يهاجموا المحتجين بوحشية، وتم كشف هؤلاء المندسين بعد أن طلب منهم بعض المتظاهرون الكشف عن بطاقات هوياتهم الشخصية، وعندما تبين أنهم لا يحملون بطاقات الهوية الفلسطينية، وأن بحوزتهم مسدسات تدخل جنود الاحتلال بسرعة وسحبوا هؤلاء المستعربين لحمايتهم.

ولعل الاخفاق الأكبر الذي منيت به وحدة المستعربين كان عام 2000 بعد أن تمكن المقاوم الفلسطيني محمود أبو هنود “ابو سبع أرواح” كما سماه الفلسطينيون من اكتشاف المستعربين واشتبك معهم، فقُتل ثلاثة جنود من الوحدة، ونجح الشهيد في الانسحاب جريحاً من قريته عصيرة الشمالية نحو مدينة نابلس عبر الجبال.

تلك الاخفاقات دفعت وسائل الاعلام الاسرائيلية للحديث صراحة عن الصدمة النفسيّة ” POST TRAUMA” والتي أصبحت مرض يعاني منه أفراد هذه الوحدات الذين يؤكدون أن عامل الخوف يواكبهم حتى بعد انتهاء خدمتهم في هذه الوحدة، والعديد من خريجي الوحدة يتقدمون بدعاوى ضدّ وزارة الأمن بهدف الحصول على تعويضات من جراء ذلك المرض.

المصدر : موقع الوقت .

مقالات ذات صلة